تقنيات جديدة وذكاء صناعى يسيطر على ساحة الصراع في غزة.. وإلا كانت النتائج كما المتوقع؟
تباينت التقنيات المستخدمة والهدف منها والنتائج التي أحدثتها، فكانت بعضها للدفاع كما زعمت إسرائيل، وكانت البعض الآخر موجهة نحو المدنيين.
تختلف هذه التقنيات عن التقنيات العسكرية القياسية المعروفة التي تستخدمها إسرائيل، فقد كانت تقنيات الحرب الحديثة موجودة قبل بدء النزاع الأخير.
حضور قوي للذكاء الصناعي
وضع الذكاء الصناعي نفسه في قلب جهود إسرائيل في الصراع على القطاع، وتم دمجه بشكل فعال في العمليات العسكرية وتوظيفه مع الأسلحةالمجموعة التي تم الاعتماد عليها لتحسين أداء العسكريين، وفي مقدمة هذه المعدات كانت دبابة “إيتان إيه بي سي” (Eitan APC)، والتي تعرف بوجود مجموعة من الأجهزة الحسية التي تستطيع مراقبة محيطها باستمرار وتنبيه الجنود الذين يتواجدون في داخلها.
تمتلك عدة مركبات مصفّحة إسرائيلية “منظومة كأس الحماية النشطة” (Trophy Active Protection System) التي أنجزتها الشركة “رافال” (Rafael) نحو بداية هذه السنة، وهي تقوم بحماية المركبة عبر رصد محيطها وإرسال التنبيهات.
دور الذكاء الاصطناعي الكبير كان من خلال استخدام الطائرات بدون طيار التي قامت برسم خرائط للأنفاق التي يستخدمها المقاومة في هجماتها المفاجئة، وهذه الهجمات التي نجحت في التفوق على أنظمة الذكاء الاصطناعي المُدمجة في المركبات المصفّحة.
“بشكل شامل، تستحوذ الحرب في غزة على العديد من التهديدات والصعوبات، ولكنها أيضًا تعرض لنا فرصًا لاختبار التقنيات الجديدة في الميدان العسكري”؛ بهذه الكلمات وصف آفي حسون المدير التنفيذي لمسرع الأعمال الإسرائيلي “نيشين سينترال” (Nation Central) أثناء مقابلته مع وكالة الأنباء الفرنسية مؤخرًا، وتابع قائلاً: “يُظهر هذا الصراع استخدام تقنيات متعددة للمرة الأولى في التاريخ”.
لم تكن إسرائيل الوحيدة التي استفادت من تقنيات الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار، بل اعتمدت حماس أيضًا عليها في مقاومة العدوان الإسرائيلي وتوجيه العديد من الضربات القوية، بما في ذلك الهجوم الذي وقع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي والذي تمكن من اختراق “القبة الحديدية” المعروفة، بالإضافة إلى العديد من الهجمات على المركبات المصفّحة والعسكريين الإسرائيليين.
“واتساب” لتحديد الأهداف بدقة
ربما كان استخدام جيش الاحتلال لتطبيق “واتساب” الشهير للتواصل الاجتماعي أحد أبرز تقنيات الهجوم الإسرائيلي، إذ تمكن الجيش من خلال الوصول إلى رسائل “واتساب” وميزة تحديد المواقع فيه لمعرفة موقع الشخص الذي يستخدم التطبيق من أجل بدء عملية الاستهداف بواسطة نظام الذكاء الاصطناعي المعروف بـ “لافندر” (Lavender) بتوجيه الضربات نحو تلك المواقع.
على الرغم من انكار إدارة “واتساب” لهذا الاستخدام والتأكيد على حياديتها، إلا أن تقارير عديدة تشير إلى استخدام ذلك فيها منها تقرير “بول بيجار” من موقع “تيك فور بلاستاين” (Tech For Palestine).
أدان العديد من منظمات حقوق الإنسان استخدام “واتساب” لاستهداف المدنيين في فلسطين، وذلك بسبب عدم قدرته على التمييز بين الأطفال أو كبار السن أو المقاتلين إلى جانب خطورة تسريب البيانات السرية من المنصة على الرغم من ادعاءه بأنه منصة مجانية قادرة على حماية بيانات المستخدمين.
دور فعال لـ “ميتا”
تعود ملكية منصة “واتساب” لشركة “ميتا- فيسبوك سابقا”، ورغم محاولات المنصة تأكيد حياديتها، لكنها انحازت للجانب الإسرائيلي وأصبحت ساقه الإعلامية من أجل تمويه الحقائق ونشر الأخبار الكاذبة.
قامت “ميتا” بالعديد من الإجراءات لضمان عدم انتشار الموضوع على منصتها أو دعمه، من خلال إيقاف الوصول للمنشورات التي تتحدث عن هذا الموضوع وجرائم الحرب في قطاع غزة.
ولم ترضى عنتوسع الشركة في سياستها بحيث تمنع أي مستخدم يشير إلى النزاع على القطاع حتى لو كانت الإشارة غير مباشرة، عبر جميع منصاتها بما في ذلك “فيسبوك” و”إنستغرام”.
وجد المُستخدمون ومُبدعو المحتوى حلولاً لتجاوز خوارزميات “ميتا” وتفاديها، من خلال وضع نقاط بين الحروف أو إزالة النقاط تمامًا من النص لجعله غير قابل للقراءة من قبل الآلة ولكن بشكل مفهوم للبشر.
تضليل أنظمة “تحديد المواقع الجغرافية” (GPS)
لجأت إسرائيل بعد ذلك إلى تعزيز حماية مواطنيها بشكل أكبر من خلال استخدام منظومة عالمية لتضليل نظام تحديد المواقع بدقة “جي بي إس” (GPS)، لكي تظهر المنشآت الحساسة والمستخدمين والطائرات في مناطق لبنان بعيدًا عن مواقعها الحقيقية في إسرائيل.
يرى همفريز -الذي هو أستاذ في كلية تكساس للهندسة الجوية- أن استخدام تقنيات للتضليل “جي بي إس” بدلاً من التشويش عليه بشكل كامل هو أمر فريد ولم تتبعه أي دولة من قبل بالإضافة إلى كونها دولة حليفة للولايات المتحدة الأمريكية، وأشار إلى أن روسيا قامت بخطوة مماثلة من خلال تشويش إشارات الشبكة بشكل كامل في أوكرانيا، لكنها لم تتجاوز مثلما فعلت إسرائيل.
محاولات بلا جدوى
تضمن ترسانة الجيش الإسرائيلي العديد من الأسلحة التقنية التي تستطيع ردع المقاومة بسرعة، أو على الأقل هكذا اعتقدت القيادات، لكن قام مقاتلو قطاع غزة بإثبات أنهم عقبة يصعب تجاوزها بسهولة حتى بوجود التكنولوجيا الإسرائيلية الأكثر تطورًا.
وعلى الرغم من جهود “ميتا” المستمرة في تقييد التحقيقات الصحفية والتلاعب بالأخبار، إلا أن ذلك لم يكف لمنع تداول المعلومات في جميع أنحاء العالم وحتى في الجامعات الأمريكية التي شهدت موجة احتجاجات حديثة على جرائم الحرب في غزة.