تولى الكتابة والتوجيه والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر في فيلم “قمر متمرد”؟

By العربية الآن

تولى الكتابة والتوجيه والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر في فيلم “قمر متمرد”؟

قمر متمرد - الجزء الثاني: الجراح
البوستر الترويجي لفيلم “قمر متمرد- حافرة الندوب” (الجزيرة)

ليست النجاحات الفنية مرتبطة دائمًا بالإيرادات العالية، فقد يؤثر رأي الجمهور بشكل كبير على شعبية الأعمال الفنية، ويمكن للفنانين تغيير هذه الديناميكية بمواهبهم.

رُبط اسم المخرج زاك سنايدر بعدة مشاريع نالت انتقادات قاسية – بما في ذلك أعماله ضمن عالم “دي سي” للأبطال الخارقين- لكن فيلمه “قمر متمرد- جزء 1: طفلة من رحم النار” (Rebel Moon- Part One: A Child of Fire) حقق نجاحًا كبيرًا، مما أدى إلى بدء سلسلة جديدة على منصة نتفليكس.

زاك سنايدر يشارك في الجزء الثاني من فيلم “قمر متمرد- جزء 2: حافرة الندوب” (Rebel Moon- Part Two: The Scargiver) كمخرج ومؤلف ومنتج ومدير تصوير، ويعمل مع نفس طاقم الممثلين من الجزء الأول، مثل صوفيا بوتلة وإد سكرين وتشارلي هونام ودجيمون هونسو وأنتوني هوبكينز الفائز بالأوسكار في أداء صوتي للشخصية الروبوتية جيمي.

زاك سنايدر يشارك في “قمر متمرد- حافرة الندوب” مخرجا ومؤلفا مشاركا ومنتجا ومدير تصوير (المصدر: آي إم دي بي)

قمر متمرد وتجانب أفرانه

تدور أحداث “قمر متمرد” في الزمان اللاحق، حيث يحكم “الكروة الأم” العالم المتناثر بَينه وبينها بقبضة قاسية تمد أذرعها الطويلة لتمتد إلى كل الأقمار والكواكب والأجرام السماوية، ويبدأ الفيلم الأول في قمر “فيلدت” الذي يعيش سُكَّانه من الفلاحين البسطاء حياة سعيدة، ومع وصول مركبة فضائية تحمل قوة الكروة الأم، تتعرض هذه السعادة للخطر عندما يُطالبون بتسليم محصولهم من الحبوب أو يواجهون الموت.

وتقف المشاهد التالية أمام الشابة كورا (صوفيا بوتلة) التي تعيش في فيلدت، بعد قضاء فترة طفولتها وشبابها كجندية في قوات الكروة الأم، قبل أن تُقرر الهروب إلى الخفاء.

تورطت كورا في نزاع لنجدة سيدة، وبعدها فرت من القمر لتجمع على مدار الجزء الأول فريقا من الثوّار والمقاتلين للمساعدة في المحافظة على قمرها العاصية، وانتهى الجزء الأول من الفيلم بعودة كورا وأصدقائها إلى فيلدت.

الهيكل الخاص بمشروع فيلم “قمر متمرد” متشابه إلى حد بعيد بسلسلة أفلام “حرب النجوم” (المصدر: نتفليكس)

أُعلن عن انطلاق مشروع فيلم “قمر متمرد” بفكرة قدّمها سنايدر لإحدى أعمال سلسلة “حروب النجوم” البارزة، لكن احتكار “ديزني” للشركة الحاوية على حقوق السلسلة أدى لإفشال المشروع قبيل موعده، مما استلزم انتظار المُخرج لفترة طويلة، قبل أن يراجع الفكرة لشبكة “نتفليكس” التي كانت المموّل الأساسي للفيلم وأخرجته إلى جزئين، مع الإعلان عن قرابة ثالث قادم، وتجتمع التوقعات على أن يتمّ تمديد هذه الثلاثية إلى سِتّة أفلام كاملة.

يُمكن إلقاء مُحاذاة بين العمل وسلسلة “حروب النجوم” من البداية، ليس فحسب لأن كل من المشاريعين يندرجان تحت نوعية “أوبرا الفضاء” – أي أفلام الخيال العلمي الضخمة التي تجري في الفضاء-، ولكن الهيكل ذاته يُشير إلى التشابه الكبير، من خلال الصراع الواضح بين الخير والشر، والأحداث التي نُفّذت في مناطق نائية من المجرة، وحتى التشابه في استخدام السيوف الليزر والطابع العسكري للشر والوجه البسيط للخير.

يُمكن اعتبار “قمر متمرد” كذلك نوعاً من النسخة الفضائية لملحمة “الساموراي السبعة” للمُخرج الياباني أكيرا كوراساوا التي تمت إعادة إنتاجها في مجموعة من التصورات طوال السنوات، منها العمل المصري “شمس الزناتي”، فكورا قضت الجزء الأول من السلسلة في تجنيد فريق من المحاربين المميزين، واتّفق الجزء الثاني على المواجهة المنتظرة.

زاك سنايدر يبحث عن ضجيج

ليس من المكروه أن يُتأثر المُخرج بأفلام سابقة طالما عكف على خلق تأثيره الخاص، لهذا ينبغي البحث في هذه السلسلة عن الإثر الخاص بسنايدر، الذي يُمثل في جانبين، أحدهما سلبي والآخر إيجابي.

يشتهر سنايدر بالمعارك الطويلة الضخمة، كما يبرز ذلك في أعماله لأبطال القصص الخيالية، حيث تُستهلك المعركة النهائية وقتًا طويلا على الشاشة بتقليبات عدة في توازن القوى بين الفائز والخاسر، وفي الجزء الثاني من فيلم “قمر متمرد” يتخذ الصراع الأخير نحو 45 دقيقة (أي أطول من ثلث وقت الفيلم)؛ قد تظهر هذه الفترة طويلة نسبيًا، إلا أنها، عِند تقديمها ضمن إطار تلك اللقطات الأفضل التي قدّمها الفيلم، فإنها تُعدّ ميزة وليست عيبًا.

أفضل ما قدمه سنايدر في الفيلم هو مجانب التصوير (نتفليكس)

وصلنا إلى العيب المتكرر والسلبي في إبداعات سنايدر، الذي يظهر في عدم قدرته على بناء عمل متماسك بعيدًا عن مشاهد الحركة، فنجد أن الساعة وربع الساعة الأولى من الفيلم ليست سوى تحضير للقتال النهائي، ليس فقط من حيث الأحداث والتدريبات وإنما أيضًا من حيث السيناريو الذي لا يقدم شيئًا إلا وعدًا بمشاهد قتال مذهلة.

لنأخذ على سبيل المثال مشهدًا طويلًا يروي فيه كل مقاتل من الساموراي قصصا من ماضيهم عن أفعال قاموا بها وندموا عليها، ثم نعود بالفلاش باك إلى خلفيات المقاتلين التي عرفناها بالفعل في الجزء الأول، ومن هنا نجد أن الجزء الثاني -بشكل عام- لم يكن له مبرر حقيقي، وكان من الممكن إضافة القتال النهائي إلى نهاية الجزء الأول لتقديم عمل أكثر تماسكًا ومنطقية.

زاك سنايدر يحمل عزيمة قوية على أنه مخرج وكاتب قادر على إنتاج أفلام ستصمد أمام الزمن وتصبح رموزًا سينمائية، تشابه ما فعله جورج لوكاس مع سلسلة “حروب النجوم” أو جيمس كاميرون مع سلسلة “المدمر”، ويتبع في هذا النهج يبحث عن الضخامة سواء في الإنتاج أو القصص أو حتى طول الأفلام، ومع كل عمل جديد -أو كل فرصة تضيع- يتبين أن توقعاته عن نفسه تفوق قدراته الفعلية.

يبقى أن أفضل ما قدمه زاك سنايدر في الفيلم هو عامل التصوير، سواء في مشاهد الحركة النهائية أو حتى التدريبات والاستعداد، أما أكبر عيب فهو السيناريو الذي لم يقسم القصة بشكل مناسب عبر الأجزاء، حيث جرت في صناعة أفلام ناقصة.

المصدر : الجزيرة



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version