تونس.. فنون الخط العربي تستعيد جمالياتها العريقة
<
div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content css-1vkfgk0″ aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>بينما تتجول في القصور التاريخية للبايات أو في مساجد تونس القديمة، ستلاحظ أن الخزف والزخارف الفنية والخط العربي يزينان كل زاوية من زوايا هذه المعالم. إذ لم يقتصر فن الخط العربي على استخدامه في المحامل الخشبية أو القماش فحسب، بل أصبح جزءاً لا يتجزأ من عمارة تونس القديمة، حيث تزينت بها بعض البنايات الحديثة أيضًا. ويعود أقدم النقوش إلى جامع عقبة بن نافع بالقيروان، الذي يعود تاريخه إلى عام 256 هجري.
تعد المساجد التونسية شاهداً على الهوية الثقافية التي يعبر عنها فن الخط العربي، حيث أبدع في هذا المجال العديد من الخطاطين. نقوش متحف تونس تشهد على الفنون العربية، مما جعل تونس تُسجل الخط العربي في عام 2021 ضمن قائمة التراث اللامادي للإنسانية لدى اليونسكو.
خطوط عثمانية وأندلسية
أوضح الخطاط عمر الجمني أن بداية حركة الخط العربي في تونس كانت في القرن الثاني والثالث الهجري، خلال عصر الأغالبة في القيروان. ثم تلتها عصور أخرى منها فترة بن زيري والحفصيين الذين استعملوا الخط الكوفي في عمارة المساجد. بعد ذلك، أدخل العهد الأندلسي والعثماني أنماطاً جديدة من الكتابات، منها الخط الثلث والنسخ الذي زين أبواب المساجد والمنازل.
وأشار الجمني إلى تأثير الأندلس في الخط العربي، حيث استخدمت أنماط مثل المبسوط الأندلسي والثلث المغربي حتى استبعاد التدريس الإسلامي من جامع الزيتونة في الستينيات. ومع تغييرات المناهج التعليمية، بدأ الخط التونسي في التراجع، لكنه شهد انتعاشًا في السنوات الأخيرة حيث استعاد الخطاطون التونسيون تراثهم.
في تونس، يستمر الخطاطون في استخدام الخط العربي في المساجد والقصور حيث لا يزالون يكتبون المصاحف بأجمل الخطوط. ويعكس هذا الفن العمق التاريخي والثقافي الذي يحمله، كما أن عددًا من الخطاطين التونسيين تميزوا بأساليبهم الخاصة.
فن عالمي
يوجد في تونس مركز متخصص وهو “المركز الوطني لفنون الخط”، الذي أُسس في عام 1994 بهدف حماية الفن وتطويره.
كما تمكن عدد من الخطاطين من جعل فنهم يشع على الساحة العالمية، ومن بينهم نجا المهداوي الذي درس الفنون الجميلة في أكاديمية سانت أندريا بروما، مما يبرز الأهمية العالمية لفن الخط العربي التونسي ويؤكد استمراريته وتطوره.
فنون الخط العربي في تونس
تلقى الخطاط نجا تدريبات أكاديمية في باريس في المدينة الدولية للفنون، حيث أثبت إبداعه في العديد من المعالم المعروفة مثل واجهة مسجد الجامعة بجدة وأعماله القيمة لشركات عالمية. تُعرض لوحاته وجدارياته في أكبر المتاحف مثل المتحف البريطاني ومتحف سميثسونيان في واشنطن.
### مؤلفات المهداوي
أصدر المهداوي عدة مؤلفات، من بينها “كتاب الألف” الذي يتناول نصاً ثنائياً باللغة العربية والفرنسية، و”فن الكوليغرافيا”، بالإضافة إلى كتب أخرى.
### مسيرة محمد نجيب الزعلوني
تخصص الخطاط محمد نجيب الزعلوني في كتابة القرآن الكريم. وُلِد في 1962 واكتُشفت موهبته منذ الصف الابتدائي، حيث نصحه أحد معلميه بالالتحاق بمعهد الفنون. تميز الزعلوني في رسم الخرائط، مما دفعه للالتحاق بمعهد تاريخ العسكر والثقافة والإعلام لدراسة هذا المجال.
غادر الزعلوني الحياة العسكرية ليبدأ مسيرته المهنية في الصحف، حيث كتب بالخط العربي. ساهم في عدة إدارات مركزية ودار نشر، كما تأثر بخطاطين مشهورين وتعلم أصول الخط العربي وقواعده المختلفة.
### إبداع الزعلوني في كتابة القرآن
استغرق الزعلوني 3 أشهر لكتابة دستور 2014 بخط اليد وهو الأول من نوعه. أصبح متخصصاً بالفعل في كتابة القرآن، مستخدماً أساليب تجعل قراءة الخط أكثر سهولة. وبحسب ما ذكره، هناك عدد قليل جداً من الخطاطين في تونس يكتبون القرآن بالخط العربي يدوياً، وتخضع نسخه للرقابة الدقيقة.
### خطوط تونسية متنوعة
امتد إبداع الخطاطين في تونس ليشمل العديد من المحامل، من الجدران إلى السجادات. يُعتبر سامي غربي من أشهر الخطاطين في تونس، حيث أبدع في استخدام الخط المغربي والكوفي، وأسس خطاً خاصاً به يُعرف باسم “الخط البنزرتي”. لقد بدأ مسيرته في الخط العربي بعد الأربعين، بعد أن كان موسيقياً ولديه مهن أخرى بعيدة عن الفن.
### المدرسة الزيتونية ودورها في الخط العربي
حظي الخط العربي في تونس بالاهتمام المتزايد مؤخراً، بعدما تم الإعلان في مارس 2023 عن مشروع المركز العالمي لفنون الخط، الذي يستهدف النهوض بالبحث والتنمية في هذا المجال. سيتم تجهيز المركز بقاعات للمؤتمرات وورش عمل ومتحف خاص بالخط العربي، مما سيساهم في الحفاظ على التراث الثقافي ويجعله مركزاً لجذب المهتمين بالثقافات الأخرى.