ثلاث نساء مصريات يُسهمن في حفظ مقام ولي ويحوّلن منزلاً إلى “خان صديقة”
<
div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content” aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>
الأحلام عادة ما تقودنا نحو مسارات غير متوقعة، فكانت تلك أشبه بالرؤى التي تدفع الأفراد للتوجه إلى وجهات لم يعهدوها. هذا ما حدث مع “أم مجدي”، التي كانت رائدة على طريقنا إلى “خان صديقة” في حي القلعة بالقاهرة.
تتجلى قصة ثلاث نساء، الجدة صديقة، الأم “أم مجدي”، والحفيدة “عزة عبد العزيز”، اللواتي تجمعت خيوط حياتهن حول منزل قديم في “4 درب اللبانة”. أُقيم هذا المنزل على أنقاض ضريح متهدم كان مجهول الهوية، حيث قررت الحكومة سابقاً هدمه. ولكن، بعد رؤية راودت الجدة صديقة، قررت الحفاظ على الضريح بعد أن زارها صاحب المقام وأذن لها بالإبقاء عليه.
استمر المنزل القديم المطل على مسجد السلطان حسن، ونجح في التحول إلى “خان صديقة” بفضل جهود الحفيدة عزة عبد العزيز.
خريجة الجامعة الأميركية تحقق الحلم القديم
عاشت عزة عبد العزيز معظم حياتها بعيداً عن بيت جدتها، حيث تخرجت من الجامعة الأميركية في القاهرة وتزوجت لتخصص وقتها لتربية أطفالها. لكن رغم كل ذلك، كان هناك ارتباط دائم بينها وبين البيت في “درب اللبانة”، إذ تتذكر طفولتها وقصص أمها وعطر البخور الذي يملأ المكان والهواء المنعش الذي كان يدفق عليه في الصيف.
عند بلوغها الخمسين من عمرها، شعرت الجذبة مستمرة نحو ذلك المكان، حتى استطاعت شراء نصيب الورثة جميعاً لتصبح المالكة الوحيدة للمنزل.
لكن بعد مرور تلك الأجيال، كانت حالة المنزل ومقام الشيخ المجهول سيئة جدًا، مليئة بالمهملات في السطح والقبو. وعندها قررت عزة البدء في ترميم المنزل، لكنها لم تكن تدرك الغرض من هذه الخطوة.
قالت عزة للجزيرة نت: “عندما فكرت في البداية، كنت أنوي إصلاح السطح للإفادة منه في أنشطة ثقافية وتراثية، ولذا قررت الاستعانة بمقاول البناء، لكن لدى زيارته الأولى للمنزل، توقف عن السؤال مؤكداً الأمور الأخرى.”
من صاحب الضريح المجهول؟
### التساؤلات حول هوية الضريح
تعيش عبد العزيز منذ فترة طويلة على تساؤلات حول هوية صاحب الضريح المتهدم في مدخل منزلها. كان هذا السؤال يراودها بين الحين والآخر، لكنها لم تستطع العثور على أي معلومات أو دلائل تدل على هوية صاحب الضريح. قررت في النهاية دعوة أحد أصدقائها المهتمين بالبحث والتنقيب في مجال الأضرحة والأولياء. غاب الصديق لمدة ثلاثة أشهر قبل أن يتصل بها ليزودها بمعلومات هامة.
اكتشاف الهوية التاريخية
تمكّن الصديق من توضيح أن الضريح يعود للشريف المهدي، وهو صوفي جاء من بلاد فارس، واختار أن يقيم على جبل القاهرة ويتعبد هناك حتى وفاته. لكن لم يكن لديه معلومات أكثر من تلك التي وردت في كتاب المقريزي “المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار”.
حركة الترميم والاهتمام بالتراث
عزم المقاول المشرف على تجديد المنزل على تنظيف الضريح وإعادة إحياءه، حيث كان من محبي آل البيت ومهتم بتراث الأولياء. قام بإزالة أكوام من المخلفات المتراكمة حول الضريح الذي لم تتولّه وزارة الآثار أو الأوقاف منذ زمن طويل. وتمكن من إنهاء عملية التنظيف، ثم بدأ المرحلة الثانية من التحضير لتحويل المنزل إلى “خان صديقة”.
خان صديقة – بداية جديدة
“خان صديقة” هو الاسم الذي أطلقته عبد العزيز على منزلها الكائن في “4 درب اللبانة” بالقرب من قلعة صلاح الدين. ومن حسن الحظ، تم اختيار هذا المكان ليكون موقعًا لمعرض عن تراث الأفراح الشعبية في مصر، حيث شهدت الأسطح احتفالات شعبية مميزة، تلتها عدة فعاليات اجتماعية تتناسب مع الطابع التاريخي للمكان.
الفعاليات الدينية والثقافية
تقول عبد العزيز: “بدأنا بتنظيم حفلات للإنشاد والذكر بمناسبة الأعياد والمناسبات الدينية التي يحتفل بها المصريون”. كما تعمل على إعداد وجبات للطعام الخيري لتوزيعها في إحدى الشقق الفارغة، مع تخصيص سطح المنزل لإقامة فعاليات ثقافية.
رؤية مستقبلية للمجتمع
تأمل عبد العزيز أن تسهم هذه الأنشطة في تحسين أوضاع مجتمع منطقة “القلعة” الأثرية، وتوفير فرص متنوعة لسكان المناطق الشعبية المحيطة.