شهدت قصة صدام حسين بداية مثيرة في عام 1959، عندما قرر حزب البعث العراقي برئاسة فؤاد الركابي القيام بمحاولة اغتيال الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم. وقبل يوم من التنفيذ المقرر، اعتذر أحد أعضاء الفريق المكلف بالاغتيال، مما أدى إلى اقتراح تكليف شاب يُدعى صدام حسين. وفي الهجوم الذي شُن في شارع الرشيد ببغداد، أُصيب قاسم بجروح طفيفة، بينما تعرض صدام لإصابة بشظية في ساقه.
هرب فؤاد الركابي إلى سوريا بعد محاولة الاعتقال، وأخذ عدد من أعضاء الحزب معه، بما في ذلك حازم جواد وعلي صالح السعدي. وفي تلك الأثناء، كان الركابي يستفسر عن مصير صدام حتى عرف أنه نجح في الفرار بعد أن رتّب سفره إلى سوريا بطريقة سرية.
في لقاء سري تحت الأرض في دمشق، تطرق فؤاد الركابي في حديثه إلى صدام، مشيدًا بشجاعته وولائه، مقترحًا انضمامه كعضو عامل في الحزب، وهو الاقتراح الذي لاقى الموافقة. وتم تنصيب صدام بشكل رسمي خلال هذا الاجتماع وتحدثوا معه لمدة ساعتين.
نظرة ضمانة إلى عبد الكريم قاسم
في تصريح لافت، قال جمال مصطفى، السكرتير الثاني لصدام حسين وزوج ابنته، إن الرئيس كان يتحدث بشكل منصف عن عبد الكريم قاسم، مُعتبرًا إياه رجل شجاع ونزيه. وذكر أن الرئيس صدام، في أحد اجتماعات مجلس الوزراء، أشار إلى ذكرى محاولة اغتيال قاسم، قائلاً: “الله يرحم عبد الكريم قاسم”، معترفًا بأنهم كجيل شاب لم يفكروا في عواقب تلك المحاولة.
استطرد جمال مصطفى بالحديث عن تعامل صدام مع الرئيس عبد الرحمن عارف، مشيراً إلى التشويه الذي تعرضت له صورة عارف، محذرًا من أن بعض الأقلام قد جندت لتشويه الحقائق تبريرًا للغزو.
أشار جمال إلى عدم وجود أي دليل على وجود ممتلكات لصدام حسين، موضحًا أن رئيس الوزراء السابق إياد علاوي قد أكد ذلك. وأضاف أن الرئيس لم يكن مهتمًا بالمال أو الاستفادة الشخصية، مشيرًا إلى أن كل ثروات العائلة تم الاستيلاء عليها بعد سقوط النظام السابق.
عتاب على السيد مقتدى الصدر
أوضح جمال مصطفى أن لديه عتاب شديد على السيد مقتدى الصدر، قائلًا إنه يعرف الحقيقة بشأن مقتل والده، مباشرة بعد قدوم الحزب إلى الحكم. حيث قال إنه كان حاضرًا خلال التحقيقات التي جرت، مما يشير إلى معرفته العميقة بالتفاصيل المتعلقة بالحادثة.
تلك التصريحات تلخص حوارًا عميقًا حول التاريخ السياسي للعراق وتأثيره على الحاضر والمستقبل. يعكس هذا النقاش العِبَر التي ترتديها الأجيال اللاحقة من تلك الأحداث التاريخية المفصلية.
### رؤية حول الهوية والوحدة الوطنية
في سياق الحديث عن الفترة التاريخية التي عاشها العراق، أكد أحد الشخصيات العراقية أن زمن صدام حسين لم يكن فيه تمييز بين السنة والشيعة والمسيحيين، إذ كانت الهوية العراقية هي السائدة. وقال: “كعراقيين، نحن جميعاً عراقيون ونعتمد على هويتنا الوطنية، مع تربينا على الانتماءات العشائرية، لكن الهوية الوطنية كانت هي الغالبة.” واستند في حديثه إلى أن هذا التنوع لم يعيق تولي أي شخص في المناصب العليا أو القوات المسلحة، حيث كان طارق عزيز، المسيحي، وزيراً للخارجية ونائباً لرئيس الوزراء.
### تدمير العراق وتغييرات ديموغرافية
تحدث عن السياسة الحالية، مشيراً إلى أنها تستمر في تدمير العراق، حيث يُلاحظ وجود خطة لتغيير ديمغرافيسا بهدف كسر التوازنات التاريخية. واعتبر أن ما يزيد عن 10 ملايين عراقي يعيشون خارج البلاد لا يمكن أن يكون مجرد صدفة، مشدداً على أن الجميع مستهدفون من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب.
### قصة “الكيماوي”
عند سؤاله عن تسميته لخاله علي حسن المجيد بـ”الكيماوي”، وصف هذا اللقب بأنه “مغلوط ويعبر عن الظلم”. عاد ليحكي عن أحداث عام 1991 حينما كانت المهمة تتطلب تحرير مدينة دهوك، وقد تم الإعلان عن استخدام السلاح الكيماوي لتخويف المتمردين وليس للاستخدام الفعلي، حيث تم استخدام مادة أخرى لتقليل الخسائر.
### قصف حلبجة وتفاصيل أخرى
حول قصف حلبجة، قال إن ما حدث هو أن إيران كانت قد قصفت المدينة قبل دخولها، مشيراً إلى أن الرئيس صدام حسين استنكره لأن الكيماوي استخدم دون علم القيادة. استعرض كذلك بعض خلفيات العلاقة ما بين صدام والقيادة الإيرانية وكيف كان يتوقع الحرب القادمة.
### آمال العودة إلى العراق
عند الحديث عن أمله في العودة إلى العراق، قال جمال مصطفى إن جميع الحكومات التي تعاقبت منذ 2003 كانت مدعومة من الاحتلال الأمريكي ومتصلة بالنظام الإيراني. وذكر أن كيفية تدمير البنية التحتية الوطنية تؤكد على تأثير هذه السياسات في هجرة الملايين من المواطنين. وأكد جمال مصطفى رغبته في العودة مع أسرته حينما تشهد البلاد الحرية.
### الهيمنة الإقليمية والتهديدات
أشار جمال إلى أن المناطق العربية تحت تأثير الهيمنة الإيرانية وأن العديد من الزعماء العرب كانوا يدعمون العراق في حربه ضد إيران. وفي فترة وجود الإمام الخميني في العراق، تم تسجيل محادثات تشير إلى نية الخميني تجاه النظام العراقي.
### العلاقات العراقية العربية
تحدث عن العلاقات القوية التي كانت تربط الرئيس صدام حسين بالزعماء العرب مثل الملك حسين والرئيس علي عبد الله صالح، موضحاً الجهود التي بذلها صدام في تعزيز الارتباطات العربية والتأكيد على الحفاظ على الأمن ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية.
تجسد هذه النقاط جوانب متعددة من التاريخ السياسي للعراق تحت حكم صدام حسين، حيث تشير إلى التعقيدات والارتباطات الإقليمية والدولية التي أثرت على البلاد بشكل كبير.