حرب السودان المدمرة… تحدٍ كبير يواجه العالم الذي لا يتحدث

By العربية الآن


نزاع يهدد الاستقرار

لا يحظى النزاع الدائر في السودان بالاهتمام الكافي مقارنة بالحرب في غزة وأوكرانيا، رغم أنه يهدد بأن يكون أكثر دموية من أي صراع آخر. فالسودان، ثالث أكبر دولة في إفريقيا، يشهد حالة من الفوضى. وقد دمرت العاصمة الخرطوم، وتجاوز عدد القتلى 150 ألف شخص، بينما تزايدت الجثث في المقابر المؤقتة بحيث يمكن رؤيتها من الفضاء. كما فر أكثر من 10 ملايين شخص، أي خُمس السكان، من منازلهم، مع تحذيرات من أن المجاعة قد تفتك بنحو 2.5 مليون إنسان بحلول نهاية العام.

هذه المعطيات وردت في تقرير لأسبوعية «إيكونوميست» البريطانية، التي وصفت الوضع بأنه أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم وقنبلة جيوسياسية موقوتة.

تداعيات الإقليمية والمحلية

إن حجم السودان وموقعه يجعلان منه محركاً للفوضى خارج حدوده. الدول التي تتدخل في النزاع تدعم الأطراف المتحاربة في الشرق الأوسط وروسيا دون أن تحاسب. بينما لا يبدي الغرب اهتماماً، الأمم المتحدة بدورها غير قادرة على تقديم المساعدة.

أعمال العنف في السودان تهدد أيضاً استقرار البلدان المجاورة، مما قد يؤدي إلى تدفق اللاجئين إلى أوروبا.

أهمية قناة السويس

يشير التقرير إلى أن السودان يمتلك حوالي 800 كيلومتر من السواحل على البحر الأحمر، مما يجعل انهياره يشكل تهديداً لشريان التجارة العالمي، قناة السويس. الخصمان الرئيسيان في هذا النزاع هما الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع، وكلاهما يتزعمه أمراء حرب غير مبالين بالمشاعر الأيديولوجية أو العرقية، فهما يتنافسان على السيطرة والغنائم.

تعاني السودان تاريخياً من الحرب الأهلية منذ استقلالها عام 1956، وقد انتهى أحد النزاعات الهامة بانفصال جنوب السودان عام 2011. وقد استقطب الصراع في دارفور في العقد الماضي اهتمام العالم، لكن الصراع الحالي يبدو أكثر صعوبة.

عنصر من الجيش السوداني يمرّ بين منازل متضررة جراء الحرب في مدينة أم درمان (أرشيفية – رويترز)

تصاعد الأزمات الغذائية والمجاعة

كما ذكر التقرير أن الوضع سيزداد سوءاً، حيث تظهر البيانات أن البلاد تشتعل بالنيران والحرائق، وتعرضت المزارع والمحاصيل للتدمير. الناس مجبرون على أكل العشب والأوراق، وإذا استمرت هذه situation، فإن العدد المتوقع للموتى بسبب الجوع قد يصل إلى ما بين 6 و10 ملايين بحلول عام 2027.

يختلف وضع السودان عن غيره من النزاعات السابقة، مثل تلك التي حدثت في الكونغو، بسبب انتشار الفوضى التي تمتد إلى البلدان المجاورة، فالسودان يتقاسم الحدود مع سبعة دول، تمثل 21% من الأراضي في إفريقيا، مما يؤدي إلى تحديات كبيرة، مثل تدفق اللاجئين والأسلحة.

أوروبا تواجه أزمة اللاجئين الجديدة

حرب السودان باتت معضلة تهدد الأطفال والكبار مع استمرار غياب الحلول (رويترز)

من المتوقع أن يتسبب النزاع في تجدد أزمة اللاجئين إلى أوروبا، في ظل أن قضية الهجرة أصبحت مادة مثيرة للجدل في عدة دول أوروبية. النسخة الحالية من الأزمة تتزامن مع تزايد عدد السودانيين الموجودين في مخيمات كاليه، على الجانب الجنوبي من القنال الإنجليزي.

هناك أيضا مخاوف من أن يتحول السودان إلى ملاذ للإرهابيين أو نقطة انطلاق للأنظمة الراغبة في زرع الفوضى. مثل روسيا وإيران اللتين تسعيان للحصول على قواعد بحرية في البحر الأحمر مقابل دعم القوات السودانية. إذا انغمس السودان في فوضى مستمرة، فقد يزيد ذلك من المخاطر بشأن تشغيل قناة السويس، التي تعتبر أحد أهم مجاري التجارة العالمية.

صمت عالمي

سلطت «إيكونوميست» الضوء على أن استجابة المجتمع الدولي للحرب في السودان كانت تمثيلًا لعدم الاكتراث، حيث أظهر الإهمال والعجز كيف أصبحت الفوضى جزءًا من العالم اليوم. في الوقت الذي كان يسعى فيه الغرب لحل أزمة دارفور، تتجاهل الحكومات الغربية الأوضاع الحالية بحجة الانشغال بالقضايا الأخرى مثل الصين وغزة وأوكرانيا. كما أن الرأي العام الغربي غائب تمامًا، حيث لم تكن هناك مظاهر للمساندة من قبل الجامعات الأمريكية.

يبدو أن مجلس الأمن يعاني من الانقسام والبطء في تنفيذ إجراءات الفعل، كما أن الانشغال البسيط من قبل الصين لم يعد له تأثير بارز. وقد تغافت بلدان أفريقية أخرى عن التنديد بتلك الفظائع، في حين أن مباحثات السلام في جنيف لم تأت بأي نتائج ملموسة.

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version