حكومة فرنسوا بايرو: ولادة قيصرية تحت ضغط الديون والميزانية

By العربية الآن

تشكّلت أخيراً حكومة رئيس الوزراء الفرنسي المعين، فرنسوا بايرو، والتي وُلدت “قيصرياً” بسبب الصعوبات والمشاورات التي استمرت 10 أيام حتى اللحظات الأخيرة قبل إعلانها.

تتكوّن الحكومة من مزيج من الشخصيات ذات الأعمار المتفاوتة، حيث تولّى بعض وزرائها حقائب وزارية منذ أربعة عهود، بدءًا من زمن الرئيس جاك شيراك، وكان بايرو هو الأول بينهم حيث شغل حقيبة التربية والتعليم العالي في عام 1993.

التحدي الأكبر الذي يسيطر على بايرو ووزرائه، بالإضافة إلى الرئيس ماكرون، هو القدرة على استمرار الحكومة الجديدة، خاصة بعد استقالة الحكومة السابقة برئاسة ميشال بارنييه بعد ثلاثة أشهر من تسلّمها وتُدعى الدستور إلى ذلك بعد فشلها في كسب ثقة النواب في البرلمان.

رئيس الحكومة الجديد على مدخل قصر ماتينيون خلال دقيقة حداد على ضحايا الإعصار الذي ضرب أرخبيل الفرنسية الواقعة في المحيط الهادئ (أ.ف.ب)

أزمات الحكومة وغياب الاستقرار

عند مراجعة عهد ماكرون الثاني، يتضح أنه شهد أربع حكومات في عام واحد، وهو رقم لم يتعرض له أي من الرؤساء السبعة منذ بداية الجمهورية الخامسة في عام 1958. يعتبر الاختلال في الحياة السياسية الفرنسية ناتجاً عن نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في منتصف العام، والتي أدت إلى فقدان ماكرون للأغلبية النيابية.

فقد تشكلت تحت قبة البرلمان ثلاثة مجموعات نيابية كبرى ورابعة متوسطة الحجم، ومع عدم تعاون المجموعات الكبرى، بات من الضروري على ماكرون وبايرو التعاون مع اليمين التقليدي. لكن تلك الأصوات لا تكفي لتوفير الأغلبية، ما يهدد حكومة بايرو بالسقوط في حال تحالف اليمين المتطرف واليسار ضدها.

ما يميز رئيس الحكومة الجديد هو فشله في توسيع قاعدة الدعم السياسي لحكومته.

مانويل فالس وزيراً لمقاطعات ما وراء البحار بعد أن شغل رئاسة الحكومة في عهد الرئيس الاشتراكي السابق فرانسوا أولاند (أ.ف.ب)

الموقف الحساس من الأحزاب

البايــرو لم يستفد من “الانفتاح” الذي أظهره الحزب الاشتراكي، حيث اقترح أمينه العام أوليفييه فور إبرام اتفاق ضمني بعدم سحب الثقة من الحكومة مقابل إعادة النظر في قانون التقاعد. لكن، جاءت ردود فعل قوية من فور بعد إعلان الحكومة، حيث وصفها بأنها “استفزاز”.

رئيسة حزب “الخضر”، مارين تونديلييه، اعتبرت أن “الوحيدين الذين يمتلكون كرامة هم الذين رفضوا المشاركة في هذه المهزلة”.

آفاق الحكومة وأهدافها

رغم التحديات، يبدو بايرو واثقًا من استمراره. في أول مقابلة صحفية له، أكد على ثقته بأن “الإجراءات” التي يقدم عليها مع فريقه الحكومي ستضمن عدم الإطاحة بهم، على شرط أن يرضي الأحزاب الأخرى، خاصة اليمين المتطرف.

تطالب زعيمة اليمين المتطرف، مارين لو بن، بضرورة تبني قانون النسبية في الانتخابات وتجنيب الضرائب الإضافية على أصحاب الدخول المرتفعة، من أجل إرضاء قاعدتها الشعبية.

إليزابيث بورن كانت ثاني امرأة تكلف برئاسة الحكومة في تاريخ الجمهورية الفرنسية عينت وزيرة للتربية في الحكومة الجديدة (أ.ف.ب)

الوزارات السيادية وتوازن القوى

يُنظم الدستور الفرنسي السياسة الخارجية والدفاع، حيث حرص الرؤساء على تعيين وزراء موثوقين. ماكرون أبقى على وزيري الخارجية والدفاع، جان نويل بارو وسيباستيان لو كورنو. في حين طمح جيرالد دارمانان، وزير الداخلية الأسبق، في تولي الدبلوماسية لكنه أسند إلى وزارة العدل، ليكون الرابع في الترتيب البروتوكولي.

بايرو فشل في استثمار وجود رئيسي حكومات سابقين، إليزابيث بورن ومانويل فالس، ضمن حكومته، اللذين ينتميان للحزب الاشتراكي.

مانويل فالس هو مفاجأة الحكومة، حيث فشل في الانتخابات الرئاسية عام 2017 وتنافس على رئاسة بلدية برشلونة، ومع ذلك عاد للسياسة الفرنسية من خلال هذه الحكومة.

وزير الداخلية السابق جيرالد درامانان عاد إلى الحكومة الجديدة وزيراً للعدل (أ.ف.ب)

تحديات الحكومة واستعدادات المستقبل

تشير تركيبة حكومة بايرو المكونة من 35 وزيراً إلى توازن بين ذوي الخبرة والمستجدين، مع التركيز على مواجهة التحديات الكبرى مثل الديون والميزانية.

## الحكومة الجديدة: تحديات اقتصادية وسياسية في فرنسا

### وزير الداخلية وفرض السيطرة

برز وزير الداخلية برونو روتايو كأحد أبرز الوجوه في الحكومة الجديدة، حيث احتفظ بمنصبه بفضل دعم رئيس الوزراء فرانسوا بايرو. يهدف بايرو من خلال إبقاء روتايو إلى إجهاض الطموحات الانفصالية لنواب حزب «اليمين الجمهوري» الذين يبدون عدم رضا عن حصة الحزب في الحكومة الجديدة.

### وجوه حكومية معروفة

تضم الحكومة الجديدة أيضاً شخصيات معروفة مثل رشيدة داتي، وزيرة الثقافة، التي تتمتع بعلاقات قوية مع ماكرون ورئيس الجمهورية الأسبق نيكولا ساركوزي، وكاترين فوتران، وزيرة العمل والشؤون الاجتماعية، التي انضمت إلى ماكرون في عام 2022. ومن بين الأسماء المعروفة أيضاً أنياس بانيه روناشيه، وزيرة النقل البيئي والتنوع البيولوجي والصيد البحري، التي سبق لها العمل كوزيرة للبيئة في عهد إليزابيث بورن.

### التحديات الاقتصادية

يواجه ماكرون وبايرو تحديات كبيرة فيما يتعلق بالحكومة والسياسات التي سيتبنونها، خصوصاً أن فرنسا تعاني من أزمة اقتصادية خانقة حيث بلغت ديونها مستوى قياسياً يبلغ 3300 مليار يورو. وما زالت البلاد من دون ميزانية حتى الآن. وقد فشل بارنييه في تقديم ميزانية مقبولة بسبب المقترحات التي عرضها، والتي شملت تقليص الإنفاق في قطاعات حيوية وزيادة الضرائب بشكل معتدل، ما اعتبر ضد الطبقتين المتوسطة والدنيا.

### مهمة وزير الاقتصاد

يعد تقديم مشروع ميزانية جديدة من أولويات بايرو، وهي مهمة صعبة وتعتبر كمن يسير على البيض. وفي هذا السياق، تبدو مهمة وزير الاقتصاد والمال الجديد إريك لامبارد، الذي شغل سابقاً منصب رئيس صندوق الإيداع والأمانات، شبه مستحيلة في تقديم حلول فعالة.



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version