وأوضح خبراء نقلت عنهم وكالة الأناضول التركية للأنباء، أن نتنياهو يرغب في عدم الظهور كمن يرفض اتفاقا يعيد الأسرى الإسرائيليين من غزة، وفي الوقت ذاته لا يريد إغضاب شركائه في اليمين الذين يعارضون الاتفاق.
وبعنوان “عندما يقول السنوار نعم”، في إشارة إلى زعيم حماس في غزة يحيى السنوار، أدلى المحلل البارز بصحيفة يديعوت أحرونوت ناحوم برنايع بتقديره: “يبدو أن السنوار يخدعنا، إذ يعلم أن الحكومة الحالية غير قادرة على الموافقة على الاقتراح الذي صاغه”.
واعتبر أن إرسال وفد إسرائيلي لمفاوضات القاهرة أمر مهم لنتنياهو داخليا، حيث لا يمكنه أن يواجه الانتقاد بأنه شخص يعارض الاتفاق ويتخل عن المختطفين، ولا يستطيع أن يظهر كشخص مستعد للتوصل إلى اتفاق ويخون شركاءه في اليمين.
وصف برنايع السنوار بأنه “مكر ولكن ليس غبيا”. وأضاف: “الاقتراح المختلف الذي صاغه (السنوار) يضع إسرائيل في سلسلة من النقاشات الداخلية العصيبة، حيث يعاني المختطفون في الأسر، والعائلات تجهل مصيرها، وحكومة مخائفة ومنقسمة للغاية، وفئة أمنية مرهقة وضعيفة”.
وأشار برنايع إلى أنه “قد يكون السنوار مهتما بالوصول إلى الهدف النهائي، أي الاتفاق، ولكنه – وربما بدرجة أكبر من ذلك – يستمتع بما يقوم به بنا على طول الطريق”.
“اسفين” بين إسرائيل وأميركا
من ناحيته، أشار المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هارئيل، في مقال بعنوان “نتنياهو في فخ نعم لحماس”، إلى أن قبول الحركة لاتفاق وقف إطلاق النار كان مفاجئا لإسرائيل، نظرا للخلاف الذي جرته المحادثات خلال الأيام القليلة الماضية.
وذكر أن حماس كانت تطلب مؤخرا ضمانات أمريكية نظرا لتصريحات نتنياهو المتكررة بنية إطلاق النار على رفح. وأضاف “تداولت مصادر سياسية إسرائيلية الليلة الماضية بأن مصر والولايات المتحدة ربما توصلا إلى تفاهم خلف ظهر إسرائيل، لتحديث الاقتراح المصري الذي وافقت عليه تل أبيب قبل أسبوعين”.
ووفقا لهارئيل، فإن هذه الأقاويل تشير بداية من نتنياهو بأنه سيعارض الاقتراح بعد الرد الإيجابي من حماس.
وأشار هارئيل إلى أنه قبل يومين فقط، كان رئيس الوزراء ومتحدثون باسمه يزعمون أن وسائل الإعلام الإسرائيلية توجهت اتهامات كاذبة له باحتراق المحادثات بينما يحمل حماس المسؤولية.
وقال: “يبدو الآن أنه سيرفض مرة أخرى، وستبرر هذه الخطوة بحاجة إسرائيل لضمان هزيمة حماس، وادعاءات شكوكية بوجود خداع أمريكي”.
وختم بأنه من الناحية العملية، سيكون السبب الرئيسي هو خوف نتنياهو من انهيار تحالفه وفقدان قاعدته الانتخابية اليمينية.
وأوضح هارئيل أن الوسطاء قد أدوا واجبهم بشفافية ودون تحيز، عرضوا على حماس مقترحا موافق عليه من قبل إسرائيل بالفعل، لكنهم أدخلوا تعديلات بسيطة.
وأضاف: “باختصار، فإن فرص تحقيق تقدم في المفاوضات ما زالت ضعيفة. ولكن ربما تمكنت قيادة حماس، من خلال ردها الإيجابي، من وضع اسفين بين إسرائيل والولايات المتحدة”.
وتابع هارئيل “يبقى أن ننتظر كيف ستستجيب وزارة الدفاع والجيش، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، للتغيير في موقف حماس ورد فعل نتنياهو السلبي الواضح”.
شكوك إسرائيلية
وفي سياق متصل، أعرب الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تامير هايمان عن شكوكه في مقال نُشر على موقع قناة الـ12 الإسرائيلية في أن تحتوي صفقة حماس على فخ لا يمكن لإسرائيل أن تقبله.
وذكر أن هناك نقطتين رئيسيتين للخلاف تتعلق إنهاء الحرب وهوية الأسرى المفرج عنهم في الصفقة.
وأوضح أن الاقتراح الوسيط مقبول من قبل إسرائيل بشأن مسألة نهاية الحرب، ولكن هناك اقتراح آخر أكثر غموضا تم اقتراحه،توقف العملية، التي تتيح تجديد الصراع في المستقبل إذا قررت إسرائيل ذلك.
أما النقطة الثانية، فالعقبة التي تعيق قبول إسرائيل للصفقة هي تخلي تل أبيب عن حق الاعتراض على قرار الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.
أوضح أن في المرحلة الأولى، سيتم الإفراج عن كل جندي إسرائيلي معتقل، وإطلاق سراح 50 أسيرًا فلسطينيًا بينهم 30 أسيرًا حُكم عليهم بالسجن المؤبد.
وقال إنه في النهاية، سيتم الإفراج عن 150 أسيرًا محكومين بالسجن المؤبد بناءً على طلب حماس في نهاية المرحلة الأولى، ولا يُسمح لإسرائيل بالتدخل في ذلك.
أضاف: “إذا حصل ذلك، فإن إسرائيل ستُطلق سراح جميع السجناء المرتبطين بحماس، وستطلق سراح جميع السجناء الخطرين، وفي حال حدوث ذلك، فلن يكون لدى إسرائيل ورقة تفاوض للمرحلة الثانية”.
اعتبر أنه من الناحية العملية -وفقًا لهذه البنود- ستقوم إسرائيل بإطلاق سراح كل شخص يعتبر مهمًّا لحماس، ولن تضمن عودة جميع المخطوفين.
بعثرة للأوراق
بدوره، ذكر المحلل في صحيفة يديعوت أحرونوت، آفي إيسسخاروف، أن الاقتراح المصري القطري، رغم عدم قبول إسرائيل له من قبل، إلا أن رد حماس الإيجابي عليه يبعثر الأوراق من جديد.
وأشار إلى أن الكرة الآن في ملعب إسرائيل مُجددًا. وشدد على أن على الحكومة الإسرائيلية الاستجابة بشكل إيجابي للاقتراح والموافقة على إنهاء الحرب في نهاية المرحلة الأولى والمرحلة الثانية، استنادًا إلى رؤيتها، أو الرد بشكل سلبي وعرضها على أنها ترفض إنهاء الحرب.