خبراء روس: موسكو تتجه لمعركة “كسر عظم” مع المعارضة السورية
موسكو- تسببت السيطرة المفاجئة لقوات المعارضة السورية على مدينة حلب، بالإضافة إلى مناطق أخرى في شمال غرب البلاد، في زيادة الاهتمام الرسمي والإعلامي في روسيا.
وجاءت هذه الأحداث في وقت غير متوقع بالنسبة لموسكو، خصوصاً في ظل الهدنة القائمة بين لبنان وإسرائيل، والانشغال العالمي بتداعيات استخدام روسيا لصاروخ “أوريشنيك” في أوكرانيا، مع وجود حديث عن تغيرات محتملة في العلاقات الروسية الغربية بعد تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الحكم.
ووصف بعض المراقبين الروس الوضع الميداني بأنه يمثل جبهة جديدة لموسكو بعد فترة من الهدوء النسبي تخللتها تفاهمات روسية-تركية-إيرانية لوقف إطلاق النار منذ مارس/آذار 2020.
فور اجتياح المعارضة لمدينة حلب، أقالت روسيا الجنرال سيرغي كيسيل، المسؤول عن القوات الروسية في سوريا، وعينت ألكسندر تشايكو، المعروف بلقب “قائد معركة تحرير حلب” في 2017، كعلامة على فشل كيسيل في مواجهة تقدم المعارضة.
في سياق متصل، أكد ديمتري بيسكوف، السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، أن بلاده لا تزال تدعم الرئيس السوري بشار الأسد، وتسعى لتشكيل موقف جديد بشأن الاستقرار في الأوضاع السورية.
رهانات متسرعة
أشار الخبير الروسي في الشؤون العربية، أندريه أونتيكوف، إلى أن الحملة الإعلامية الكبيرة التي رافقت هجوم المعارضة السورية كانت تهدف إلى إرباك المشهد وإظهار الموقف الروسي كأنه ضعيف وغير قادر على التأثير في الوضع الميداني.
وقال إن الوجود العسكري الروسي في سوريا لم يتراجع، بل هناك قراءة خاطئة من بعض الأطراف، التي اعتقدت أن تركيز روسيا على الجبهة الأوكرانية يضعف من قدرتها على إدارة الصراع في سوريا.
كما اعتبر أونتيكوف أن الظروف الحالية قد تؤدي إلى اندلاع معركة “كسر العظم” ضد الجماعات المسلحة في سوريا، على الرغم من التفاهمات السابقة للحد من التصعيد، مما قد يعيق أي محاولات للتسوية بين دمشق وأنقرة.
ويعتقد أن تعيين قيادة جديدة للقوات الروسية في سوريا يعكس استعداداً لمرحلة جديدة وتوجيه المزيد من الاهتمام للبعد العسكري على حساب الحلول السياسية.
كورسك مجددًا
من الملاحظ أن تكرار الأحداث العسكرية والتهديدات من جانب المعارضة يعكس تصاعد الأوضاع وتعقيد المشهد في سوريا، مما يستدعي استعدادات جديدة من كل الأطراف المعنية.
## تأثير التطورات الأخيرة على العلاقات الروسية التركية
يرى الخبير العسكري أناتولي ماتفيتشوك أن الأحداث الأخيرة قد تؤثر سلباً على العلاقات بين موسكو وأنقرة، بالإضافة إلى التفاهمات القائمة بين البلدين. واعتبر ماتفيتشوك أن الجانب التركي لم يُنفذ الالتزامات التي تعهد بها لروسيا وإيران بموجب اتفاقيات أستانا وسوتشي، والتي تشمل القضاء على “الجماعات الإرهابية” وتوفير الوصول إلى الخطين الدوليين والإستراتيجيين إم 4 وإم 5.
## تشابه الأحداث: حلب وكورسك
أشار الخبير إلى أن ما حدث في حلب يشبه الهجوم الأوكراني المفاجئ على كورسك في أغسطس الماضي، والذي جاء كمحاولة لاستباق تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الحكم. ولفت النظر إلى أن هناك مخاوف بين اللاعبين الإقليميين من أن ترامب قد يتبنى استراتيجيات جديدة تتعلق بعدد من الملفات الدولية، بما في ذلك الملف السوري، مما قد يتعارض مع مصالح القوى الداعمة للمعارضة السورية.
## خيارات روسيا بعد الهجوم
يرى ماتفيتشوك أن موسكو تواجه الآن التحدي المتمثل في الرد على الهجوم الأخير للمعارضة، الذي أفضى إلى إعادة خلط الأوراق عسكرياً وسياسياً. وأوضح أنه في حال فشل التفاهم مع تركيا، فإن موسكو قد تلجأ إلى تنفيذ هجوم مضاد بمشاركة الجيش السوري والقوات الإيرانية.
## استعداد الكرملين للتصعيد العسكري
أضاف الخبير أن الكرملين يشعر بـ”نشوة” بعد الثقة التي استعادها إثر استخدام صاروخ “أوريشنيك” في أوكرانيا واستعادة السيطرة على نحو 60% من الأراضي التي كانت تحت سيطرة القوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك، مما يجعله أكثر استعداداً من أي وقت مضى للجوء إلى الخيار العسكري في سوريا.
## المصالح الإسرائيلية في التطورات السورية
وأيضًا، يشير المتحدث إلى وجود مصلحة مباشرة لإسرائيل في التطورات السورية من حيث وقف نقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان. تأتي هذه التقديرات في ظل تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة التي تناولت التفرغ لمواجهة إيران وسوريا والعراق بعد اتفاق الهدنة مع لبنان.
## حزب الله ومدة اتفاق الهدنة
على ضوء التقديرات الحالية، يُرجح أن يكون حزب الله مهتماً بإطالة مدة اتفاق الهدنة مع إسرائيل لأقصى حد ممكن، بهدف التوجه نحو الجبهة السورية، التي تُعتبر بالنسبة له شريان الإمداد بالأسلحة والذخائر.