تفاصيل خطة “المليون مستوطن” بالضفة
نابلس- يعيش فوزي ريان، مثل باقي أهالي بلدة قراوة بني حسان قرب سلفيت، حالة من القلق بسبب التوسع الاستيطاني في أراضيهم بمستوطنة “كريات نتافيم”. هذا التوسع يعتمد أنماطاً جديدة من البناء، مما يحرمهم من حقوقهم في تطوير سكناهم وزراعة أراضيهم لعشرات السنين.
وفي قرار عسكري من آفي بلوط قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال الإسرائيلي، أُتيح لأول مرة تنفيذ تجديدات حضرية في البناء المكثف داخل المستوطنات بالضفة الغربية. هذا يعني زيادة عدد الوحدات السكنية في الأماكن المحدودة، مما يؤدي إلى زيادة أعداد المستوطنين بدلاً من البناء المنفرد الذي يتطلب مساحات واسعة.
رغم أن هذا القرار يعتبر جديداً، إلا أن العمليات الاستيطانية مستمرة حتى قبل صدور القرار، كما هو الحال في مستوطنة “نتافيم” وغيرها، وهو ما وثقته الجزيرة نت.
يشعر ريان بالحسرة كلما نظر إلى أراضي “الطيارات” وأراضي “أبو زوير” التي تعود إلى عائلته، حيث تطل مستوطنة “نتافيم” على أراضيهم. يتجنب النظر إلى موقع البناء المتسارع حتى لا يزداد إحباطه.
بينما يواجه أهالي البلدة تهديدات من جيش الاحتلال والمستوطنين الذين يصادرون أدواتهم ويعتدون عليهم خلال أي عمليات بناء أو تجريف.
استيطان مزدهر
يستذكر ريان “أول إسفين” في عالم الاستيطان حين بدأ في مستوطنة “نتافيم” عام 1978، حيث بدأت حركة الاستيطان بالانتشار في شمال الضفة الغربية.
يصف حال المستوطنة مع استمرار التوسع من خلال بناء طبقات متعددة، بينما لا يستطيع هو وعائلته المؤلفة من 50 فردًا الوصول إلى أراضيهم برغم حصولهم على أحكام قضائية تثبت ملكيتهم.
وقال إبراهيم عاصي، رئيس بلدية قراوة بني حسان، إن المستوطنين انتقلوا من البناء المنفرد الباهظ إلى البناء الطبقي المتعدد الوحدات. أُقيمت حوالي 6 بنايات منذ عام 2019 عندما بدأ الاحتلال في البناء، مشيراً إلى أن المستوطنين أنفسهم بدأوا بالبناء قبل أن يتلقوا أي رد من المحاكم.
مخاطر تهدد الفلسطينيين
خطورة الاستيطان المكثف في الضفة الغربية
يرى عاصي أن عمليات الاستيطان الحالية تُعتبر من “أخطر” تلك العمليات لأنها تؤدي إلى مصادرة الأراضي وبدء البناء عليها، مما يضاعف عدد المستوطنين ويزيد من وجودهم بشكل كبير. هذا الواقع يؤسس لمطالبات مستقبلية من قبلهم للتوسع بالمزيد من الأراضي الفلسطينية لتعويض الكثافة السكانية المتزايدة.
كما يتيح الاستيطان المكثف للمستوطنين توفير تكاليف البناء الخاصة بهم، والتي قد تصل، وفقًا لعاصي، إلى مليون ونصف المليون شيكل (حوالي 420 ألف دولار أميركي) للمنزل الواحد في مشروع “نتافيم”. وبهذا، يتمكن المستوطنون من العيش بالقرب من بعضهم البعض، مما يوفر لهم حماية من أي خطر محتمل.
ارتباط المستوطنات وزيادة الضغط على الفلسطينيين
البناء المكثف الجديد في “نتافيم” سيعمل على ربط المنطقة بالمستوطنات المجاورة، خصوصًا مستوطنة بركان، مما سيؤدي إلى قطع الطريق على 40 ألف فلسطيني يقطنون في قرى غرب سلفيت، مما يحاصرهم.
سيطرة الاحتلال على أراضي الفلسطينيين
يمتلك أهالي قراوة بني حسان، الذين يقدر عددهم بحوالي 7000 نسمة، حوالي 9500 دونم، لكن الاحتلال يصنف 92% من هذه المساحات كمناطق “ج”، مما يجعلها تحت سلطته العسكرية والإدارية. تسيطر مستوطنة نتافيم على نحو 200 دونم، وتحيطها 6 مستوطنات أخرى، بينما يرفض الاحتلال توسيع هيكل القرية التنظيمي الذي يعادل 8650 دونماً منذ عام 1993، ويتابع البناء الخارجي لهدمه.
وفقًا لصحيفة “إسرائيل هيوم”، فإن مشاريع التطوير الحضري ستبدأ قريبًا في المستوطنات، مما يتضمن فصولًا تتضمن البناء المكثف بدلاً من الريفي، مما سوف يزيد عدد الوحدات السكنية. حيث يهدف المخطط إلى بناء 10 آلاف وحدة استيطانية خلال عام، مما يمثل 10% من إجمالي البناء في الضفة الغربية.
سعي الاحتلال لتوطين مليون مستوطن
رغم أن قرار القائد العسكري الإسرائيلي بالتوسع في البناء المكثف حديث، إلا أن أمير داود، مسؤول التوثيق بهيئة الجدار والاستيطان الفلسطينية، يؤكد أن هذا الأمر ليس بجديد. فقد وُجد البناء المكثف فعلاً في معظم عطاءات البناء الاستيطاني لعام 2024.
تشمل مخاطر البناء المكثف تسهيل إنشاء مبانٍ كبيرة وزيادة عدد المستوطنين عبر استجلاب المزيد منهم، في إطار خطة توطين مليون مستوطن بالضفة الغربية. أيضًا، يتجاوز البناء المكثف المعايير التخطيطية عند اعتماد المخطط الهيكلي للمستوطنات، مما يزيد من مساحة الأراضي المصادرة.
تشير إحصائيات هيئة الجدار والاستيطان إلى أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية ومدينة القدس يبلغ حوالي 780 ألف مستوطن، موزعين على 180 مستوطنة و240 بؤرة استيطانية تقريبًا. كما يسيطر هؤلاء المستوطنون على 5% من مساحة الضفة الغربية فيما يسيطر الاحتلال بالكامل على 42% منها تحت مسميات مناطق عسكرية وأراضي دولة.