دين مخفف أم “كذبة نبيلة”؟ ما مفهوم إيلون ماسك وريتشارد دوكينز للمسيحية الثقافية؟

By العربية الآن



دين مخفف أم “كذبة نبيلة”.. ما الذي يعنيه إيلون ماسك وريتشارد دوكينز بالمسيحية الثقافية؟

إيلون ماسك وريتشارد دوكنز
من اليمين رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك وعالم الحيوان المؤلف البريطاني ريتشارد دوكينز (وكالات)

في منشور له على منصة التواصل الاجتماعي “إكس”، أشار إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، إلى أن “المسيحية أصبحت بلا أنياب، وإذا لم يكن هناك شجاعة أكبر للدفاع عن ما هو عادل وصحيح، ستهلك المسيحية”.

كما وصف نفسه في حواره مع المفكر الكندي المحافظ جوردان بيترسون بأنه “مسيحي ثقافي”، مشيرًا إلى أن إيمانه له جذور أخلاقية وسياسية، ويعتقد أن المسيحية يمكن أن تعزز السعادة ومعدلات الولادة.

جدل التحولات الدينية لماسك

أثارت تحولاته الأخيرة وطلبه المتكرر للمسيحية في القضايا الاجتماعية والسياسية جدلاً واسعًا. يُعرف عن ماسك، الذي نشأ بالقرب من الكنيسة الأنجليكانية في جنوب أفريقيا ودرس في مدرسة يهودية، أنه عاش أزمة وجودية بحثًا عن معنى.

بحث ماسك في الكتب المقدسة مثل الكتاب المقدس والقرآن والتوراة، كما قرأ لفلاسفة مثل شوبنهاور ونيتشه، لكنه وجد ما يبحث عنه من خلال أدب الخيال العلمي، مدركًا أن الهدف من الحياة لا يقتصر على إيجاد الأجوبة الكبيرة بل السؤال عن الأسئلة الصحيحة.

بدأت الأبعاد الدينية لماسک، كمسيحي ثقافي، بالظهور في عام 2022، تزامنًا مع استحواذه على موقع تويتر الذي أصبح “إكس”، كما تحول سياسيًا نحو التيار المحافظ معبرًا عن مخاوفه من السياسات الليبرالية “المتطرفة”.

ماسك، بتوجهاته الجديدة، ينضم إلى مجموعة من المفكرين المحافظين الغربيين الذين يشعرون بالقلق من التحولات السريعة في العالم.

رياح التغيير

تتزامن تحولات ماسك مع قلق العديد من المفكرين الغربيين الذين تبنوا المسيحية لمواجهة هذه التغيرات.

لكن هؤلاء المفكرين غالبًا ما يتجاهلون القضايا الإيمانية الأساسية مثل المعجزات، وفقًا لتحليل الأكاديمي سيمون مكارثي جونز، الذي يدرس العلاقة بين الدين وعلم النفس.

يعتقد مكارثي جونز أن اعتماد المسيحية – حتى ولو جزئيًا – كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية، يمكن أن تأتي بنتائج سلبية.

ويطرح تساؤلات حول ما إذا كان بإمكان المفكرين المحافظين تبني “مسيحية مخففة” تظل تفي بأهدافهم الدنيوية.

تحليل مكارثي جونز يتضمن أيضًا ذكر ريتشارد دوكينز، الذي رغم كونه ملحدًا مشهورًا، يعرف نفسه بمسيحي ثقافي لأنه يقدّر الأناشيد الدينية والكاتدرائيات.

دوكينز، عالم الأحياء البريطاني المعروف بالملحد صاحب المواقف الفكرية القوية، أصبح مدافعًا عن ثقافة مسيحية يدعي أنها ضرورية لمواجهة خطر الإسلام.

قيم أخلاقية مضافة

يظهر آخرون كيف أن المسيحية تضيف قيمة أخلاقية، مثل المعلق البريطاني دوغلاس موراي الذي يعتبر نفسه “ملحدًا مسيحيًا” لكنه يثمن مفاهيمها الأخلاقية مثل “حرمة الإنسان”.

عالم النفس جوردان بيترسون يتصرف “كما لو” أن الله موجود، حيث يوفر له ذلك معنى ونظامًا، وفقًا لمكارثي جونز.

بعضهم يرى حتى أن المسيحية يمكن أن تكون “حصنًا ضد الإسلام”، مثل دوكينز وماسك، الذين يعتقدون أنها يمكن أن تعزز معدلات الولادة وتمنع الانهيار السكاني.

في هذا السياق، تعتبر الكاتبة الهولندية آيان هرسي علي أن المسيحية الوسيلة الوحيدة لمواجهة “الصحوة” والإسلام.

يظهر الجدل القائم عن القيم التي يجدها المفكرون في المسيحية تعقيدًا، حيث يجادل الباحثون بأن الدين لا يخلق الأخلاق بل يوجهها.

دين ثقافي مخفف

يلحظ بعض المثقفين المحافظين أن النسخة الخفيفة من المسيحية قد تم اعتمادها بالفعل في الغرب. المؤرخ توم هولاند يرى أن الأفكار المسيحية تظل مركزية رغم تراجع الإيمان، وأن الليبرالية في الغرب تحمل في طياتها روح المسيحية.

هولاند يلاحظ أن المبادئ الأساسية في الحضارة الغربية، مثل حقوق الإنسان والمساواة، تجذرت بشكل كبير في المسيحية.

يكشف العديد من المثقفين المحافظين عن صراعاتهم مع المعتقدات الغيبية في المسيحية، حيث يجدون صعوبة في تصديق المعجزات التي فيها.

تضليل

وفقًا لمكارثي جونز، فإن هناك شخصيات عامة تروج للمسيحية لأهداف سياسية واجتماعية تُعتبر “كذبة نبيلة”، مما يوحي بوجود تضليل.

الترويج للمسيحية لأغراض سياسية قد يجعل هذه القيم المقدسة أقل قدسية.

هذا الاستخدام السيئ للمعتقدات الدينية قد يؤدي إلى تداعيات سلبية، خاصة أن من يدافعون عنها لأغراض غير جدية يخاطرون بإفراغها من محتواها.

ربما ينتهي الأمر لهؤلاء المفكرين بالتظاهر بالإيمان بالمسيحية أو عبر البحث عن طرق جديدة للتمسك بالدين.

في النهاية، إن الشكوك حول المعتقدات المركزية في المسيحية ليست محصورة بالأفراد، بل تشمل بعض رجال الدين أنفسهم حسب دراسة أعدها دانيال دينيت.

تُظهر تلك النتائج أن الكثير من المسيحيين قد يقبلون بمساحة من الشك تجاه المعتقدات الأساسية في دينهم، ولكن السؤال الأهم يظل: هل ستعمل هذه المعتقدات كقيم مقدسة أم ستظل مجرد أفكار بلا أساس؟

المصدر: العربية الآن + ذا كونفرسيشن + مواقع إلكترونية + وول ستريت جورنال



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version