رئاسيات تونس 2024: “جمهورية سعيّد” تواجه اختبارًا مُعدًّا

By العربية الآن



انتخابات الرئاسة التونسية 2024.. “ترسيخ” نظام سعيّد

المعارضة التونسية أعلنت مبكراً عدم مشاركتها في انتخابات 2024 (شترستوك)
المعارضة التونسية أعلنت مبكراً عدم مشاركتها في انتخابات 2024 (شترستوك)

في السادس من أكتوبر 2024، ستشهد تونس الانتخابات الرئاسية الثانية عشرة منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1956 والثالثة بعد ثورة 2011 التي أُطلق عليها “الربيع العربي”. وتتصاعد الأجواء القمعية، حيث وصفت منظمة العفو الدولية الوضع بأنه “قمع حكومي يغذي الخوف بدلاً من النقاشات السياسية الجادة”.

شروط الترشح

يُلزم الدستور الجديد والقانون الانتخابي الذي تم اعتماده في عام 2022 المرشحين بالحصول على تأييد من 10 برلمانيين أو 40 مسؤولاً محلياً منتخباً أو 10 آلاف ناخب، بالإضافة إلى الحصول على 500 تزكية على الأقل من كل دائرة انتخابية من الدوائر الـ161. كما يجب أن يثبت المرشح تونسيته ولا يحمل جنسية أخرى، وأن يكون سجله القضائي نظيفاً.

تأتي هذه الانتخابات بعد ما يراه المراقبون انقلاباً بقيادة الرئيس سعيّد منذ “مسار 25 يوليو 2021” الذي أدى إلى حل كل من مجلس النواب والقضاء، وإصدار تشريعات عبر أوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد في استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في يناير 2023 بلغت نسبة الإقبال فيها 11.4%، وهي نسبة تعتبر الدنيا محلياً وعالمياً.

المرشحون

حتى الآن، تأهل ثلاثة مرشحين فقط لدخول المعركة الانتخابية، هم الرئيس سعيّد الذي بدأ حياته المهنية كأستاذ جامعي، وزهير المغزاوي الأمين العام لحزب حركة الشعب الموالي لسعيّد، والعياشي زمال الأمين العام لحركة عازمون والنائب السابق عن الكتلة الوطنية في البرلمان المنحل.

المقاطعة من جانب المعارضة

أعلنت المعارضة التونسية، الممثلة بجبهة الخلاص الوطني، مقاطعتها للانتخابات منذ أبريل الماضي، حيث تضم عدة أحزاب ومنظمات أكدت في سبتمبر 2022 أن الانتخابات تحت إشراف هيئة لا تتمتع بالحيادية، مما يجعل الحيطة من ثقة الناخبين بها معدومة. وأوضح رئيس جبهة الخلاص الوطني، أحمد نجيب الشابي، أن الظروف الحالية لا تسمح بإجراء انتخابات نزيهة.

رغم ذلك، قرر بعض السياسيين المستقلين والمخضرمين الترشح للانتخابات لكنهم واجهوا عراقيل من وزارتي العدل والداخلية، بالإضافة إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مما أدى إلى استبعاد 14 مرشحاً بارزاً. من بين هؤلاء، استمر ستة مرشحين في النزاع عبر تقديم طعون للمحكمة الإدارية.

لكن المحكمة التي استقبلت الطعون سرعان ما واجهت الشكوك بنفسها، رغم قرارها بإيقاف إجراءات الإعفاء الذي أصدره سعيد بحق 57 قاضياً. وعبّر الحقوقي عبد الوهاب معطر عن خيبة أمله في أداء هذه الدوائر، مشيراً إلى تخلّي القضاة عن دورهم التقليدي في تحقيق العدالة وهو ما يثير القلق نظراً لما هو مشهور عن القضاء الإداري في تونس من صرامة.

قضية المحكمة الإدارية

وأكد معطر أن الأحكام في الطور الابتدائي اختارت أن تتجنب مواجهة الهيئة الانتخابية، مما أدى إلى تدهور الموقف القانوني للمتظلمين. شهد أداء الهيئة الانتخابية مزيداً من الانتقادات مع اعتبارها خاضعة لإرادة السلطة.

عبد الوهاب معطر: الكلمة ستكون لرؤساء دوائر الاستئناف
 (مواقع التواصل الاجتماعي)

وصرح معطر أن المرحلة القادمة ستتولى فيها الجلسة العامة، التي تضم أبرز القضاة، تنفيذ القرارات المتعلقة بالطعون. الأمل معقود على أن تصدر هذه القرارات بصورة عادلة.

في ظل الشكوك المحيطة حول استقرار الهيئة الانتخابية، تشدد الناشطة الأسرار بن جويرة على انعدام استقلالية الهيئة التي أدت إلى تراجع ثقة المواطن التونسي في العملية الانتخابية. ومن المفترض أن تكون الهيئة مشرفة على إجراء انتخابات نزيهة لكنها أصبحت، وفقاً لها، “أداة تنفيذ بيد السلطة”.

أجواء المخاوف

وقالت بن جويرة إن هناك نقصاً في الشفافية، مما يؤدي إلى انطباع لدى الناخبين بأن الانتخابات مصممة سلفاً. كما انتقدت استبعاد مرشحين وإسقاط طعونهم دون مبررات قانونية.

أسرار بن جويرة: أداء هيئة الانتخابات يتفقر إلى النزاهة (الصحافة التونسية)

واختتمت مشيرًة إلى أن تطلعات المواطنين لإجراء انتخابات حرة وعادلة قد تبددت، مما يؤدي إلى احتمال تراجع نسبة المشاركة.

تبقى الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان قيد اهتمام المجتمع الدولي، حيث كانت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامار، قد أعربت عن قلقها خلال زيارتها لتونس في يوليو الماضي. وأشارت إلى أن الوضع السياسي الحالي يعكس تدهوراً في حقوق الإنسان والأجواء العامة.

القلق الدولي

وفي تصريحها، قالت كالامار إن “الحكومة تُغذي الخوف بدلاً من النقاشات الحقيقية”، منددة بالاعتقالات والملاحقات القضائية للمعارضين.

لاقت الانتقادات انتباه 17 منظمة حقوقية داخل تونس، حيث أدانوا السيطرة على وسائل الإعلام وتقييد حريات المعارضين. وأكدوا أن ظروف الترشح الحالية لا توفر ضمانات لانتخابات حرة.

رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فاروق بوعسكر، يواجه اتهامات بعدم الحياد خلال العملية الانتخابية، حيث تثير أفعاله مخاوف من فرض قيود على المترشحين غير الموالين للرئيس.

من المساءلة

صحيح أن بوعسكر يشغل منصب رئيس الهيئة منذ مايو 2022، إلا أن تاريخه في العمل كأحد أعضاء الهيئة منذ 2017، يجعله مُتهمًا بعض الشيء بتضليل الناخبين. وهو ما يؤكد عليه المعارضون وساسة مستقلون.

يستمر الوضع العام في تونس بالتصعيد، خاصة مع إصرار سعيّد على فرض رؤيته التي اعتبرها بمثابة “حرب التحرير” بهدف تأسيس جمهورية جديدة. هذا التصريح يأتي في ظل الانتقادات المتزايدة لأداء حكومته خلال هذه الفترة.

سعيّد رد على الانتقادات المتعلقة بتضيقات المرشحين، موضحًا أنه لم يفرض قيود على أحد وأن القوانين مطبقة على الجميع بالتساوي. وأشار إلى أن التصريحات حول المضايقات ليست أكثر من وهم.

آمال المستقبل

في المقابل، يأتي الناشط الحقوقي عادل الماجري برؤية معاكسة من خلال التأكيد على انعدام الشروط الضرورية لإجراء الانتخابات الحرة. وصنف الوضع الحالي بأنه “رعب انتخابي” مع قيود تعيق المترشحين عن الوصول للجمهور.

عادل الماجري حذر من قرارات إقصاء المرشحين الجديين
 (مواقع التواصل الاجتماعي)

وشدد الماجري على أن القمع والإقصاء المتزايد للمرشحين قد يسبب تراجعاً كبيراً في المشاركة الشعبية ويهدد شرعية العملية الانتخابية ككل.

فريق العمل :

إعداد : محمد العلي ، نجم الدين الفالحي

إنفوغراف وتصميم : قسم الوسائط

المصدر : العربية الآن



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version