رموز غادرة.. كيف تؤثر هجمات التضليل على رحلات الطيران المدني؟

By العربية الآن



رموز غادرة.. كيف تؤثر هجمات التضليل على رحلات الطيران المدني؟

rc29d5adg229 1704729684
الطائرات التجارية، التي تحلق فوق منطقة الشرق الأوسط وشمال أوروبا، وقعت ضحية لسلسلة من حوادث خداع نظام تحديد المواقع العالمي (رويترز)

<

div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content css-1vkfgk0″ aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>في العام المنصرم، بادء ذي بدء، بدأ الطيارون العاملون داخل الشرق الأوسط، في الابلاغ عن وقوع حالات تعرض تظهر فيها أنظمة الملاحة على متن طائراتهم لرموز مزيفة من نظام “جي بي إس”، مما أسفر في بعض الأحيان عن تطلب الطائرة كوحدتها مسارا شاقة بأميال.

تواجه الطائرات التجارية، التي تحلق فوق منطقة الشرق الأوسط وشمال أوروبا، مسلسل تعاسة غير مستحسن من حوادث التضليل لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS spoofing)، التي ادت إلى تأريق انظمة الملاحة على متن تلك الطائرات عن مسارها المتوجه، مما يشكل خطرا متناميا.بناءً على تحركات الملاحة الجوية في مختلف أماكن العالم، وفقًا لتأكيدات خبراء الميدان ومنظمات الطيران الدولية.

تسبب ذلك في ضياع كامل لإمكانيات الملاحة، مما يجبر طاقم الطائرة في بعض الحالات على الاعتماد على التوجيهات الشفوية من مراقبي الحركة الجوية، حسبما أفادت منظمة “أوبس غروب” (Ops Group)، التي تضم الطيارين ومنظمي الرحلات الجوية. تأثرت الطائرات بأحجام مختلفة بهذه الحوادث، بما في ذلك طائرات رجال الأعمال الصغيرة والبوينغ 777 الضخمة.

كانت أولى الحوادث التي أُبلغ عنها في منطقة مجال جوي العراق بالقرب من حدود البلاد مع إيران، المناطق التي تُستخدم عادة لرحلات الطيران بين أوروبا ودول الخليج. وهذا يمكن أن يؤدي إلى حوادث دولية حقيقية، وفقًا لتصريحات تود همفريز أستاذ هندسة الطيران بجامعة تكساس في أوستن لمجلة فورين بوليسي.

تزايد في تعرض للهجمات

في السنوات الأخيرة، زادت الهجمات على إشارات نظام تحديد المواقع العالمي والأنظمة الفضائية الشاملة للملاحة عبر الأقمار الاصطناعية، المشهورة باسم “جي إن إس إس” (GNSS)، بما في ذلك إشارات نظم الملاحة في أوروبا والصين وروسيا.

تحدث الهجمات على تلك الأنظمة بنوعين، أولاً التشويش على نظام “الجي بي إس” الذي يهدف إلى إرباك الإشارات اللاسلكية التي يتكون منها النظام، مما يجعله غير قابل للاستخدام. وثانيًا، هجمات الخداع التي يمكن أن تقوم بتبديل الإشارة الأصلية بإشارة أُخرى لموقع جديد.

يعتبر التشويش على إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS Jamming) من الظواهر الشائعة نسبيًا، خاصة حول ساحات القتال والمناطق العسكرية الحساسة، حيث تُستخدم تلك الممارسة لتفادي وتبديد الضربات المحتملة من الطائرات بدون طيار أو الصواريخ الموجهة. لذلك، ينتبه الطيّارون إلى تلك المواقع الإقليمية الخطرة التي قد تتعرّض فيها لحوادث من هذا النوع، ويستطيعون الاعتماد على وسائل المساعدة الملاحية البديلة المتاحة على متن الطائرة.

إلا أن في حالات الخداع، يتم بث إشارات زائفة تسبب في خداع الأجهزة الإلكترونية للطائرة بحيث تُحسب مواقعها بشكل غير صحيح وتُزود الطيار بتوجيهات مضللة، مما يعني خداع جهاز الاستقبال الخاص بنظام “الجي بي إس” داخل الطائرة ليعتقد بأنها في منطقة غير الحقيقية.

يشير الخبراء إلى أن عمليات الخداع قد تكون أكثر خطورة من عمليات التشويش على أنظمة “الجي بي إس”، حيث قد لا يدرك الطيار ما يحدث في البداية، بالإضافة إلى أن الإشارات الخادعة قد تؤثر على النظام المرجعي للقصور الذاتي “آي آر إس” (IRS) في الطائرة والذي يُعتبر محور النظام الملاحي فيها.

وفي فبراير/شباط الماضي، ذكرت وثيقة نقاشية صادرة عن اجتماع لمكتب الشرق الأوسط التابع لمنظمة الطيران المدني الدولي أن “منذ أغسطس/أغسطس عام 2023، أبلغت طواقم القيادة في الطائرات عن نوع جديد من عمليات الخداع لنظام تحديد المواقع العالمي، حيث يصبح الإشارة قوية بما يكفي لتغذية أنظمة الطائرة، ونتيجة لذلك يصبح النظام المرجعي للقصور الذاتي غير صالح للخدمة بعد دقائق، وفي كثير من الحالات يفقد جميع إمكانيات الملاحة على متن الطائرة”.

كما أشار أحد الباحثين في جامعة تكساس إلى أن التغيير الأكبر في الأشهر الستة الأخيرة يتمثل بزيادة عمليات الخداع التي تعرّضت لها الطائرات خلال تلك الفترة، وفقًا لتقرير موقع وايرد. على سبيل المثال، في إقليم البلطيق، سجلت 46,000 طائرة علامات قد تشير إلى تشويش بين شهري أغسطس/أغسطس 2023 ومارس/آذار 2024، وفقًا لتقارير وبيانات موقع “جي بي إس جام” (GPS Jam)، الموقع الذي يحلل البيانات العامة عن الرحلات الجوية لتحديد مناطق التشويش المحتملة في جميع أنحاء العالم.

وخلال شهر أبريل/نيسان الماضي، تعرضت أكثر من 15 ألف طائرة لعمليات خداع توقيعاتها في مطار بيروت، ووفقًا للبيانات التي نُشرت على موقع وايرد. كما أظهرت البيانات أن أكثر من 10 آلاف طائرة تعرضت لعمليات خداع في مطار القاهرة، بينما ظهرت أكثر من ألفي طائرة تعرّضت للخداع في مطار ياروسلافل في روسيا.

زادت نسبة الإبلاغ عن عمليات الغش في منطقة الشرق الأوسط بعد الحرب على غزة في أكتوبر (اللغة الفرنسية)

آثار جانبية للحروب


يُؤكد الخبراء في الوقت الحالي أن مخاطر استخدام تقنيات “الجي بي إس” للتداعيات الخطيرة بسبب التأثيرات الجانبية على تحطم الطائرات بارتفاع نسبي. أشار الأستاذ تود همفريز إلى أن قطاع الطيران يعاني حاليا من نتائج ناجمة عن التشويش والغش في أنظمة “الجي بي إس” المستخدمة في ساحات القتال؛ بهدف صدها عادة للطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة نحوها.

ارتفعت نسبة الإبلاغ عن عمليات الغش في مناطق الشرق الأوسط بشكل ملحوظ بعد بدء الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويُتوقع من الخبراء أنها خطوة من الجيش الإسرائيلي لدحر أي هجمات صاروخية محتملة قد تنفذها قوات حزب الله، وذلك وفقا لتقرير من مجلة فورين بوليسي.

منذ الحرب الروسية على أوكرانيا في عام 2022، شهدت الدول الشمالية في أوروبا ازديادا في استخدام تقنيات التشويش على إشارات نظام تحديد المواقع العالمي، مما أدى إلى زيادة في الإبلاغ عن الغش بدءا من نهاية ديسمبر/كانون الأول 2023. كشف موقع “GPS Jam” عن زيادة في التداخل مع إشارات نظام “جي بي إس” في دول البلطيق وشمال أوروبا منذ 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وعلى غرار ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط، يعود التشويش على أنظمة “الجي بي إس” في أوروبا إلى تأثير غير مباشر من الأحداث القائمة في ساحات القتال المجاورة. وأفاد رئيس المخابرات العسكرية في إستونيا، لمجلة فورين بوليسي، أن الحالات الأكثر شيوعا تتعلق بتأمين القواعد العسكرية الروسية، حيث يستخدم الروس تقنيات التشويش على الترددات لتجنب هجمات الطائرات المسيرة قادمة من أوكرانيا، حيث تعرضت روسيا للعديد من تلك الهجمات باستخدام الطائرات المسيرة منذ بدء الحرب، بما في ذلك الهجمات على العاصمة موسكو. وهذا نفس النهج الذي اتبعه الجيش الإسرائيلي للتداخل مع الصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقتها إيران ضد دولة الاحتلال في 13 أبريل/نيسان الماضي.

أظهرت روسيا قدراتها في الحرب الالكترونية في أماكن أخرى، غير أوكرانيا ودول البلطيق (شترستوك)

تفوق روسي


بالرغم من أن القوات المسلحة الروسية تُعتبر عموما أقل فعالية من حيث التكنولوجيا مقارنة بنظيراتها الغربية، إلا أن الخبراء ومسؤولي الاستخبارات يشدون بمزايا موسكو في مجال الحرب الالكترونية. وفي مقابلة مع صحيفة بلومبيرغ في يناير/كانون الثاني الماضي، أشار قائد قوات الدفاع الإستونية الجنرال مارتن هيرم إلى أن روسيا ربما تختبر خبرتها في تعطيل تلك الأنظمة تأهبا لأي حروب محتملة مع دول حلف الناتو.

فخلافا للمعتقدات، لديها روسيا سجل ناجح في عمليات تعطيل إشارات أنظمة “جي بي إس” في شمال أوروبا، حيث تمتلك أيضا القدرة على استخدام مجموعة واسعة من تقنيات الحرب الالكترونية، ومنها الاعتراض على تحركات الطائرات المسيرة والصواريخ في أوكرانيا، بالإضافة إلى تكثيف نشاطات التعطيل في موسكو وسان بطرسبرغ لتجنب هجمات محتملة باستخدام الطائرات المسيرة، بحسب تقرير بلومبيرغ.

وأكدت وزارة الدفاع الروسية سابقا أن وحدات الحرب الالكترونية التابعة لها في كالينينغراد نفذت تدريبات على تعطيل إشارات الراديو والأقمار الاصطناعية. وأوضح هيرم “روسيا قد أظهرت جدارتها في الحرب الالكترونية في أماكن أخرى، ليس فقط في أوكرانيا ودول البلطيق. إنهم قويون بالتأكيد في هذا المجال”.

في نهاية أبريل/نيسان الماضي، أكد جيمي آدامسون، رئيس الشؤون العامة في البحرية السويدية، لموقع وايرد “لا يمكن تجاهل احتمالية أن يكون هذا التعطيل نوعا من أنواع الحروب المختلطة التي تهدف إلى زرع الارتباك والتشتيت”.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية



أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version