سنغور.. حكاية المسيحي الذي اختارته الأمة الإسلامية لرئاسة السنغال

By العربية الآن



سنغور.. قصة المسيحي الذي اختاره المسلمون لرئاسة السنغال

الرئيس السنغالي الأسبق ليوبولد سيدار سنغور - الموسوعة
الرئيس السنغالي الأسبق ليوبولد سيدار سنغور (غيتي)

دكار- في شهر ديسمبر/كانون الأول 2001، توفي الشاعر “الزنوجة” ليوبولد سيدار سنغور عن عمر يناهز 95 عامًا، مدفوعًا بروحه التي أصبحت رمزاً للفكر الزنجي ولتحرر الإنسان الأفريقي.

توفي سنغور، الذي عاش في العاصمة دكار، بعدما قاد مسيرة حافلة بالشعر والسياسة. وبعد جنازته، تم تحويل منزله إلى متحف يضم الكثير من أعماله ومقتنياته.

تشير المصادر إلى أن سنغور وُلد في عائلة غنية من قبيلة السيرير التي تعكس التعدد الديني في السنغال بين الإسلام والمسيحية. ومع ذلك، ترك حياة الرفاهية ليصبح نضاليًا من أجل استقلال بلاده.

وُلِد سنغور في عام 1906 في قرية قريبة من دكار، ونشأ في عائلة دينية مرتبطة بالكنيسة الكاثوليكية. وتلقى تعليمه الأول في مدرسة دينية تابعة للبعثة الكاثوليكية.

لم يتقبل دخوله إلى المدرسة بسهولة، حيث يذكر في مؤلفاته كيف كان والده يعاقبه لإهماله الدراسة في البداية.

أبرز منظري الزنوجة وحامل لوائها

كان من أبرز إنجازات سنغور أنه حول “السواد” الأفريقي من وصمة عار إلى مجال للاعتزاز والفخر بالهوية. وشجع على وجود ثقافة أفريقية غنية تجمع بين التراث والألوان والأنغام.

غلاف ديوان الشاعر والسياسي السنغالي العالمي سنغور (العربية الآن)

لم يكن سنغور أديبًا فحسب، بل كان ناشطًا يستخدم كلماته لمواجهة الاستعمار. وقد كانت الفرنسية هي الوسيلة التي جعلته شامخًا في مجاله الأدبي والسياسي.

طالب سنغور بأن تكون الفرنسية جزءًا من هويته، لكن لم يكن هناك بديل لوظائف أكاديمية في حياته. ونجح في الحصول على شهادة الدراسات العليا من السوربون، ليصبح أول أفريقي يحقق ذلك.

مع احتدام حركة الزنوجة، أطلق سنغور مبادرة مجلة “الطالب الأسود” التي كانت تصدر في نيويورك بمد الله رافعتًا صوت الثقافات الأفريقية. وكانت المجلة عبارة عن منبر للكتّاب لمناقشة الهوية والقضايا الثقافية والسياسية.

أصبح سنغور صاحب مقولة شهيرة “أنت سوداء، إذن أنت جميلة”، مما عكس اعتزازه بهويته وأصله الأفريقي.

الشاعر الأسير.. تحت ثلج النازية ورصاصها

في عام 1940، شارك سنغور كجندي تحت راية فرنسا ضد الاحتلال النازي، وتم أسره لمدة سنتين. لكن هذه التجربة ألهمته في بعض قصائده الشهيرة.

بعد انتهاء الحرب، عاد سنغور إلى السياسة كمدافع عن حقوق الهنود. تم انتخابه ليمثل السنغال في البرلمان الفرنسي، وبدأ بذلك مرحلة جديدة في حياته.

المسيحي المستبد الذي انتخبه المسلمون

في أواخر خمسينيات القرن الماضي، تم انتخاب سنغور رئيسًا للسنغال بدعم من الأغلبية المسلمة في البلاد، مُخالفًا توقعات البعض الذين انحازوا لمنافسه المسلم لمين غي.

طاقم العمل في فيلم “سنغور.. الرئيس الشاعر” (العربية الآن)

تولى سنغور الرئاسة في أكتوبر 1960، ضمن مساعيه لإرساء قاعدة قوية لحكم علماني، متبنيًا الاشتراكية كفلسفة للحكم.

لكن بعض معارضيه اعتبروا أن النشيد الوطني الذي كتبه لم يعكس الهوية السنغالية بشكل جلي وكان خاليًا من الرموز الاجتماعية والتاريخية.

ومع ذلك، لا تعكس روح الشاعر التي عاش بها سنغور طريقة إدارته للسياسة في البلاد، مما أدى إلى صراعات كبيرة مع بعض وزرائه.

على الرغم من التطور الذي شهدته السنغال خلال فترة حكمه، اعتبر خصومه أن سلطته شهدت عمليات قمع وتعديلات طالت الكثير من الشخصيات السياسية.

وعند تنازله عن منصبه في عام 1980، ضحى سنغور بالمقعد لصالح تلميذه عبدو ضيوف، بعد أن حقق توجهات واضحة لديمقراطية أكثر استقرارًا.

بينما كان من supporters له يرون أن اسمه ساهم في جعل السنغال معروفة عالميًا، كانت هناك وجهات نظر متباينة حول إرثه.

خلفاء سنغور.. رحلة الخروج من معطف المؤسس

بعد تركه الحكم، شهدت السنغال انقسامًا حول توجهات الحكم والسياسات، حيث عمل خليفته على تخليص البلاد من إرث سنغور. ومع ذلك، لا يزال سنغور شخصية مهمة في تاريخ البلاد.

إطلالة بيت العبيد على المحيط في جزيرة غوري السنغالية (العربية الآن)

في السنوات اللاحقة، أصبح سنغور رمزًا والأجيال الجديدة تعتبره واحداً من أبرز الشخصيات في حياة السنغال الثقافية والسياسية.

منزل سنغور.. ذاكرة بعمر الرئيس

تحولت الحكومة السنغالية منزل سنغور إلى متحف منذ عام 2010، معيدًا إحياء ذاكرته. هذا المنزل أصبح منذ افتتاحه مركز جذب للسياح، وإن كان إقباله محدوداً.

السنغال (العربية الآن)

يحتفظ المتحف بذكريات سنغور وأعماله الفريدة، بما في ذلك مكتبته الواسعة والتي تعكس اهتماماته الثقافية المتعددة.

يمثل المتحف جزءًا من تاريخ سنغور، الذي قد يكون قد غاب جسده، لكن روحه وأعماله حاضرة في قلب الثقافة السنغالية.

المصدر: العربية الآن + مواقع إلكترونية



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version