شارع الحمراء: رمز التغيير والذكريات
يُعتبر شارع الحمراء في العاصمة اللبنانية من أبرز الأيقونات التي تعكس تاريخ المدينة وتنوعها الثقافي. على الرغم من أن طوله الذي يشمل 1500 متر فقط لا يضاهي شوارع كبيرة مثل الشانزليزيه أو الشارع الخامس، إلا أن هذا الشارع تمكّن من كسب مكانته الخاصة في تاريخ البلاد، خاصة في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث أصبح مرتبطًا بشخصية بيروت المتغيرة.
أصول التسمية وتاريخ الشارع
يتعلق اسم حمراء بسلسلة من الافتراضات حول أصوله. فقد أشار عبد اللطيف فاخوري إلى أن الاسم يعود إلى بني الحمرا الذين قدموا من العراق إلى سهل البقاع قبل أن يستقروا في بيروت. بينما يرى سمير قصير أن الاسم مرتبط بالأضواء الباهرة التي كانت تزين الأماكن العامة، ما ساهم في تشكيل ذاكرة جماعية تعيد إلى الأذهان قصر الحمراء في غرناطة.
الجامعات ودورها في تعزيز الشارع
تأسست جامعة بيروت الأميركية في نهايات القرن التاسع عشر، مما ساهم في تعزيز منطقة الحمراء التي كانت موازية لها بين شارعي بلس والحمراء. وعلى الرغم من التحولات، ظل هذا الشارع محوريًا في الحياة الاجتماعية والثقافية في بيروت.
الثقافة والفن: مركز الندوات والمسرح
لقد كانت الحمراء منزلاً للأنشطة الثقافية والفنية المبهرة، من دور السينما إلى المقاهي الحديثة. عاشت تحت سقفها مراكز فكرية ونوادٍ ثقافية بارزة، بالإضافة إلى الدور المهم لجريدة “النهار”. كما برزت دور مجلة “شعر” و”الندوة اللبنانية”، اللتين ساهمتا في إثارة حوار جدي حول الثقافات.
أوقات الازدهار وتدهور الشارع
إلا أن بداية الحرب الأهلية اللبنانية أدت إلى تدهور مكانة الشارع. لم تنجُ الحمراء من تداعيات الأحداث المؤلمة التي شهدتها المدينة، مما أدى إلى تراجع دورها الثقافي مع إغلاق العديد من دور السينما والمقاهي الشهيرة التي كانت تعج بالحياة.
انعدام الضوء في ظروف التحول
تمت ملاحظة أن الكثير من النشاطات الثقافية قد تلاشت مع مرور الزمن، حيث أقفل مسرح البيكاديللي أبوابه وصمتت السينما بعد إطفاء أنوارها واحدة تلو الأخرى. حيث بدأ عصر جديد مملوء بالمقاهي العالمية وسلسلة من المطاعم السريعة، مما أضعف بشكل كبير الروح الثقافية التي تميز بها شارع الحمراء سابقًا.[المصدر]