خوف من القمع السياسي
بعد اعتقال السلطات الروسية لمئات من المواطنين بسبب انتقاداتهم للغزو الروسي لأوكرانيا، شعرت ماريا (47 عامًا) من موسكو بخوف يعكس معاناة جدتها التي عانت من القمع في زمن ستالين. أعاد هذا الاضطهاد السياسي إلى الأذهان شبح معسكرات «غولاغ» السوفياتية.
ذكريات العائلة الأليمة
تصفحت ماريا كتابًا يضم صورًا لضحايا حملات التطهير في عهد ستالين. فقد أُعدم جدها، وهو بولندي الأصل، في عام 1938 بتهمة «التجسس» لصالح بلاده، بينما عانت جدتها من السجن في معسكرات «غولاغ» لسنوات عديدة. تجنبًا للعزلة السلبية، كانت ماريا تخشى من وصمة العار العائلية المرتبطة باعتقال أفراد عائلتها.
الرقابة والخوف من الاعتقال
تشعر ماريا بقلق من أن تصنفها السلطات كـ«عميلة أجنبية»، مما يعرضها لمراقبة إضافية، إذ ذكرت أنها تدرب الطلاب على اللغة الإنجليزية، التي تُعتبر الآن في روسيا «لغة معادية». تستخدم ماريا تقنيات مثل الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN) لتجنب الرقابة، لكنها توخي الحذر خشية لاكتشاف أمرها.
تقول: «عندما أستقل وسائل النقل العام وأرى أناسًا يراقبون من حولهم، أغلق كل شيء على هاتفي». كما أنها تخفي أي دلائل على آرائها السياسية قبل سفرها للخارج خوفًا من تفتيش هاتفها.
أثر الخوف على الحياة اليومية
تميل ماريا إلى إخفاء آرائها وتعاطفها مع الثقافة الأوكرانية في الأماكن العامة، وتحرص على اختيار ملابسها بعناية. تشعر بالقلق من ردود الفعل السلبية إذا ارتدت أي ملابس تحمل ألوان العلم الأوكراني.
وذكرت أنها تشعر بأن خوفها أصبح جزءًا مدمجًا في سلوكها اليومي، حتى في تفاصيل بسيطة مثل رد الفعل تجاه قرع جرس الباب.
خوفٌ وراثي
تحدثت سفيتلانا غانوشكينا، العضوة في مجموعة «ميموريال» الحقوقية، عن «الخوف التاريخي والوراثي» في روسيا، مشيرة إلى ندوب الاضطهاد عبر العصور، من حكم القياصرة إلى الحقبة السوفياتية والانتهاكات الحالية في عهد بوتين.
أعربت غانوشكينا عن قلقها من أن الصمت الذي يتخذه الناس بسبب القمع لا يتيح لهم حق التعبير عن الآراء أو الاحتجاج.
الخوف كسلاح للسيطرة
يعتبر المنشق السوفياتي ألكسندر بودرابينك (71 عامًا) أن الخوف يعيق الحياة الطبيعية في روسيا، حيث يؤكد أن الإنسان الخائف يصبح عبدًا لهذا الخوف، مما يحول دون تحقيق إمكاناته. ويضيف أن الخوف ليس خاصًا بشعب أو عرق، بل هو سمة مشتركة تتغلغل في المجتمعات التي لا تُطبق فيها القوانين.
يختتم بودرابينك بالقول إن التغلب على الخوف يتحقق من خلال الإيمان بالحق والعدالة.