دير البلح، غزة
سي إن إن
—
إن مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين تعرضوا للتشريد عدة مرات بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية في قطاع غزة يواجهون الآن تهديدًا آخر – قدوم الطقس الشتوي القاسي.
يوم الأحد، تم الشعور بأول عاصفة قوية تضرب غزة هذا الشتاء في جميع أنحاء المنطقة.
معاناة الأسر النازحة
في مخيم للنازحين بالقرب من البحر في دير البلح، وسط غزة، ناضلت آلاف الأسر ضد الأمواج العالية والرياح القوية والأمطار التي أضرت بخيامهم المصنوعة من النايلون والبلاستيك.
شهد صحفيو شبكة سي إن إن أطفالاً يمشون حافي القدمين بينما كان والديهم يحاولون حفر الرمال لبناء حاجز لحماية أنفسهم من البحر. ولكن قبل أن يتمكنوا من تحقيق الكثير من التقدم، جرفت الأمواج ما قاموا ببنائه.
الصعوبات المتزايدة
“لا فائدة من ذلك!” صرخ أحد الرجال.
“توجهنا إلى هنا لأن البحر كان وسيلتنا الوحيدة للحماية. والآن، البحر يهاجمنا”، قال آخر.
تموج الأعمدة الخشبية التي تحمل الخيام، التي بالكاد كانت مثبتة في الأرض، مع كل هبة ريح. كانت الأسر تتحرك حولها في قلق، خشية أن تنهار.
حذر رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يوم الثلاثاء في منشور على منصة X بأن الأهالي في غزة “يحتاجون إلى كل شيء، لكن القليل جدًا يأتي”.
أزمة إنسانية تتفاقم
“الشتاء في غزة يعني أن الناس لن يموتوا فقط بسبب الغارات الجوية أو الأمراض أو الجوع. الشتاء في غزة يعني أن المزيد من الناس سيموتون من البرد، خاصة بين الأضعف ومن بينهم كبار السن والأطفال”، قال فيليب لازاريني.
في أكتوبر، وصل مستوى المساعدات الواردة إلى غزة إلى أدنى مستوى له منذ بدء الحرب الإسرائيلية في المنطقة، وفقًا لبيانات جمعتها الأمم المتحدة.
تنخفض درجة الحرارة المتوسطة في غزة خلال ديسمبر إلى ما بين 10 درجات مئوية و20 درجة مئوية، ونادرًا ما تنخفض بضع درجات أقل في يناير. وعادةً ما تستمر موسم الأمطار من نوفمبر إلى فبراير، حيث يعد يناير الشهر الأكثر مطرًا.
**المأوى المبتل في دير البلح**
تشهد بعض المخيمات في منطقة دير البلح في غزة حالة من الفوضى بعد أن غمرت المياه الخيمة، حيث تبللت كل شيء داخلها، مما حول البطانيات والسجاد إلى كومة متشابكة مغطاة بالتراب. الورقات البلاستيكية التي كانت تعمل كأرضية غرقت في الرمال الرطبة، ليصبح الوضع داخل الخيمة مأسويًا بلا أي فاصل عن الأرض.
**أين سأنام الليلة؟**
متسائلاً عن مصيره، قال محمد يونس وهو يلتقط ملابسه المبتلة: “ما الذي سيوصلنا للدفء الليلة؟”. مبديًا شعوره بالعجز والضعف، أضاف: “نحن كالمتسولين أمام العالم، ولا أحد يهتم بنا. لا أعلم أين سأنام. سأستقر في البحر”.
**التساقط المستمر للمياه**
تتدهور أوضاع الخيمة التي يقطنها يونس، إذ أصبح القماش المستخدم كغطاء تمزق، مما سمح بدخول الماء.
**عائلة مشردة تعاني من قسوة الشتاء**
في خيمة أخرى، عانت عائلة مكونة من عشرة أفراد من العواقب القاسية للأجواء. كانت الأم، أم فادي، تطبخ فوق نار قديمة في محاولة لتأمين بعض الدفء. وأوضحت أنها قد تهجرت من رفح منذ عدة أشهر، واضطررت للعيش على الشاطئ بسبب عدم توفر ملاذ آخر.
**حصار من كل الجهات**
أضافت أم فادي: “نحن محاصرون من جميع الاتجاهات. من البحر، ومن الإسرائيلين، ومن عدم وجود منزل، ومن الجوع”.
### الأسر “باردة وفي خطر”
بعد مرور عام من الحرب بسبب هجمات حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، يفيد تقرير الأمم المتحدة أن حوالي 1.9 مليون شخص – أي ما يعادل 90% من سكان قطاع غزة – أصبحوا مشردين داخليًا. وذكرت المنظمة أن العديد منهم تم تهجيرهم عدة مرات، بعضها أكثر من 10 مرات.
وأضاف مجلس اللاجئين النرويجي في تقرير حديث أن الهجمات المستمرة من إسرائيل قد قلصت من خيارات الفلسطينيين للحصول على مأوى هذا العام مقارنة بالعام الماضي.
وأشار التقرير إلى أنه مع تدمير عدد كبير من المباني، فقد بات الكثير من الفلسطينيين مضطرين للعيش في خيام وملاجئ مؤقتة تقدم حماية أقل بكثير من الرياح الباردة والأمطار.
#### تضرر كبير في البنية التحتية
بحسب بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، بحلول سبتمبر 2024، تم تدمير أكثر من 200,000 وحدة سكنية في غزة أو تضررت بشكل بالغ، مما ترك ما يقرب من مليون شخص في حاجة إلى دعم للشتاء.
آلاف المشردين الفلسطينيين لجأوا إلى منطقة المواصلات في جنوب غزة، المخصصة من قبل قوات الدفاع الإسرائيلية كـ”منطقة إنسانية”. يعيش العديد منهم في خيام في منطقة بها بنية تحتية محدودة أو وصول قليل إلى المعونات الإنسانية.
في الأشهر الأخيرة، تعرض مخيم الساحل لضربات إسرائيلية متكررة، حيث تقول القوات الإسرائيلية إنها تستهدف حركة حماس.
تدهورت حالة الخيام بعد الأمطار الغزيرة والرياح العاتية.
مع اجتياح العاصفة يوم الأحد، انتشرت ممتلكات الناس على الشاطئ، حيث ابتلعت بعضها الأمواج.
قال محمد الخطاب، نائب مدير البرامج في منظمة مساعدة الفلسطينيين (MAP) في غزة، إن معاناة الفلسطينيين المشردين في غزة لديها “أوجه عديدة”، وذلك في بيان تم مشاركته مع شبكة CNN.
وأشار إلى أن معظم الخيام والملاجئ المؤقتة التي يعتمدون عليها قد استُخدمت لعدة أشهر وتحتاج إلى استبدال لتحمل ظروف الشتاء القاسية.
وأضاف: “إنه أمر يفوق الخيال، من knowing أن بإمكانهم barely البقاء على قيد الحياة مع الظروف الجوية العادية بما لديهم… عدم وجود ملابس ملائمة، وأغطية، وطرق تدفئة آمنة يعني أن العائلات ستظل تشعر بالبرد وعرضة للخطر لعدة أشهر”. هذه مخاوف تطارد أم فادي في دير البلح كل يوم.
وقالت: “الليلة، نحن مهددون بخطر كبير. في أي لحظة، قد تبتلعنا البحر. لا نعرف ماذا سنفعل”.
خيام مبللة بالأمطار
في شمال غزة، تنفذ القوات الإسرائيلية عملية واسعة دخلت شهرها الثاني. ونتيجة للقصف، تم تشريد نحو 130,000 فلسطيني منذ 6 أكتوبر، وفقاً للصندوق الدولي للسكان، والحاجة إلى المساعدات ملحة.
وقد لجأ الكثيرون إلى ملعب يارموك الرياضي في مدينة غزة، حيث تدهورت الخيام المهترئة المصنوعة من القماش الأبيض لتصبح بنية خلال ليلة من الأمطار الغزيرة.
كما في الملجأ المطل على البحر، كان الأطفال الصغار يقفون حافيي القدمين على الإسفلت المت البلل أو يتخطون برك المياه، وهم يرتدون ما يكفي بالكاد لإبقاء أنفسهم دافئين، بينما كان آباؤهم يحاولون إصلاح الخيام المتضررة.
قال سامي صالح إنه فرّ من “المعاناة، والغارات الجوية، والهجمات والموت” في الشمال، باحثاً عن ملجأ في مدينة غزة.
لكن المياه غمرت خيمته، وأخبر CNN أنه بلا وقود أو خشب لإشعال النار. وبعد أن التقط بطانيته المبللة وفراشه الرطب، سأل كيف يمكنه أن ينام هو وأبناؤه الأربعة عشر تلك الليلة.
“هذه الخيمة مصنوعة من القماش، لذا عندما تدخل المياه، تنتشر في كل مكان. ونحن في منطقة منخفضة، لذا حتى وإن كانت السقف تحمينا، فإن المياه ستأتي من الأسفل”، قال صالح.
بعد أن تعرض لإصابة نتيجة غارة جوية إسرائيلية، قال صالح إنه كان يعتقد أنه سيموت، لكنه تفاجأ برؤية أن الله قد أنقذ حياته.
“أتمنى لو مت بدلاً من ذلك. الموت أكثر شرفًا من هذه الحياة”.
محمد السواحلي وطارق الحلواني قدما تقريرهما من غزة. وكتب ونشر تقرير CNN زينة صيفي وآبير سلمان، بينما ساهم كريم خضر وسنا نور حق أيضًا في الخبر.