شرق المتوسط: هل يمكن للسنوار تحقيق الوحدة الفلسطينية؟
“ميدل إيست آي” ذكر أن يحيى السنوار -الذي انتخب بالإجماع في السادس من أغسطس/آب الحالي زعيماً سياسياً جديداً لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد اغتيال سلفه إسماعيل هنية في طهران، وكان قبله زعيما للحركة في غزة منذ عام 2017- معروفً بجهوده لتعزيز محادثات الوحدة الداخلية الفلسطينية.
وصرح الموقع – في مقال للسياسي الفلسطيني سامي العريان- بأن السنوار، على عكس مسؤولي حماس الآخرين الذين اتخذوا مواقف أكثر صرامة، كان لديه نبرة وساطية، مما جعله يستقبل زعماء فلسطينيين آخرين ويحترم الرئيس الراحل لمنظمة التحرير الفلسطينية (فتح) ياسر عرفات، وعلاوة على ذلك دعا قيادة فتح إلى العودة إلى غزة وإدارة شؤونها المدنية، إلا أنها رفضت العرض على الفور.
اطّلع أيضًا
قائمة من 2 عناوين
موقع بريطاني: مؤيدون لغزة يعرقلون تجمعات كامالا هاريس لهذا السبب
نازحون في بريطانيا: هذه محنتنا داخل فنادق تتعرض لها أقصى الأيمن
نهاية القائمة
بسبب اصلاح العلاقات بين حماس والعديد من الانظمة العربية مثل مصر، ووفقًا للموقع، وقام بدور فعّال في الاقتراب من سوريا قبل عامين، يفكر العديد من المراقبين الآن في الدور الفريد الذي قد يلعبه في تحقيق الوحدة بين الجماعات الفلسطينية، بعد عدة محاولات فاشلة للمصالحة.
من المتوقع ان يواصل الرئيس الجديد البحث عن فرص مشتركة مع قادة السلطة الفلسطينية، ولكن بسبب الاختلافات الكبيرة في الاستراتيجية السياسية والمنهج داخل المؤسسات الفلسطينية، بالإضافة إلى الدور الذي لعبته السلطة الفلسطينية في تدهور الوضع الاقتصادي والسياسي في غزة، فمن المرجح ان تفشل محاولات مثل هذه، وفقًا للكاتب.
المحاولات البائدة
في 23 يوليو/تموز الماضي، أي قبل 8 أيام من اغتيال هنية، اجتمع 14 تيارًا فلسطينيًا في بكين بدعوة من الحكومة الصينية لتوقيع إعلان وحدة، مع الدعوة إلى تشكيل “حكومة وحدة وطنية” جديدة في رام الله، وكان هذا الاجتماع هو المحاولة 23 من هذا النوع للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية الرئيسية، فتح وحماس منذ عام 2007.
وكان إعلان بكين، الذي سبقته اجتماعات عديدة، مشابهًا في طبيعته ومضمونه لإعلان القاهرة لعام 2011 واتفاقية المصالحة في الجزائر عام 2022، عندما اتفق الجانبان على تشكيل حكومة وحدة وإجراء الانتخابات، وإنهاء المضايقات المستمرة واعتقال النشطاء السياسيين.
قد ساعد السنوار في قيادة محادثات المصالحة في القاهرة بين حماس وفتح، حيث قدمت حماس تنازلات كبيرة وتخلت عن جميع المناصب الحكومية العليا للسلطة الفلسطينية وسمحت بنشر 3 آلاف ضابط أمن تابع للسلطة الفلسطينية في غزة، ولكن عباس لم ينفذ أي من الاتفاقيات الموقعة، حسب الكاتب.
الكيان الفلسطيني
جاء بيان بكين خلال فترة الحرب الدموية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، مما أثار استفسارات عديدة من قبل المراقبين حول إمكانية اختلاف اتفاق بكين عن الاتفاقيات السابقة؟
رغم أن الفلسطينيين كانوا متمسكين منذ عقود بتحرير فلسطين واستعادة حقوقهم، خاصة حق عودة المشردين كما جرد القرار الأممي رقم 194 بعد النكبة، ولكن منظمة التحرير الفلسطينية اختارت في عام 1974 سياسة ركزت على إقامة دولة فلسطينية.
ووصلت هذه العملية ذروتها من خلال توقيع اتفاقيات أوسلو في عام 1993، عندما اعترف زعيم فتح ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك، ياسر عرفات، ببقاء إسرائيل على نسبة 78% من فلسطين التاريخية على حساب دولة فلسطينية مقسمة على النسبة المتبقية، التي تشمل غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
وعلى مدى أكثر من 30 عامًا، لم ينجح محمود عباس في تحقيق تسوية سياسية قابلة للتطبيق، في حين كانت إسرائيل تعمل على تعزيز سيطرتها على الضفة الغربية، مع زيادة عدد المستوطنين الإسرائيليين بمقدار 7 أضعاف تقريبًا، أو حوالي 800 ألف منذ 1993.
وبعد اعتراف إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بهذا المشهد في عام 2016، وإعلانها أن نموذج الدولتين قد اندثر تقريبًا، اعتمدت إسرائيل سياسة عدوانية لـتهويد القدس، وخاصة المواقع الدينية الإسلامية في مجمع المسجد الأقصى، وفق ما ورد.
بلا شرعية
وبعيدًا عن الاختلافات العقائدية والسياسية بين الفصائل الفلسطينية، كان هناك سبب حاسم آخر لفشلها في التصالح وهو تدخل رعاة فتح الذين يسعون لتأمين مصالحهم الخاصة، بحسب ما أوضحه سامي العريان.
وبقيت حماس ومنظمة الجهاد الإسلامي خارج إطار منظمة التحرير الفلسطينية، حيث استمرتا في القيادة في المقاومة والصراع العسكري ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1993، رافضتا عملية أوسلو “الفاشلة” التي لم تخلف دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967، بحسب الكاتب المذكور.
شروط تجفف جوهر المقاومة
ظل عباس مصرًا على أن تقبل جميع التيارات، بما فيها حماس والجهاد الإسلامي، 3 مطالب لبرنامجه السياسي، بمن فيها الاعتراف بجميع الاتفاقيات التي وقعتها سلطة فلسطين مع إسرائيل، بما في ذلك التنسيق الأمني، وكذلك الاعتراف بدولة إسرائيل وتصديق المفاوضات كاستراتيجية وحيدة لحل الدولتين، والتنازل عن المقاومة المسلحة وتسليم معداتها العسكرية أو وضعها تحت سيطرته.
رأت حماس والجهاد الإسلامي أن الموافقة على هذه المطالب، ستعني التخلي عن جوهر وجودهما وأهداف حركتيهما، ولذلك اقتصرتا منذ عام 2011 على دعوة لإجراء انتخابات جديدة.
أصدرت دول مثل جنوب أفريقيا وبعض الدول الأوروبية وأمريكا اللاتينية بيانات أكثر قوة على الصعيد الدبلوماسي، واتخذت إجراءات أشد من إجراءات سلطة فلسطين، مثل مقاضاة إسرائيل أمام المحاكم الدولية، بينما بقي عباس وأصدقاؤه متآمرين مع الولايات المتحدة في التخطيط للحكم المستقبلي لغزة في مشروع “اليوم التالي”.
كانت إحدى الدوافع الرئيسية لحماس، الصنفة كحركة “إرهابية” في الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض الدول الأخرى، للمشاركة في محادثات بكين، هو الحصول على اعتراف دولي كجهة مسؤولة ولاعب شرعي.
الصين مقابل أميركا
في إطار ظهور عالم متعدد الأقطاب بقيادة الولايات المتحدة والصين مؤخرًا، لعبت الصين دورًا بارزًا في محادثات المصالحة بين السعودية وإيران العام الماضي، وأرادت أن تكون المكان الذي يوحد الفلسطينيين على أمل سفر مسار سياسي جديد، وأن تقوم بدور بارز بالانضمام إلى الولايات المتحدة أو حتى استبدالها في التوصل إلى تسوية مستقبلية في الشرق الأوسط.
أنهى سامي العريان بالتساؤل هل يوافق السنوار، رغم شخصيته الودودة وميله إلى توحيد الفصائل الفلسطينية، على الحصول على شروط عباس في ضوء الزلزال الذي أحدثه طوفان الأقصى؟ ليجيب بأن ذلك من غير الممكن تمامًا.