الأوضاع السياسية في العراق تحتاج إلى تصحيح
بغداد – تواجه الساحة السياسية في العراق تحديات كبيرة نتيجة تداخل الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية. يشهد الوضع توترات متزايدة نتيجة عدة عوامل، بينها تعثر جهود انتخاب رئيس للبرلمان وتطورات إقليمية متسارعة، خاصة في ظل الحرب على غزة.
حاليًا، يتولى محسن المندلاوي، النائب الأول لرئيس البرلمان، إدارة المجلس بشكل مؤقت، بعد قرار المحكمة الاتحادية بإقالة رئيس المجلس السابق محمد الحلبوسي بسبب قضايا متعلقة بالتزوير.
مخاطر الصراعات السياسية
وفي حديث خاص مع الجزيرة نت، قال صالح المطلك، السياسي البارز ونائب رئيس مجلس الوزراء السابق، إن الوضع السياسي في العراق هش ويحتاج لتدخل عاجل من القوى السياسية. وأضاف أن الصراعات الداخلية بين الأحزاب الشيعية والسنية والكردية قد تؤدي إلى فوضى مستقبلية تهدد العملية السياسية برمتها.
العدوان الإسرائيلي وتأثيره
أعرب المطلك عن قلقه من الأوضاع في غزة، واصفًا ما يحدث من اعتداءات بأنه جريمة جماعية تحتاج إلى موقف أقوى من الدول العربية والإسلامية. وأوضح أن موقف العراق من العدوان واضح لكنه لا يزال يتطلب المزيد من التكاتف إقليميًا لوقف الاعتداءات.
سياسة المحاور والولاءات
حين سُئل عن سياسة المحاور والولاءات، أكد المطلك أن العلاقة بين القوى السياسية في العراق والدول الخارجية ما زالت تؤثر في القرار السياسي. ودعا القادة إلى وضع مصلحة العراق نصب أعينهم بدلًا من التوجه نحو مصالح الدول التي ينتمون إليها.
ثغرات الدستور
وفيما يتعلق بالدستور العراقي الجديد، حذر المطلك من الثغرات الموجودة فيه، خاصة تلك التي قد تُستخدم لإقصاء أطراف أخرى. وأكد أن الدستور يحتوي على مواد قد تؤدي إلى تفكك العملية السياسية إذا لم يتم تعديلها في الوقت المناسب.
واختتم المطلك حديثه بالتأكيد على أهمية مراجعة الدستور بشكل عاجل لتجنب الأزمات المحتملة في المستقبل، مشيرًا إلى ضرورة استجابة القيادات السياسية لمطالب الشعب قبل تفاقم الأوضاع.
-
من يتولى منصب رئيس البرلمان؟ من المسؤول عن عدم شغله حتى الآن؟ وماهي الفوائد المرتبطة ببقاء الوضع كما هو؟
تشير التحليلات إلى أن المستفيدين من شغور منصب رئيس البرلمان هم الطرف السني الذي لا يرغب في وجود رئيس جديد وكذلك بعض الأطراف من الإطار التنسيقي الشيعي التي تفضل بقاء هذا المنصب تحت إدارتها.
توجد كذلك صراعات داخلية بين الأطراف المنضوية في الإطار الشيعي، حيث يُعتقد أن انتخاب رئيس جديد للبرلمان سيؤدي إلى توافق أكثر مع الحكومة الحالية، بينما يتخوف آخرون من تعيين رئيس للبرلمان في هذا الوقت.
-
ما هي مسؤولية النخب السياسية عن الفجوة مع المواطنين؟ هل ستؤدي هذه الفجوة لعزوف متزايد عن الانتخابات المقبلة؟ أم نرى مظاهرات كبيرة في الشارع؟
تعد النخب السياسية التي تتولى الحكم المسؤولة عن التصعيد الحالي في التوتر مع المواطنين، وهو ما يتجلى من خلال الفشل في توفير الخدمات الأساسية وعدم الاستجابة لمطالبهم الملحة.
إذا استمر هذا الوضع، فقد يتزايد العزوف عن الانتخابات، مما سيؤدي إلى فقدان المواطنين لثقتهم في العملية السياسية، وإلى فقدان معنى الديمقراطية في العراق، حيث يصبح النظام غير واضح وغير مسؤول.
-
كيف تقيّمون أداء حكومة السوداني؟ هل انطلقت بمشاريع فعّالة لتغيير الصورة داخليا وخارجيا؟ هل نجح في التحرر من ضغوط الأحزاب السياسية؟
يعمل محمد شياع السوداني بجهد كبير وباستمرار لتقديم الخدمات للمواطنين، مُشيرًا إلى أن حكومته تركز على توفير الخدمات بشكل أساسي.
لكن يبدو أن النجاح يأتي أحيانًا على حساب الاهداف السياسية لبعض الأحزاب، حيث لا يعتبر البعض نجاح السوداني أمرًا جيدًا، لأنه قد يمنحه قاعدة جماهيرية أكبر في الانتخابات القادمة.
يظهر هنا صراع فكري: فإذا حققت الحكومة نجاحات، تُعتبر منجزات للأحزاب السنية في الوقت الذي يأمل فيه التيار الصدري أن يفشل الجميع.
-
كيف تُقيّمون انسحاب التحالف الدولي من العراق؟ هل تشعرون بالخوف من وجود تأثيرات سلبية لدول أخرى في حال انسحابهم؟
يُطرح تساؤل حول ما إذا كان وجود التحالف الدولي في العراق يُعتبر احتلالًا، إذ إن هذه القوات كانت قد نُقلت بطلب من الحكومة خلال مرحلة صعبة في مواجهة تنظيم الدولة.
أي مطلب للخروج بهذه الطريقة ليس له مبررات مقنعة، وإن كانت الأوضاع تحتاج إلى إجراء الانسحاب بشكل يتماشى مع احترام سيادة العراق، فإننا نفضل التنسيق مع التحالف بما يخدم المصلحة الوطنية.
بالإضافة إلى ذلك، تبقى الحاجة قائمة لخبرات الدعم اللوجستي والاستخباري لتحسين وضع الطيران العراقي، وسبق أن تم الاتفاق مع القيادات السياسية على ضرورة تجنب الوضع السيء الذي قد يستغله البعض.
إذا اتخذ القرار بخروج التحالف بناءً على إرادة عراقية فبالتأكيد سيتاح النقاش حول الموضوع وأسبابه.
تشير الإحصائيات غير الرسمية إلى أن عدد القوات الأميركية في العراق بلغ حوالي 130 ألف جندي في بداية الغزو عام 2003، ثم تنوّع العدد ما بين 100 و150 ألف جندي حتى ارتفع مجددًا مع تزايد العنف إلى حوالي 170 ألف جندي في عام 2007.
في نهاية عام 2011، أنهت الولايات المتحدة غزوها للعراق، داخل فترة رئاسة باراك أوباما، حيث أُعيد انتشار القوات وقُلل العدد ليبقى بعض المستشارين العسكريين فقط.
لكن مع ظهور تنظيم الدولة في عام 2014، زادت واشنطن عدد قواتها إلى أكثر من 5 آلاف، قبل أن يتم تقليص العدد إلى 3 آلاف في عام 2021، ليصل إلى حوالي 2500 العام الحالي.