ضغط الفصائل وأمن البعثات.. الحرب “متعددة الظروف” تحت ضغط حكومة بغداد
بغداد – يخضع العراق لضغوطات سياسية وأمنية على خلفية موقفه من النزاع الإسرائيلي المتصاعد. بينما تتزايد الضغوط من واشنطن على الحكومة العراقية لتمضي في تحييد الفصائل المسلحة، تواصل هذه الفصائل استهدافها لإسرائيل عن طريق إطلاق صواريخ ومسيرات.
تثير هذه الأوضاع تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على إبعاد الفصائل عن الحرب والموازنة بين التحفظات السياسية المختلفة. وتعلن الفصائل المسلحة بشكل شبه يومي عن استهدافها لمواقع في إسرائيل، بما في ذلك أهداف حيوية وموانئ نفطية.
من ناحية أخرى، ترتفع التحديات المرتبطة بحماية البعثات الدبلوماسية والقواعد العسكرية للتحالف الدولي في العراق. يتجلى ذلك في زيادة حرارة المهمة الملقاة على عاتق رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، حيث تعرضت هذه البعثات لهجمات متكررة باستخدام أسلحة متعددة، منها الصواريخ وقذائف الهاون.
في الأول من أكتوبر الحالي، طالبت السفيرة الأميركية لدى العراق، إلينا رومانسكي، الحكومة العراقية بالتعاون لوقف الاعتداءات على البعثات الدبلوماسية، على خلفية استهداف مجمع الدعم الدبلوماسي، وهو منشأة أميركية.
تأمين البعثات
أكد قائد عمليات بغداد الفريق الركن وليد خليفة التميمي أن جميع السفارات والبعثات الدبلوماسية في بغداد مؤمنة بالكامل. وأوضح أن كل سفارة تحظى بحماية مشددة من قِبل قوة تابعة لمديرية حماية السفارات، إلى جانب تأمين إضافي من القوات الأمنية المسؤولة عن المنطقة.
وأشار إلى التنسيق العالي بين وزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد لضمان مستويات حماية مرتفعة، مؤكدًا أن القوات الأمنية منتشرة في كل أنحاء العاصمة لضمان الأمن.
كما تم تسليط الضوء على جهود استخباراتية مكثفة لمتابعة أي تحركات مشبوهة أو تهديدات محتملة.
في سياق متصل، أكد اللواء تحسين الخفاجي، رئيس خلية الإعلام الأمني التابعة للعمليات المشتركة، التزام السلطات العراقية بتوفير الحماية اللازمة للبعثات والمنشآت الدبلوماسية، مشدداً على أهمية هذا الحماية في تعزيز العلاقات والمصالح بين العراق وهذه الدول.
قرار الحرب
تستمر الضغوط على الحكومة العراقية وسط مطالبات متزايدة بتحييد الفصائل المسلحة وعزل العراق عن الاضطرابات الإقليمية، لكن الوضع المعقد يجعل من الصعب اتخاذ قرار واضح ومحدد بالنسبة لمشاركة العراق في أي صراعات قد تتطور لاحقًا.
موقف العراق من الحرب الإقليمية
تبلور موقف العراق المحايد من النزاع الإقليمي بشكل أكبر، حيث أكد وزير الخارجية فؤاد حسين خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيراني عباس عراقجي في بغداد، على “رفض استغلال الأجواء العراقية كجزء من مسرح الحرب”، مشددا على أن “المنطقة وبلداننا تواجه تحديات مصيرية، خصوصاً في ظل العدوان المستمر على غزة ولبنان”. وأكد حسين على “تحذير الحكومة العراقية من تفشي الحرب في المنطقة”.
وأضاف الوزير أن “الحكومة العراقية لا تتخذ قرار الحرب، إنما القرار يخضع لسلطات الدولة الثلاث”.
وجهة نظر حول الحرب والتحديات
صلاح بوشي، رئيس مركز العراق للدراسات الاستراتيجية، أكد أن العراق يسعى لتفادي الأضرار لنفسه ولبقية المنطقة. واستنكر “التمرد الصهيوني الذي تجاوز المعايير الإنسانية وقوانين الحرب”، موضحاً أن الموقف الإنساني والأخلاقي للعراق قد ولد دعماً شعبياً ومؤسساتياً للقضية الفلسطينية، خاصة بعد خطاب المرجعية الدينية في النجف ومبادرة السيد مقتدى الصدر.
كما أشار بوشي إلى أن “قرار الحرب المباشرة مع الكيان الصهيوني يعد مسألة معقدة في الوقت الحاضر، على الرغم من جاهزية المقاتل العراقي والقوات الأمنية، إلا أن الحكومة تسعى لحل الأزمة عبر الطرق السياسية”.
التهديدات المحتملة من إسرائيل
في سياق متصل، تتزايد المخاوف من إمكانية قيام إسرائيل بتنفيذ ضربات عسكرية داخل العراق، كما يحدث في لبنان. لكن المحلل السياسي رياض الوحيلي، المقرب من قوى المقاومة، استبعد هذا الاحتمال، مشيراً إلى أن مثل هذه الخطوة قد تلحق ضرراً كبيراً بالمصالح الأميركية في العراق ومنطقة الشرق الأوسط.
تحدث الوحيلي، في حديثه للجزيرة نت، عن أن “أي رد فعل من قوى المقاومة قد يهدد بوجود الكيان الصهيوني في المنطقة”. ولفت إلى أن إسرائيل تخضع لضغوط كبيرة من الولايات المتحدة والدول الغربية لوقف عملياتها العسكرية في لبنان وغزة، ويُجرى العمل على جهود مكثفة من حكومة السوداني والمجتمع الدولي لوقف الحرب في تلك المناطق.
وأكد أن “أي وقف للحرب يعني التزام قوى المقاومة بعدم الانخراط في القتال، لكن الفصائل ستستمر في مواجهة الكيان الصهيوني عبر عمليات استراتيجية داخل الأراضي المحتلة إذا استمر العدوان”.