### عائلة سورية تتذكر هجوم الأسلحة الكيميائية في 2013
**زملكا، سوريا (أسوشيتد برس)** – عائلة سورية نجت من هجوم بأسلحة كيميائية في عام 2013، والذي أودى بحياة المئات، تعبر عن معاناتها المستمرة حتى اليوم. وقع الهجوم في 21 أغسطس 2013 واستهدف عدة ضواحي في دمشق، بما في ذلك زملكا، حيث تعيش عائلة أربيني. وقد تم تحميل حكومة الرئيس آنذاك بشار الأسد مسؤولية هذا الهجوم.
### ذكريات أليمة
تتذكر عائلة أربيني كيف أغلقت نفسها داخل غرفة بلا نوافذ في منازلهم لساعات طويلة، محاولين الهروب من مصير جيرانهم الذين لقوا حتفهم في إحدى أكثر اللحظات دموية في الحرب الأهلية السورية. الغاز المستخدم كان السارين، وهو عامل عصبي سام للغاية.
### إنكار الحكومة السورية
تنفي الحكومة السورية المسؤولية عن الهجوم وتتهم مقاتلي المعارضة، وهو ما ترفضه المعارضة، إذ كانت قوات الأسد الجانب الوحيد الذي يمتلك السارين خلال الحرب الأهلية العنيفة. وقد هددت الولايات المتحدة لاحقاً برد عسكري، حيث أعلن الرئيس آنذاك باراك أوباما أن استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية سيكون “خطاً أحمر” لواشنطن.
### ليلة رعب
“كانت ليلة مرعبة”، يقول حسين أربيني (41 عامًا) في حديثه مع أسوشيتد برس يوم الأربعاء. سقطت صواريخ سطح-سطح بالقرب من منزل عائلته دون أن تنفجر، مما أدى الى تسرب الغاز السام. يتذكر كيف بدأ أفراد الأسرة يعانون من صعوبات في التنفس، وشعور بآلام في أعينهم وتسارع في نبضات القلب.
على الفور، هرع حسين وأفراد عائلته، بالإضافة إلى أحد الجيران، وعددهم 23 شخصًا، إلى الغرفة الوحيدة في المنزل التي لا تحتوي على نوافذ وأغلقوا الباب.
### إجراءات للحماية
يقول حسين إنه قام بتلبيس جميع جوانب الباب بالشريط، ونقع بعض الملابس في الماء ولفها تحت الباب لمنع تسرب الغاز السام.### شهادة الناجي من الهجوم الكيميائي في زملكا
**أوقات الرعب والنجاة**
يستذكر حسين عريني، البالغ من العمر 41 عامًا، الليلة التي تعرض فيها لهجوم كيميائي عام 2013. توفي العديد من جيرانه في ذلك الهجوم، لكنه وعائلته نجوا بمعجزة. يروي عريني: “حتى أنني لسقت ثقب المفتاح”، مضيفًا أنه في الأشهر السابقة، قامت فرقة الدفاع المدني السوري، المعروفة أيضًا بالخوذ البيضاء، بتوجيه السكان في الضواحي الواقعة تحت سيطرة المعارضة في دمشق حول كيفية التصرف في حال حدوث هجوم كيميائي.
تذكر عريني أنهم قالوا إن على الناس تغطية أنوفهم وأفواههم بقطعة قماش مبللة بالماء مع الخل الأبيض والتنفس من خلالها. امضوا ثلاث ساعات متجمعين في غرفة، طوال تلك الساعة التي بدت بلا نهاية. “الفضل كله يعود إلى الله وهذه الغرفة المغلقة”، يقول عريني واصفًا كيف نجوا.
![صورة حسين عريني](3.jpg)
*حسين عريني، 41 عامًا، يجلس بين والدته خديجة د عباس، 66 عامًا، وأخيه حسن عريني، 42 عامًا، يشرح كيف عانى من هجوم الأسلحة الكيميائية عام 2013. (AP Photo/Hussein Malla)*
**الإخلاء والرعب**
عند شروق الشمس، اقتحمت أفراد من الخوذ البيضاء منزلهم، ووجدوا العائلة في الغرفة بالطابق الأرضي وأخبروهم بمغادرة المنطقة فورًا. جرت العائلة إلى الشارع وشاهدت جثثًا ملقاة في كل مكان. وقدم لهم شاحنة عابرة سريعة. جارتهم، التي فقدت وعيها بسبب صدمة المشهد المرعب، تم نقلها بواسطة المسعفين.
“كنت خائفة من النظر”، تقول والدة حسين، خديجة د عباس، ذات الـ 66 عامًا. أقامت العائلة لأسابيع بعيدًا عن زملكا، لكنهم عادوا مجددًا بعد ذلك.
رغم تهديد أوباما، توصلت واشنطن في النهاية إلى اتفاق مع موسكو لتسليم نظام الأسد المدعوم من روسيا لأسلحته الكيميائية. ولكن الحكومة السورية كانت تُعتَبر على نطاق واسع أنها احتفظت ببعض الأسلحة، وتعرضت للاتهام باستخدامها مجددًا، بما في ذلك هجوم غاز الكلور في عام 2018 على دوما، أحد ضواحي دمشق، الذي أسفر عن مقتل 43 شخصًا.
**السعي لتحقيق العدالة**
اليوم، يتذكر عريني جميع الجيران والأصدقاء وأفراد المجتمع الذين لقوا حتفهم، ويعبر عن رغبته في “أشد العقوبات” ضد من يقفون وراء الهجوم في زملكا. يقول: “يجب أن يتحقق العدل لجميع هؤلاء الأطفال والأبرياء الذين قُتلوا”، بينما ينظر إلى ابنه البالغ من العمر 12 عامًا، ليث، الذي كان رضيعًا في ذاك الوقت.
![صورة فتاة عند مدخل منزل الأسرة](4.jpg)
*فتاة تقف عند مدخل منزل عائلتها، التي نجت من هجوم كيميائي في 2013. (AP Photo/Hussein Malla)*
**الوضع الحالي في سوريا**
تسود البلاد حالة من عدم الاستقرار، حيث تقود مجموعة “هيئة تحرير الشام” الجديدة الحكومة في سوريا، والتي شنت هجومًا مفاجئًا من معقلها في الشمال الغربي ضد نظام الأسد. وقد تعهدوا بجلب مسؤولين سابقين من الحكومة السورية إلى العدالة.
ومع ذلك، لا يعرف أحد كيف ستبدو مستقبل سوريا بعد الإطاحة بأسد. يقول آدم كوكول، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”: “إن الإطاحة بحكومة الأسد تخلق إمكانية لتحقيق العدالة لآلاف الضحايا، بما في ذلك أولئك الذين قُتلوا بأسلحة كيميائية وأسلحة محظورة أخرى”.
ويضيف: “لكن العدالة لن تتحقق إلا إذا أولت السلطات الجديدة الأولوية لذلك وتحركت بشكل عاجل لحفظ الأدلة”. ويشدد على ضرورة توفير وصول فوري لوكالات الأمم المتحدة والخبراء الدوليين لإنشاء خطة شاملة لضمان أن يتمكن السوريون من السعي لتحقيق العدالة والمساءلة.
### زيارة مقبرة الشهداء في زملكا#### ذكرى الهجوم الكيميائي
في يوم الأربعاء، قام نحو عشرة أشخاص بزيارة مقبرة الشهداء في زملكا، حيث تم دفن عدد من الأشخاص الذين سقطوا خلال الحرب المستمرة في سوريا منذ حوالي 14 عامًا.
#### قبر جماعي
أشار حسن، شقيق Arbeeni، إلى جزء من المقبرة الذي يضم قبراً جماعياً. لا توجد أسماء للقتلى، بل توجد لافتة باللغة العربية مكتوب عليها: “أغسطس 2013”.
قال حسن: “هنا يرقد شهداء الهجوم الكيميائي”، وتلا دعاءً إسلامياً للمتوفين.