عبد الزهرة زكي: الشعر ألهمني الكتابة السردية
صدور رواية “غريزة الطير”
صدر حديثًا في بغداد رواية “غريزة الطير” للشاعر العراقي عبد الزهرة زكي، التي لاقت اهتمامًا نقديًا واسعًا. تعتبر هذه الرواية الأولى له بعد مجموعته الشعرية الكاملة، والتي جاءت في ختام مسيرة حافلة بالكتابات الشعرية التي استمرت لأكثر من أربعين عامًا.
دافع إلى الكتابة السردية
خلال حوار معه تناول تجربته في كتابة الرواية، أعرب زكي عن أن الشعر هو ما دفعه إلى كتابة الرواية، مشيرًا إلى أن الكتابة السردية تعتبر هبة جاءته بفضل الشعر الذي فتح أمامه آفاقًا جديدة في الإبداع. وأوضح أن تجربته في كتابة الشعر، وخاصة من خلال ديوانه “شريط صامت”، كانت أساسًا لتطوير أسلوبه السردي الذي استمر في تحسينه على مر السنين.
تداخل بين الشعر والسرد
بينما استعرض مشواره، أشار زكي إلى أن تقنيات “السرد الشعري” كانت حاضرة في معظم دواوينه، كما أكد على أن الكتابة السردية تعتمد على استجابة فنية للأحداث والتجارب الحياتية. وأكد أنه لا يجب أن تعيق الأجناس الأدبية المختلفة بعضها البعض، بل يمكن أن تتعايش وتغني الفنون الأدبية.
الواجهات الأدبية المتعددة
وعن تلقي النقاد لروايته، قال زكي إنه لا يراها نقطة لافتراق عن الشعر، مشددًا على أهمية التوازن بين الأشكال الأدبية المختلفة. وأوضح أن تطور كل جنس أدبي لا ينبغي أن يأتي على حساب آخر، وأن الكتابة تعبر عن احتياجات الكاتب، مما يسمح له بالتنقل بين الأجناس كما يراه مناسبًا.
قضية اللغة في الرواية
عند الحديث عن أسلوبه في الكتابة، واجه زكي تحديًا في الابتعاد عن أسلوبه الشعري أثناء كتابة الرواية، حيث كان يسعى لتحقيق توازن بين اللغة الشعرية واللغة النثرية. وقد أشار إلى أهمية التجربة الصحفية في مساعدته على ضبط انزلاق اللغة نحو الطابع الشعري، لكنه أكد على أن الرواية تحتاج إلى بلاغة نثرية خاصة.
عنوان الرواية وعلاقته بالثقافة الأدبية
في اختتام الحوار، أثيرت قضية عنوان روايته “غريزة الطير”، وما إذا كان هناك ارتباط بينه وبين “منطق الطير” لفريد الدين العطار. ورغم أن العنوان جاء متأخرًا بعد مراجعة الرواية، إلا أن زكي أوضح أنه لم يكن يفكر في هذا الاقتباس عند اختياره للاسم، بل كان الهدف منه أن يعكس روح الرواية ومعانيها.## تأملات في رواية “غريزة الطير”
تطرق عنوان رواية “غريزة الطير” إلى ارتباط وثيق بحياة الأفراد والمجتمعات، بالتوازي مع ما يتناوله كتاب “منطق الطير” من قضايا متعالية. إذ تنبع جذور اهتمام “غريزة الطير” من كونها تستمد مرجعيتها من فضاء المدينة التي تعيش فيها الشخصيات، مما يجعلها أكثر ارتباطًا بالأرض والأصول.
إشكالية الهوية الاجتماعية
تطرح الرواية تساؤلات حول الهوية الاجتماعية وعلاقتها بالآخر الذي يتشارك المكان والوجود، وذلك من خلال شخصيات تتسم بالوضوح والعمق. يبرز في هذا السياق شخصية الأب سليمان زيني، الذي كان ناشطًا في الحزب الوطني الديمقراطي في البصرة خلال أربعينيات وخمسينات القرن العشرين. تمثل قصته تجسيدًا لمصير الليبرالية العراقية التي شهدت تراجعًا بعد تلك الفترة، مما يعكس جانباً من مراحل المجتمع العراقي التي لم تحظ بالاهتمام الكافي في الأدب أو الفكر السياسي.
قصص الشخصيات ومصائرهم
تتميز الرواية بتناول مصائر الأرستقراطية الوطنية العراقية، مما يمنح القارئ نظرة ثاقبة عن أبعاد العلاقات الاجتماعية والأحداث التاريخية التي شكلت هوية المجتمع. وتدعو القارئ للتأمل في كيفية تقاطع هذه الهويات مع تجارب شخصية غنية، تعكس تجذّر هذه الشخصيات في أصولهم.
يمكن القول إن “غريزة الطير” تمثل صدى لمراحل تاريخية وثقافية مهمة، تجسد تحولات المجتمع العراقي وما ترافق معها من مشاعر وتحديات.