عبقرية السنافر: الأقزام الزرق الذين أسعدونا منذ 63 عاماً

By العربية الآن

عبقرية السنافر.. الأقزام الزرق الذين أسروا قلوبنا منذ 63 عامًا

عبقرية السنافر الأقزام الزرق الذين أسعدونا منذ 63 عاماً الأقزام الزرق الأقزام الزرق

<

div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content css-1ixs1ns” aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>تعيش مجموعة من الكائنات الصغيرة، المعروفة بالسنافر، في قرية داخل غابة نائية تخفيها الصخور، حيث توفر لهم الحياة كل ما يحتاجون إليه في واديهم السعيد. بعد مرور 63 عامًا على ابتكار هذه الشخصيات عام 1981، نطرح أسئلة هامة: ما هي القصة الحقيقية خلف هذه الشخصيات الكرتونية؟ ولماذا يتكونون غالبًا من 99 ذكرًا وأنثى واحدة؟ ولماذا اعتُبر لونهم أزرق؟ وما سر نجاحهم الكبير؟

يتناول فيلم وثائقي بثته الجزيرة الوثائقية مسيرة السنافر منذ البداية ويكشف سر هذه الكائنات العجيبة.

مدينة فاضلة خارج أسوار الزمان والمكان

عُرفت السنافر، القزمة الزرقاء التي تمر بمغامرات ممتعة، في طفولة الكثيرين. تعيش هذه المخلوقات، التي لا يتجاوز طولها ثلاث تفاحات، في غابة مفقودة تحاكي المدينة الفاضلة، حيث يواجهون الخطط الشريرة للشرير الساذج شرشبيل، الذي يُهزم دائمًا.

القصة مستوحاة من الحكايات الأوروبية في العصور الوسطى، وتعددت أسماء هذه الكائنات حول العالم، فمثلاً، تُعرف في المملكة المتحدة بـ”سمارفز”، وفي كوريا بـ”سوموبو”، بينما تُدعى في فرنسا بـ”شترومف”.

في عام 1958، استخدم بيو كلمة “سنفور” للإشارة إلى الملح، مما أدى إلى ولادة هذا المصطلح.

بدأت القصة برسومات كرتونية في المجلات، وازدهرت مع فنان الرسوم المتحركة “فيليب غيلوك” الذي اشترى سنفورًا بتكلفة 20 فرنكا بلجيكيا. بينما اعتبر البعض ألبومات السنافر كنزًا، حيث جمع “فابيان فيلمان”، الكاتب، 130 ألبومًا كوسيلة للتخلص من آلامه الصحية.

تُنتج السنافر سنويًا من ستة إلى ثمانية نماذج، ويصل إجمالي النماذج إلى حوالي 600، مع مبيعات تتراوح بين 20 ألف إلى 40 ألف سنفور حول العالم. تختلف انطباعات الناس حول السنافر، فبعضهم يراها مجرد ألعاب، والبعض الآخر يعتبرها رموزًا أو شخصيات تحمل معاني مختلفة.

“مرر لي السنفور”.. صدفة ابتكار السنافر الطريفة

أما مؤسس السنافر فهو “بيير كوليفورد”، المعروف باسم “بييو”. بدأت القصة عندما كان بييو يتناول الطعام مع صديقه “أندريه فرانكان” على الساحل البلجيكي، حين طلب بييو منه أن يمرر له “السنفور”، أي الملح، مما أثار ضحكهما وأدى إلى ابتكار الاسم.

وفقًا لابنة بييو، “فيرونيك كوليفورد”، قام والدها بتدوين الاسم على ورقة. بعد عام، قدم بييو شخصية جديدة في سلسلة “يوهان وبيوب”، مستلهمًا من موقف الضحك الذي عاشه مع صديقه، لتنطلق بعدها مغامرات السنافر.

تعلق المختص “سبيستيان مينبسترو” على أن ما حققه بييو كان عبقريًا، حيث أنه استطاع دمج الأدب الشعبي وفولكلور القرون الوسطى من خلال شخصيات خيالية.

تصميم السنافر.. بساطة وألوان تذيب الفوارق العرقية

يمتاز تصميم السنافر بالبساطة والغنى، حيث خلقوا عالمًا يضم مختلف أنواع الشخصيات الاجتماعية. ومن شخصياتهم المتنوعة، نجد السنفور الكسول والسنفور الشجاع، مما يجعلهم رموزًا عابرة للثقافات.

يقول “باتريك ميت”، مصمم الشخصيات في سوني، إن تصميم السنفور يجمع بين الشكل البيضوي والقبعة التي تمتد للخلف، مع أنف بارز وأذنين منخفضتين، مما يسهل تحويل الشخصية إلى أخرى. بينما أضاف المؤرخ “جيل دال فيري” أن العناصر المستخدمة، مثل القبعات الصغيرة والمنازل المصنوعة من الفطر، تمنح السنافر هالة من السلام والأمان.

الملك السنفور يمثل رمزًا للاستبداد في أشكاله المختلفة.

### حلم السنافر وألوانهم المميزة

حلم العديد من الناس بالعيش في البيوت التي يصنعها السنافر من الفطر، إذ كانوا يمثلون القيم المحبوبة بألوانهم الزرقاء المشرقة. وقد جاءت فكرة اختيار هذا اللون من رغبة “بييو” في اختيار لون متميز يختلف عن لون البشر. وبالنسبة للألوان الأخرى، لم يكن البني والأخضر مناسبين لطبيعة الغابة، بينما يعتبر الأحمر لونًا عدوانيًا. لذلك، قامت زوجته باختيار اللون الأزرق ليكون بارزًا وفي نفس الوقت متناغمًا مع الطبيعة.

يرى “كيلي أسبوري”، مخرج الفيلم “السنافر والقرية المفقودة”، أن اللون الأزرق يعد رمزًا لتذويب العرقيات، مما يعزز ألفة الناس تجاههم ويلغي الفوارق بينهم.

شخصية الملك سنفور.. ليست مجرد شخصية كاريكاتورية

تعتمد لغة السنافر على الفهم النسبي وتتغير حسب السياق، وهذا مرتبط بالصراعات البلجيكية حول اللغة، حيث يتساءل الأفراد: هل ينبغي التحدث بالهولندية أم الفرنسية أم الألمانية؟ وقد نجح “بييو” في خلق عالم خاص وعميق بأسلوبه المتميز، حيث كانت الحوارات غنية وسهلة الفهم للأطفال وعميقة للكبار في الوقت نفسه.

وفقًا للكاتب “فابيان فيلمان”، كانت السنافر وسيلة فعالة للتواصل مع الأطفال، حيث تناولت مواضيع تعكس عمق الحياة بشكل غير معقد.

شرشبيل كرمز للشر.. نقد ضمني للصراعات الحالية

تتميز قصص السنافر بتقديم صراع دائم بين الشخصيات الطيبة والشريرة، مما يجعل القارئ يتعاطف مع إحدى هذه الشخصيات، كالسنافر المغرورين أو المزارعين. يُعتبر شرشبيل هو الشخصية التي تمثل الشر، حيث يسعى لتحقيق أهدافه بطريقة تخريبية تعكس طبيعة الشخصيات الشريرة في عالمنا.

يعتبر “فرانسوا والتيري”، مؤلف مساعد لـ”بييو”، أن شرشبيل شخصية مخادعة وفاسدة، تقول عنه أنه يمثل الشر ولكن ليس بالذكاء الكافي لتحقيق مآربه.

سنفورة.. المرأة الوحيدة التي تعيش في عالم ذكوري

تعد سنفورة الشخصية الأنثوية الوحيدة في عالم السنافر، وجاءت كمؤامرة من شرشبيل لدخول قرية السنافر وإثارة الفوضى. في البداية، لم يكن لها أي جاذبية، لكنها تحولت إلى شخصية أنثوية جذابة بفضل بابا سنفور.

تعتبر شخصية سنفورة مثار جدل كبير، فبينما يرى البعض أنها تعكس عيوب المرأة، يعتقد آخرون أنها مجرد طريقة لتوضيح الفروق بين الجنسين بشكل كوميدي.

نجاح السنافر التجاري

استُخدمت شخصيات السنافر في العديد من الحملات الإعلانية، مما ساهم في خلق علامة تجارية عالمية. وقد تم تدشين منتجات السنافر في بلجيكا عام 1958، لكن النجاح الحقيقي جاء بعد بروز شركة النفط البريطانية التي ساهمت في تعزيز انتشارها. يعتبر “بييو” شخصية فريدة فهمت التسويق، وكان له دور بارز في بناء الأسس لحق الامتياز.

لقد كان “بييو” يمضي معظم وقته في التفاوض من أجل عقود تجارية تسهم في توسيع قاعدة السنافر على مستوى العالم.

غزو عالم التلفزيون.. صدفة تغيّر مجرى السنافر

يحكي المنتج “جوردن كيرنر” عن كيفية دخوله عالم السنافر في عام 1979 خلال تواجده في هاواي مع “براندون تارتيكوف”، رئيس شبكة “آي أم بي إس” (IMPS)، حيث سأله عما إذا كان يعرف السنافر، وكان جواب جوردن بالنفي. أعطاه تارتيكوف ثلاثة كتب تطلب منه قراءتها تلك الليلة.

في صباح اليوم التالي، دار نقاش طويل بينهما، وعبر جوردن عن رغبته في عرض السنافر بسرعة بسبب تأثيرهم المحتمل على جيل كامل من الأطفال. بعد عام ونصف، اتصل به براندون ليخبره أن شركة “هانا باربيرا” ستقوم بإنتاج مسلسل تلفزيوني للسنافر في عام 1981.

الأمريكي جيرارد هيرنانديز صاحب صوت بابا سنفور، أول من مثل هذا الدور باللغة الإنجليزية

يتحدث “جيرارد هيرنانديز”، صوت بابا سنفور في النسخة الإنجليزية، عن تلقيه مكالمة غير متوقعة يطلب منه فيها العمل على برنامج رسوم متحركة. وعندما حضر، وجد مجموعة من الزملاء مع “بييو”، حيث طلب منه تمثيل الشخصية المسنّة بسبب نبرة صوته الأميركية.

ويروي “جان كلير فانسون”، الحاصل على الدكتوراه في علم الموسيقى، كيف أصبحت شارة المسلسل مشهورة، مشيرًا إلى أن جملة “لا لا لا لا..” كانت تعبر عن السعادة. ويضيف أنه رغم بساطة التفاصيل، كانت تحقق نجاحا كبيرا، موزعاً على ثلاثة مفاتيح متسلسلة، في ذات المفاتيح التي استخدمها “موزارت” في إحدى سيمفونياته.

زحمة النجاح.. سنوات الثمانينيات تستنزف المؤلفين

يقول “هوغيز دييز” كاتب سيرة “بييو”: إن بييو خرج من عزلته عندما قرر مقابلة “هانا باربيرا”، حيث كان هناك صراع غير متكافئ. أراد التحكم في السيناريوهات القادمة عبر الفاكس، وعندما كانت تصل، كان يضع التعديلات اللازمة، مما استنزف طاقته، فكان يعمل حتى ساعات متأخرة من الليل.

عرفت فترة الثمانينيات شغفًا كبيرًا من الجمهور بمسلسل السنافر، حيث قدمت “هانا باربيرا” إنتاجًا مميزًا وصارت السنافر ظاهرة عالمية. ومع ذلك، يعتبر “هوغيز دييز” أن هذه الفترة كانت من أتعس أيام “بييو” رغم نجاحه الكبير، إذ كان يتنقل بين الطائرات والاجتماعات، مما أثر في قدرته على الاستمتاع بعمله.

خروج السنافر من قريتهم.. نحو السينما في نيويورك وباريس

قارن الناس بين السنافر وميكي ماوس، حيث أكد “مات موراي” أن السنافر حققوا نجاحا لم تحققه شخصيات أخرى، كـ”تين تين”. على الرغم من أن “بييو” رفض العديد من السيناريوهات التي كانت ترمي لنقل السنافر إلى نيويورك، إلا أنه بعد 15 عامًا تم إخراجهم فعلاً من قريتهم.

تم إنتاج فيلم يعتمد على الرسوم المتحركة الرقمية، واستمر نجاح هذا الفيلم، مما شجع المشرفين على تطوير فيلم آخر للسنافر بنفس الأسلوب، وهذا أضاف إلى نجاحهم في عالم السينما.

استطاعت هوليوود أن تحصل على حقوق إنتاج أفلام للسنافر بعد أن كانت حكرا على الرسوم التلفزيونية

خطوط بروكسل للطيران.. رحلة السنافر إلى الأمم المتحدة

انتقل السنافر بدعوة من الأمم المتحدة، حيث تحدث كارلوس إسلام، مدير المناسبات الخاصة، عن أهداف التنمية المستدامة الـ17، التي تمثلها شخصيات السنافر والمخطط لتحقيقها بحلول عام 2030.

ويرى “ديدييه رينديزر”، وزير الشؤون الخارجية البلجيكي، أن اختيار قبيلة السنافر منطقي، حيث تعكس تنوعهم قضايا متعددة في التنمية المستدامة، مثل حقوق المرأة ومكافحة التمييز الجنسي. ويشعر الأطفال بالسعادة عند لقاء السنافر.

في مسابقة نظمتها خطوط بروكسل للطيران، وضعت الشركة رسومات السنافر على طائراتها

نادي محبي السنافر.. تطلعات لحياة مثالية

يوجد حول العالم نادي لمحبّي السنافر، حيث قام “سيدريك ليمينز” من بلجيكا بنقش وشم للسنافر على جسده تعبيرًا عن إعجابه. بينما تحضر “بريندي ماريا هيوغو” المعارض الكبرى الخاصة بالسنافر، مستلهمة من السعادة التي حصلت عليها من خلال المسلسل.

أما “ألكسندر بيرغمان”، والذي نشأ في بلجيكا، فقد أعاد إحياء شغفه بالسنافر بعد لقائه بشريكته التي تشاركه نفس الاهتمام، مما جعلهما يشتروا مقتنيات جديدة من المعرض كل عام.

“سيدريك ليمينز” من بلجيكا ينتمي لنادي معجبي السنافر حول العالم

يؤكد “ألان ميشم” أن المحبة للسنافر لا تقتصر فقط على شخصيات خيالية، بل تعكس رغبتنا في الأسرة، والحب، والسعادة. كما يشعر الناس بالحاجة إلى القيم التي تمثلها السنافر، في عالم مليء بالتحديات والفراغ، حيث يبقى الإيمان بهذه الشخصيات رمزًا للحنين إلى السعادة والطفولة.

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version