كشف عصام حجي عن الأسباب الحقيقية وراء سيول درنة المدمرة
نشاط العواصف في شرق البحر الأبيض المتوسط
يشهد حوض شرق البحر الأبيض المتوسط زيادة في نشاط العواصف، مما يؤثر بدوره على المناطق الساحلية الحضرية المكتظة بالسكان، والتي لم تكن عرضة historically للفيضانات الكارثية. في خريف 2023، تعرض الساحل الشرقي لليبيا للعاصفة دانيال، مُحدثة فيضانات غير مسبوقة ولاحقة بخسائر في الأرواح وأضرار واسعة في البنية التحتية.
حالياً، توصلت دراسة حديثة أعدها العالم المصري عصام حجي، والتي نُشرت في دورية نيتشر كوميونيكيشنز، إلى أن حالات الفيضانات في مدينتي درنة وسوسة الساحليتين كانت لها أسباب معينة. فقد أفادت الدراسة بأن 66% و48% من السطح الحضري بهما تعرض لأضرار متوسطة إلى عالية.
أسباب تفاقم تأثير الفيضانات
وفي تصريحات خاصة للعربية الآن، أوضح حجي: “تصلّب التربة في وادي درنة نتيجة الجفاف والتصحر كان عاملاً أساسياً في زيادة قوة الفيضانات”. وأضاف أن “الجفاف أدى إلى تكوين أتربة كثيفة عند تلامسها مع مياه الأمطار، ما أسفر عن سيول طينية أكثر تدميراً من السيول المائية العادية، مما يعني أن مصدر الخطر كان الجفاف الحاد بدلاً من هطول الأمطار وحده”.
الإفراز من صور الأقمار الصناعية
استُخدمت منهجية صور رادار “سي سنتينل-1أ” في تقييم الأضرار الناجمة عن الفيضانات، وهو أسلوب يتميز بقدرته على رصد نحر التربة بشكل دقيق، مما يعكس أهمية الدقة في قياس تأثير الفيضانات عبر كامل حوض وادي درنة.
حوض شرق أوسطي مضطرب
واجه العلماء على مدى العقود الماضية صعوبة في فهم تأثير الأحداث المناخية المتطرفة، بسبب قلة حدوثها وندرة البيانات الميدانية في المناطق الساحلية. وتركزت الجهود بشكل عام على تقييم الأضرار في المناطق المحلية، دون مراعاة العوامل الإقليمية التي تسهم في تلك الظواهر.
مع الزيادة السكانية نتيجة النزاعات، زادت نقاط الضعف في السواحل الرملية القاحلة. ومن المعروف أن الأعاصير المدارية تُنتج خلال فصل الخريف، وقد ازدادت قوتها ومدة تأثيرها في السنوات الأخيرة، مما أثر سلباً على السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط.
يحذر حجي من أن خطر هذه العواصف يهدد جميع المدن الساحلية في المناطق المنخفضة، ويضيف أن تأثيرها على البنية التحتية مثل الموانئ قد ينجم عنه أزمات أكبر من الضرر المرئي.
رائحة الموت خلف العاصفة دانيال
تطورت العاصفة دانيال فوق البحر الأيوني في سبتمبر/أيلول 2023، إثر درجات حرارة مرتفعة في المياه. وصلت العاصفة إلى الساحل الشمالي الشرقي لليبيا بعواصف رياح قوية بلغت سرعتها 120 كيلومترا في الساعة، مما أدى لهطول أمطار تراكمية بلغت 240-414 ملم.
رغم ندرته، شهدّت المنطقة عواصف مطيرة شديدة في الخريف. خلال الأيام الثمانين الماضية، سجلت 5 فيضانات حديثة في وادي درنة. وقد أدت الظروف المائية القاسية الناجمة عن دانيال إلى الفيضانات والتدفقات الطينية.
أدّى الوضع المناخي الصعب إلى تدمير جزئي في البنية التحتية، حيث دُمّرت 5% من شبكة الطرق، وقُدّر حجم الخراب بنحو 8.8 مليون طن من الحطام. ووجهت العاصفة ضربة موجعة لمدينة درنة، طالت 28% من المنازل في سوسة، مع إجمالي ضحايا بلغ 5898 قتيلاً و8000 مفقود.
يضيف حجي أن الدراسة توضح أن العوامل المؤثرة ليست فقط قوة الأمطار، لكن أيضاً فترات الجفاف تسببت في تفاقم الوضع، مما يستدعي إعادة تقييم وتصميم جديد للبنية التحتية الساحلية في البلدان العربية.
يختتم حجي بتأكيد أهمية فهم هذه الكوارث والتنسيق في الجهود لمواجهتها، محذراً من أن التغيرات المناخية القادمة قد يكون لها عواقب أكبر من النزاعات الحالية.
رابط المصدر