عفريت الماء: إعجاز الطبيعة وما يحلم به البشر من قدرة وصلاحيات

By العربية الآن

عفريت الماء.. أعجوبة الخلق الذي يملك ما يحلم به البشر

عفريت الماء، الكائن السحري، الصور المعروضة في الاحواض
كان عفريت الماء أو سَمَنْدل المكسيك محل اهتمام البشر منذ القدم (شترستوك)

عفريت الماء، المعروف أيضًا بسَمَنْدل المكسيك، يعد من الكائنات الفريدة التي أثارت اهتمام البشر على مر العصور. يتميز بخصائص جسدية مذهلة مثل خياشيمه الرفيعة وأقدامه المكفوفة وزعانفه الظهرية التي تمتد على طول جسمه، مما يجعله موضوع دراسة منذ العصور القديمة، حيث كان موجودًا في أساطير حضارة الأزتك.

اليوم، ينتشر عفريت الماء في مختلف أنحاء العالم، حيث يُربى كحيوان أليف، على الرغم من أن موطنه الأصلي هو بحيرة زوتشيميلكو قرب مدينة مكسيكو، وهو مهدد بالانقراض. تُقدّر أعداد هذا الكائن اليوم بين 50 و1000 سمندل فقط.

تغذيته تعتمد على الأسماك الصغيرة والقشريات والحشرات، وعادة ما يصل طول الفرد البالغ إلى 15-45 سم، لكنه يحتفظ بخصائصه الشابة مهما تقدم في العمر.

كائن بسيط بقدرات خارقة

ما يجذب العلماء نحو هذا الكائن هو قدرته الاستثنائية على تجديد أطرافه بالكامل، بما في ذلك العظام والعضلات والأعصاب والجلد. قدرة تجديد الأعضاء تشمل حتى عضلة القلب وأجزاء من الدماغ والحبل الشوكي، مما يمكنه من استعادة الوظيفة العصبية بشكل شبه كامل بعد الإصابة.

تشبه هذه القدرات الخيالية ما نشاهده في أفلام الخيال العلمي، حيث يمكن لعفريت الماء أن يشفي جروحه دون ترك أي أثر. ولا تستغرق الخلايا وقتًا طويلًا للعودة إلى حالة خلوية مشابهة للخلايا الجذعية مما يمنحها القدرة على الانقسام وإعادة تكوين أنسجة جديدة.

ينتشر عفريت الماء في مناطق عدة حول العالم حيث يتم تربيته كحيوان أليف (بيكسابي)

عند الإصابة، تستطيع خلايا عفريت الماء أن تعود إلى حالتها الأساسية، مما يمكنها من التجدد وتكوين أنسجة جديدة في المكان الصحيح. فعلى سبيل المثال، في حال فقد كائن أحد أطرافه، تنمو خلايا تلك المنطقة لتعوض الجزء المفقود بدقة.

من الفريد في سمندل المكسيك أن جروحه تلتئم دون تكوين ندبات، مما يعني تعافٍ كامل من الإصابة، وهو أمر نادر بين الكائنات الحية الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع عفريت الماء بجهاز مناعي يقوم بتنظيف الجروح وتعزيز عمليات النمو، ما يجعله مختلفًا تمامًا عن الأجسام الأخرى حيث عادةً تكون عمليات الشفاء مصحوبة بالالتهابات.

وعلى الرغم من أن الكثير من الكائنات تفقد قدرتها على التجدد مع التقدم في العمر، إلا أن عفريت الماء يظل قادرًا على تجديد حتى الهياكل الأكثر تعقيدًا مثل الحبل الشوكي وأجزاء من الدماغ في أي مرحلة من حياته.

سعي للفهم

في عام 2018، كان هناك تطور كبير في الأبحاث المتعلقة بعفريت الماء، حيث تسعى العلماء لفهم… [الجزء الناقص في النص]

**تسلسل الحمض النووي لعفريت الماء: خطوة مهمة لفهم التجدد**

تم لأول مرة تسلسل الحمض النووي لعفريت الماء بشكل كامل، وهو إنجاز علمي بارز يمهد الطريق لفهم هذا الكائن الفريد. وُجد أن جينوم عفريت الماء هو الأكبر بين جميع الجينومات الحيوانية التي تم دراستها حتى الآن. منذ ذلك الحين، بدأ العلماء في تحليل هذا الجينوم الضخم من أجل معرفة الأسباب الكامنة وراء قدرة هذا الكائن على التجدد.

**البحث عن الجينات المسؤولة عن التجديد**

في عام 2020، استطاع الباحثون تحديد الجينات التي يُعتقد أنها تلعب دورًا في تجديد أنسجة سمندل المكسيك. وفي عام 2023، أحرز باحثو جامعة ستانفورد مزيدًا من التقدم في فهم الخصائص الفريدة للسمندل مقارنةً مع الحيوانات الأخرى.

**الكشف عن الجزيء الحساس**

تشير دراسة نشرها الفريق في مجلة نيتشر إلى أن السمندل يحتوي على نسخة حساسة للغاية من جزيء “إم تور”، الذي يعمل كآلية تتحكم في إنتاج البروتين. كما تُشبه آلية التجديد لدى السمندل سلوك البشر في أوقات الكوارث، حيث تخزن خلاياه جزيئات الحمض النووي الريبي، التي تحمل المعلومات الوراثية لإنتاج البروتينات الضرورية.

**آلية التجديد الفريدة لدى السمندل**

بعد التعرض لإصابة، يتم تفعيل هذا الجزيء لإعطاء إشارة تُستخدم لاستخراج الحمض النووي المخزن، مما يسهل إنتاج البروتينات بسرعة تجديد الأنسجة. وذلك يجعل علم التجدد في عفريت الماء موضوعًا مثيرًا للاهتمام لفهم كيف يمكن أن تتم عمليات الإصلاح في الكائنات الحية بشكل أكثر فعالية.

**أمل جديد في الطب التجديدي**

التجديد في عفريت الماء يعتمد أيضًا على وجود الأعصاب، التي تساهم في إطلاق عوامل النمو لتوجيه نمو الأنسجة. في حال تمكن العلماء من فحص آلية قدرة هذا الكائن على التجدد، فإن ذلك يُمكن أن يُحدث ثورة في مجال الطب التجديدي. يهدف هذا المجال إلى إصلاح أو استبدال الأنسجة والأعضاء التي تعرضت للتلف بسبب الأمراض أو العمر.

من المحتمل أن تشمل التطبيقات العملية لهذا البحث تعديل الجينات لعلاج الأمراض الوراثية، تطوير أدوية تحفز الجسم على الشفاء، واستخدام الخلايا الجذعية لإعادة بناء الأنسجة التالفة.

في الختام، يمثل عفريت الماء مصدر إلهام للعلماء والباحثين، ويُشجع على المزيد من الدراسات لفهم قدرة هذا الكائن الفريدة على التجدد، مما قد يفتح آفاقًا جديدة للطب والعلاج في المستقبل.

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version