علماء فيزياء يثبتون دقة فرضية “أعدائي أعدائي أصدقائي”
أعدائي أعدائي أصدقائي
في نظريته، شرح هايدر أنه ضروري وجود توازن في العلاقات الشخصية لتحقيق الانسجام النفسي، إذا اتفق شخصان أو أكثر على أفكار متشابهة حول شيء ما، فمن غير المحتمل وجود توتر أو تعقيد يحيط بهذه العلاقة.
المثال السابق يمثل هيكل علاقات متوازنة تنطوي على مشاعر مريحة، أما الهياكل غير المتوازنة فتتضمن مشاعر غير مريحة، مما يحث الإنسان على سعي لتحقيق التوازن عبر إجراء تعديلات دائمة في علاقاته.
على سبيل المثال، إذا كنت من محبي نجوم وسائل التواصل الاجتماعي، ورأيت أحدهم يروج لمنتج تكرهه، سيؤدي ذلك إلى ارتباك في وجهة نظرك تجاهه والمنتج، مما يولد توتراً معرفيًا، مما يستدعي إجراء تعديلات لازمة في وضعية العلاقة.
أن السلعة غير رديئة أو أنك غير مشتاق لهذا الفرد فعلا، وهذا يُحقق التوافق مجددًا.
هايدر يقترح في فلسفته أن التوازن في العلاقات يشمل أربع مبادئ هي:
- الرفيق لصديقي هو صدوق.
- عدو صديقي هو عدوي.
- الصديق لعدوي هو عدوي.
- العدو لعدوي هو صديقي.
وهذا النموذج الذي يتكون من علاقة بين ثلاثة أفراد (صديقي وعدوي وأنا) يُمكن تعميمه وفقًا لهايدر على كافة أنواع العلاقات في المجتمع، لتحقيق التناغم النهائي بين أفراده.
الفيزياء تتدخل
وبالرغم من قيام دراسات عديدة بمحاولة تأكيد هذه النظرية، فقد فشلت جميعها نظرًا لعدم قدرتها على فهم التفاصيل المعقدة داخل العلاقات الإنسانية التي تؤثر على التوازن الاجتماعي بصورة شاملة، مما تسبب في نتائج غير متناسقة.
لكن مؤخرًا، نجح فريق من جامعة “نورث وسترن” الأمريكية في دمج العناصر الأساسية التي تجعل إطار عمل “هايدر” الاجتماعي ناجحًا في الحياة العملية باستخدام الفيزياء النظرية الإحصائية. وعقب تشغيل النماذج التي أبتكروها، ظهرت النتائج إيجابية ومتسقة.
واستفاد الباحثون من نفس النهج في الفيزياء الذي تبناه الحاصل على جزء من جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2021 “جورجيو باريزي”، الذي درس الأنظمة الفيزيائية المعقدة وأشار إلى إمكانية أن تؤدي التفاعلات التنافسية إلى ما يعرف بالإحباط الجذري.
ويشير الباحثون في جامعة “نورث وسترن” في دراستهم التي نُشرت في مجلة “ساينس أدفانسز” إلى أن الأنظمة الاجتماعية قد تظهر أحيانًا إحباطات مشابهة، حيث يُمكن للعلاقات أو المواقف المتعارضة بين الأفراد أن تنتج حالة من عدم التوازن أو التوتر داخل الشبكة الاجتماعية.
وبحسب الدراسة، يُمكن لهذا النموذج الفيزيائي الجديد أن يُساعد الباحثين في فهم أعمق لديناميات العلاقات الاجتماعية، بدءًا من التصاق سياسي وعلاقات دولية وصولاً إلى سلوك البشر على وسائل التواصل الاجتماعي.