<
div class=”RichTextStoryBody RichTextBody”>
بيروت (AP) — منذ أن شنت إسرائيل غارات جوية مكثفة على مناطق شاسعة من لبنان في سبتمبر، عاد إلى سوريا مئات الآلاف من اللاجئين السوريين. كثيرون ممن فروا إلى لبنان بعد بدء الحرب في سوريا عام 2011 لم يرغبوا في العودة.
لكن بالنسبة للمسؤولين في لبنان، يشكل تدفق العائدين بصيص أمل في ظل الحرب بين إسرائيل وحزب الله التي أسفرت عن مقتل أكثر من 3000 شخص وتشريد حوالي 1.2 مليون في لبنان. يأمل البعض في سوريا أن يؤدي عودة اللاجئين إلى زيادة المساعدات الدولية ورفع العقوبات الغربية.
العودة إلى الوطن بعد زمن طويل
عاد نسريين العابد إلى مسقط رأسها في شمال غرب سوريا في أكتوبر بعد 12 عامًا كلاجئة في وادي البقاع اللبناني. كانت الغارات الجوية مرعبة، ولكن ما كانت تخشاه حقًا هو أن بناتها التوأم البالغتين من العمر 8 سنوات يحتاجن إلى تحويلات منتظمة لعلاج حالة دموية نادرة، هي الثلاسيميا.
وقالت العابد: “كنت خائفة من أنه في لبنان، في هذا الوضع، لن أتمكن من الحصول على الدم لهن.”
خلال رحلتهم التي استمرت عدة أيام، تم تهريب العابد وبناتها من الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة إلى المناطق المعارضة قبل أن يصلوا إلى منزل والديها. بينما ظل زوجها في لبنان.
وأضافت: “قبل هذه الأحداث، لم أكن أفكر على الإطلاق في العودة إلى سوريا.”
وحسب وكالة الأمم المتحدة للاجئين، عبر أكثر من 470,000 شخص الحدود منذ تصعيد الأحداث في لبنان في منتصف سبتمبر، حول 70% منهم سوريون. تقدر وكالة الأمن العام اللبنانية أن أكثر من 550,000 شخص فروا، ومعظمهم من السوريين.
عودة إلى مناطق الحكومة السورية
وفقًا لمفوضية شؤون اللاجئين، فإن معظم العائدين موجودون في مناطق تحت سيطرة الحكومة في سوريا، بينما تدفق عشرات الآلاف إلى شمال شرق البلاد الذي يسيطر عليه الأكراد وأعداد أقل إلى شمال غرب البلاد الذي تسيطر عليه المعارضة.
طوال عدة سنوات، كان القادة السياسيون في لبنان، التي كانت تستضيف حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري قبل موجة العودة الأخيرة، يطالبون بعودة النازحين إلى أرضهم، والعديد منهم لا يرغبون في عودة اللاجئين.
وأوضح وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني المؤقت هيكتور حجار لسبوتنيك الروسية الشهر الماضي أن الحرب في لبنان قد تفضي إلى “فائدة إيجابية، فرصة لعودة عدد كبير من السوريين النازحين إلى بلادهم، لأن الوضع هناك الآن أفضل من هنا.”
فتحة سياسية لسوريا؟
يشير المسؤولون في دمشق إلى الضغط الاقتصادي المتزايد الناجم عن هروب الجماهير من لبنان كحجة لتخفيف العقوبات الغربية المفروضة على حكومة الرئيس بشار الأسد.
كانت سوريا تعاني بالفعل من تضخم متزايد، وقد زاد تدفق اللاجئين المفاجئ الأسعار أكثر، كما أدت الضربات الإسرائيلية على المعابر الحدودية إلى تباطؤ التجارة الشرعية وعمليات التهريب عبر الحدود.
“الجميع يعرف أن سوريا تعاني من…”### التأثيرات الاقتصادية على عودة اللاجئين
أثارت الظروف الاقتصادية الصعبة في سوريا، مثل التضخم المفرط وارتفاع أسعار الواردات والحصار الاقتصادي، قلق الخبراء بشأن آثار عودة اللاجئين. حيث أكد عبد القادر عزيز، محلل اقتصادي وأستاذ في جامعة دمشق، أن تدفق اللاجئين “يزيد من العبء الاقتصادي” على البلاد.
دعوة لرفع العقوبات
حذرت علا الشيخ، عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق، من تأثيرات الوضع الحالي ودعت الولايات المتحدة إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا بسبب العدد الكبير من الوافدين. وقالت إن “العبء كبير ونحن في حاجة ماسة إلى المساعدة الدولية”.
قلق من معاملة اللاجئين
أعربت جماعات حقوقية عن قلقها بشأن معاملة اللاجئين العائدين. وقدر مركز أتنا للدراسات السورية، ومقره الأردن، أن ما لا يقل عن 130 شخصًا تعرضوا للاعتقال التعسفي عند المعابر الحدودية الرسمية أو نقاط التفتيش داخل سوريا، إما بسبب كونهم مطلوبين لأسباب أمنية أو للتجنيد، رغم إعلان الحكومة عن عفو للرجال الذين تجنبوا الخدمة العسكرية.
في ذات السياق، أشار جوزيف داهر، الباحث السويسري السوري وأستاذ في المعهد الأوروبي للدراسات في فلورنسا، إلى أن عدد الاعتقالات يبدو صغيرا، وقد لا تنظر حكومة الأسد إلى العائدين على أنهم تهديد لأن معظمهم من النساء والأطفال. ومع ذلك، وصف داهر محاولات الحكومة لإظهار رحابة صدورهم تجاه اللاجئين العائدين بأنها “دعاية”، مؤكداً أنهم “غير مستعدين من الناحية الاقتصادية أو السياسية للتعامل مع هذه الوضعية”.
دعم الأمم المتحدة
أعلن فيليب غراندي، رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، هذا الأسبوع أن وكالته تعمل مع الحكومة السورية “لضمان سلامة وأمن جميع القادمين”، مشدداً على أهمية تقديم مساعدات إنسانية ومالية لدعم سوريا في التعافي بعد 13 عاماً من الحرب.
عودة مؤقتة
صرحت رولا أمين، المتحدثة الإقليمية للمفوضية، أنه إذا غادر الأشخاص البلاد التي سجلوا بها كلاجئين، فإنهم عادة ما يفقدون وضعهم المحمي. ولا يزال غير واضح كيفية تطبيق ذلك في الوضع الحالي، حيث أكدت أمين أن النزوح من لبنان حدث “تحت ظروف صعبة، أي تحت الإكراه”.
وأضافت: “بناءً على الوضع الحالي، يجب تطبيق الإجراء مع الضمانات اللازمة والإنسانية”.
تجربة اللاجئين
بعض اللاجئين دخلوا سوريا عبر طرق تهريب، مما يعني أن مغادرتهم للبنان لم يتم تسجيلها رسمياً، مثل أم يمان التي غادرت ضواحي بيروت المحاصرة مع أطفالها إلى مدينة الرقة في شرق سوريا. وقالت: “عندما ذهبت إلى سوريا، كنت أستخدم التهريب، في حال أردنا العودة إلى لبنان لاحقاً عندما تهدأ الأوضاع، حتى تبقى أوراقنا في لبنان مرتبة”. وأضافت أنها ترغب في أن تُعَرَّف بلقبها فقط (“أم يمان”) لكي تتمكن من التحدث بحرية.
وأكدت أم يمان أنه إذا انتهت الحرب في لبنان، قد يعودون، لكن “لا شيء واضح على الإطلاق”.
دعم من Associated Press
ساهم كاتب وكالة أسوشيتد برس ألبرت آجى من دمشق، سوريا، في كتابة هذا المقال.