غارديان من داخل حميميم: هدنة هشة بين هيئة تحرير الشام والقوات الروسية
17/12/2024
–
|
آخر تحديث: 17/12/202411:04 م (بتوقيت مكة المكرمة)
داخل قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا، حيث انطلقت “هدنة هشة” بين مقاتلي هيئة تحرير الشام والجناح الروسي، كان هناك أجواء ودية بين هذه القوات والجنود الروس. قبل أكثر من أسبوع، كانت الطائرات الروسية تقلع من القاعدة لتلقي القنابل على جماعات المعارضة.
كتب مراسل صحيفة “غارديان” البريطانية وليام كريستو تقريره من داخل قاعدة حميميم، مشيرا إلى أن الجانبين الروسي وفصائل المعارضة قد بدآ بالفعل مفاوضات.
نقل كريستو عن ممثل للجيش الروسي، الذي منح صحيفة “غارديان” وصولاً نادراً إلى القاعدة الجوية، قوله: “لا نشعر بعدم الأمان، ونتطلع لإقامة علاقات ودية مع الحكومة الجديدة فور أن تصبح حكومة شرعية. لقد بدأت الاتصالات مع هيئة تحرير الشام قبل أسبوع لتنسيق الشؤون العسكرية”.
وأضاف الممثل العسكري الروسي “لا يقوم أي من الطرفين باستفزاز الآخر، والأمور تسير على ما يرام”، مشيراً إلى صناديق المساعدات الإنسانية وحقائب الظهر التي تحمل علامة وزارة الدفاع الروسية، والتي وصفها بأنها هدايا من روسيا للشعب السوري.
زوال مشاعر الخوف
أشار كريستو إلى أن مقاتلي هيئة تحرير الشام كانوا يقومون بحراسة بوابات القاعدة حينما أقلعت طائرات مقاتلة روسية من طراز ميغ. وأوضح أبو خالد، أحد مقاتلي هيئة تحرير الشام البالغ من العمر 26 عاماً: “كنا نشعر بالخوف كلما سمعنا صوت طائرة روسية، أما الآن فقد أصبح الأمر طبيعيا”.
استمر الجنود الروس في التحرك بشكل غير منظم حول بلدة حميميم، يتسوقون في المتاجر، بينما لم يُعرف مصير قاعدتيهم الجوية والبحرية بعد.
قال مسؤول في هيئة تحرير الشام مطلع على المحادثات لصحيفة “غارديان” إن الهيئة، التي تسيطر على البلاد حالياً، وروسيا لا تزالان في “المرحلة الأولى” من المفاوضات بشأن الحفاظ على قواعدهم العسكرية في سوريا وكيفية ذلك. ووصف الجانبان أجواء المفاوضات بالإيجابية.
تسعى روسيا للحفاظ على سيطرتها على ميناء طرطوس، الذي يعتبر ميناءها الوحيد في البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية، التي تمثل نقطة لوجستية رئيسية لعملياتها في أفريقيا.
نهج براغماتي
تُظهر الأحداث الأخيرة كيف أن الجانبين، على الرغم من التوترات التاريخية، يسعيان إلى إيجاد أرضية مشتركة لتحسين العلاقات وضمان المصالح الاستراتيجية.
تطورات العلاقة بين هيئة تحرير الشام وروسيا
صرح كريستو بأنه رغم إدراك مسؤول هيئة تحرير الشام لدور روسيا في قصف المدنيين منذ عام 2015، فإن الهيئة تتبع نهجاً براغماتياً في علاقاتها مع القوى الأجنبية. حيث أشار المسؤول إلى عدم وجود “خطوط حمراء” في المفاوضات مع الروس، والتي تستند إلى “مصالح إستراتيجية” بدلاً من الأيديولوجيات.
وفي نفس السياق، كشف تقرير أن موسكو وهيئة تحرير الشام قد بدآ تحركاتهما، حيث عرضت روسيا مساعدات إنسانية على سوريا التي تعاني من أزمة اقتصادية وإنسانية، لكن الهيئة رفضت ذلك، مشيرة إلى أن لديها مانحين دوليين متعددين بالفعل.
أوضح مسؤول من الهيئة أن الحكومة السورية الجديدة ستطلب من روسيا تسليم الرئيس المخلوع بشار الأسد أو إحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية، لكنه أعرب عن عدم تفاؤله من أن روسيا ستوافق على أي من الطلبات.
يبدو أن الهدف الأساسي لهيئة تحرير الشام هو建立 علاقات اقتصادية وسياسية قوية مع روسيا وقوى دولية أخرى، وفقاً لكريستو. وأشار مسؤول الهيئة إلى انسحاب القوات الأميركية المتسرع من أفغانستان كدرس يجب تجنبه مع روسيا.
تحركات القوات الروسية في سوريا
ضمن هذا السياق، وفرت هيئة تحرير الشام الأمن للقوات الروسية خلال الأيام الأخيرة، حيث تم نقل المركبات والأفراد من قاعدة “تي 4” الجوية في حمص إلى قاعدة حميميم الجوية وميناء طرطوس.
ازدحمت الطرق السريعة في سوريا بقوافل من ناقلات الجنود المدرعة الروسية والدبابات برفقة مقاتلي هيئة تحرير الشام. وأكد الممثل العسكري الروسي أن قاعدة “تي 4” الجوية قد أفرغت بالكامل بالتنسيق مع الهيئة، مشيراً إلى أن القوات تعيد التموضع وليس انسحاباً.
تم الإبلاغ عن تدهور الظروف المعيشية في قاعدة “تي 4” المحاصرة، مع تزايد النفايات ونقص الإمدادات الغذائية، لكن الممثل الروسي لم يعلق على ذلك. الجدير بالذكر أن قاعدة حميميم وميناء طرطوس هما القاعدتان النشطتان الوحيدتان حالياً في سوريا.
أوضح مسؤول هيئة تحرير الشام أن المسألة المتعلقة بميناء طرطوس أسهل حلاً من قاعدة حميميم وفقاً للقانون الدولي، مضيفاً أن المجموعة منفتحة على السماح للروس بالحفاظ على سيطرتهم على الميناء.
ردود الفعل الشعبية على الوجود الروسي
تساؤلات تطرح حول ما إذا كان الشعب السوري سيقبل استمرار الوجود الروسي في البلاد بعد سنوات من القصف، حيث أكد ممثل عن الهيئة على ضرورة إصلاح العلاقات في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجه البلاد، مضيفاً: “نحن مجبرون على إصلاح العلاقات. البلاد ميتة، والناس فقراء للغاية”.
فيما يتعلق بمطار اللاذقية الدولي المتاخم للقاعدة الروسية، ذكر زياد طويل، رئيس المطار، أن هيئة تحرير الشام وجهت له بإعادة تشغيل المطار، كما حصل على موافقة الروس يوم الأحد الماضي بعد فترة من التوقف.
كانت آخر رحلة مدنية من المطار قبل حوالي أسبوعين، في حين كان الجزء الخارجي من المطار مليئًا بمركبات الجيش المهجورة. خلال تفقد المطار برفقة الجنود الروس، دارت نكات بين مقاتل من هيئة تحرير الشام وجندي روسي، حيث أظهر مقاتل الهيئة حرصه على التقاط صور سيلفي مع المسؤولين الروس.