فان غوخ يجمع بين العاطفة والفيزياء في لوحة “ليلة النجوم”
تُعتبر لوحة “ليلة النجوم” من أعمال الفنان الهولندي “فينسنت فان غوخ”، واحدة من أبرز اللوحات التي تزين “متحف الفن الحديث” في نيويورك، وقد اكتسبت شهرة عالمية بسبب أسلوبها الفني القريب من الانطباعية، وهو تيار فني نشأ في نهاية القرن التاسع عشر، يركز على تجسيد اللحظات الحياتية دون الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة.
كما أن هذه اللوحة ليست مجرد عمل فني، بل أثارت أيضاً اهتمام العلماء ومختصي ميكانيكا الموائع الذين أُعجبوا بدقة تصوير الدوامات في السماء، حتى أن وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” قامت بنشر صورة لكوكب المشتري في مايو/أيار 2024، تظهر فيها دوامات مشابهة لتلك الموجودة في لوحة فان غوخ.
دراسة جديدة تكشف المزيد عن اللوحة
تستعرض دراسة حديثة نشرت في دورية “فيزيكس أوف فيلد” جوانب خفية تتعلق باللوحة، حيث قامت بتحليل سماكة الخطوط والألوان المستخدمة، كاشفةً عن تشابه ملفت بين الدوامات في اللوحة وأنماط تدفق السوائل في الطبيعة.
يكشف التحليل العميق كيف استلهم فان غوخ أفكاره من الظواهر الفيزيائية، مستخدماً تقنيات فريدة في استخدام الألوان لإحداث تأثيرات بصرية تعبر عن الحركة والديناميكية.
اندماج الاضطرابات الطبيعية والعاطفية
تمثل هذه اللوحة أحد أعمال فان غوخ الرائدة، حيث تجمع بين الظواهر الفيزيائية الطبيعية من حوله والعالم الداخلي المضطرب للفنان. رسمها في عام 1889 بينما كان مقيمًا في مصحة “بسانت ريمي دي بروفانس” في فرنسا، بعد معاناته من انهيار عقلي دفعه لمحاولة قطع أذنه اليسرى.
يظهر في الجزء العلوي من اللوحة سماء مليئة بالنجوم بتأثير ديناميكي، بينما يسيطر على الجزء السفلي مشهد قرية هادئة، مما يعكس تبايناً ديناميكياً عميقاً أراد الفنان التعبير عنه.
من الواضح أن فان غوخ استطاع تجسيد ظواهر طبيعية معقدة بدقة تجذب الانتباه، فدوامات الرياح التي تتداخل مع هالات النجوم تعكس حركة تضاريس الطبيعة، مع استخدام تدرجات لونية محددة تعبر عن شدة الاضطراب.
فهم عميق للطبيعة دون معادلات رياضية
توضح اللوحة قدرة فان غوخ على ملاحظة وفهم الطبيعة ببصيرة فريدة، إذ إن عمله يظهر تعبيراً فنياً معقداً عن الظواهر الطبيعية. ورغم أنه لا يستخدم معادلات رياضية، إلا أن تفاصيل العمل تكشف عن تفانٍ في استيعاب الأساسيات الفيزيائية التي تؤثر على العالم من حوله.
### تحليل دوامات اللوحة: علاقة الفن بالفيزياء
قام باحثون بإجراء دراسة تحليلية لـ 14 دوامة في إحدى لوحات الفنان الهولندي الشهير فينسنت فان غوخ. النتائج أظهرت أن هذه الدوامات تتبع أنماطًا فيزيائية تتماشى مع قانون “كولموغوروف”، الذي يصف حركة الغازات في الغلاف الجوي وفقًا لمقاييس مختلفة معتمدًا على الطاقة العطالية، والتي تمثل هنا بسطوع اللون الأصفر المستخدم في اللوحة.
### العلاقة بين الدوامات ومقياس باتشيلور
عند النظر عن كثب إلى هذه الدوامات، وجد الباحثون أن التوزيع والتباعد بينها يتلائم مع مقياس “باتشيلور”، الذي يصف كيف تتصرف الدوامات الصغيرة قبل أن تتلاشى في السوائل. وهذا يشير إلى نظام ديناميكي معقد يعكس تفاعل الظواهر الطبيعية.
### الملاحظات البصرية لفان غوخ
من المثير أن قوانين كولموغوروف وباتشيلور وُضعت بعد عقود من وفاة فان غوخ، مما ينفي إمكانية اعتماده على أي مفاهيم رياضية. بل، يبدو أن إلهامه جاء من ملاحظاته البصرية الدقيقة للنمط الذي تتشكل به الدوامات وتضخمها قبل أن تتلاشى في السماء أو الماء.
### تأملات في إدراك الطبيعة
الأستاذ يونغ شيانغ هوانغ، خبير ديناميكيات الموائع من جامعة شيامن الصينية، صرح في بيان رسمي بأن الرسمة تنكشف عن فهم عميق للطبيعة، حيث ربما كان التصوير الدقيق لفان غوخ للدوامات نتيجة لملاحظته العميقة لكيفية حدوث الاضطرابات في عالمه الطبيعي.
المصدر: مواقع إلكترونية