فرصة “تاريخية” لحملة الدرجات العليا في اللغة العربية في السنغال
أثار هذا القرار الذي صدر خلال اجتماع المجلس الوزاري في منتصف أبريل/نيسان الماضي استجابات مختلفة. حيث رحب حملة الدرجات العليا في اللغة العربية بالمبادرة، واعتبروها “عملا منصفا”.تاريخيًا لفئة مطالبة بالسلطات السياسية بالتركيز على كفاءتها العلمية ودمجها في صنع القرار، لتسهم في بناء الدولة.
تعبر فئة أخرى عن قلقها من تأثير هذا القرار على التوازن اللغوي والثقافي في البلاد، وترون أنه يمكن أن يعرض مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين للخطر بغض النظر عن تحصيلهم العلمي.
ووصل عدد سكان السنغال إلى أكثر من 18 مليون نسمة بحلول منتصف مارس/آذار الماضي، وبحسب تقديرات النمو السكاني المقدمة من الأمم المتحدة. كما يعتنق 95% من سكان السنغال الإسلام.
في مقابلة سابقة مع الجزيرة نت، صرح مدير المركز الإسلامي في دكار، البروفيسور شارنو كاه الحبيب، بأن اللغة العربية هي اللغة الأولى الأكثر انتشارًا في السنغال حتى الآن”. كما أفاد وزير التربية السابق أبادير تام بأن 35% على الأقل من الشعب يجيدون اللغة العربية.
نضال مستمر
في عام 2013، أصدر الرئيس السابق مرسومًا يقضي بتنظيم شهادة الثانوية العربية الإسلامية الرسمية، وهو الأول من نوعه في تاريخ السنغال. وشهدت البلاد ارتفاعًا واضحًا في عدد الطلاب الذين اختاروا التسجيل فيها بعد ذلك التوقيع، حيث بلغ عددهم 5383 طالبًا خلال عام واحد.
يرى الخبراء -الذين التقت بهم الجزيرة نت- أن تنظيم “شهادة الثانوية العربية الإسلامية الرسمية” يأتي كاستجابة للواقع الراهن، ويشير إلى التوجه الرسمي الإيجابي الجديد في التعامل مع قضايا التعليم العربي والإسلامي في السنغال، ويعد تتويجا للجهود التي بذلت على مدى سنوات لاستعادة الموقع الريادي الذي كان يحتله التعليم العربي قبل الاستعمار.
وتحت ضغوط ونضال متواصل من قبل الحركات الداعمة للعربية وأصحاب الشهادات، أصدرت السلطات الجديدة قرارًا بإنشاء مديرية لدمج حملة الشهادات العربية، ردًا على مطالب مستمرة. ورحبت نقابة التعليم العربي في السنغال بالمبادرة ووصفتها بالخطوة الإيجابية المهدفة لتعزيز وتطوير التعليم العربي.
وقال الأمين العام للنقابة مصطفى سيان -في تصريح للجزيرة نت- إنهم يتوقعون تنفيذ هذا القرار بطريقة تعزز الهوية الإسلامية في الدولة، وتسهم في تحسين جودة التعليم والفرص الوظيفية للذين يتحدثون باللغة العربية في السنغال.
وقال إن “يجب ضمان توفير فرص عمل مناسبة لأصحاب الشهادات العربية، وتحسين بيئة التعليم العربي في المدارس، بالإضافة إلى ضرورة اتخاذ خطوات لضمان عدم تأثير هذا القرار سلبًا على مكانة العربية وثقافتها في السنغال”.
ظلم تاريخي
يقول منصور إنجاي، المتحدث الرسمي باسم حركة خريجي التعليم العربي والإسلامي (موداب) في الحزب الحاكم، إن القرار الرئاسي يأتي “تصحيحا للظلم التاريخي الذي تعرض له أصحاب الشهادات العربية في ظل النظم السابقة”.
وأكد على أن جهود القيادات السياسية السابقة لم تكن كافية لضمان دمج خريجي التعليم العربي، بالإضافة إلى عدم قدرة سوق العمل السنغالي على استقبال الخريجين في الوظائف المتاحة حتى الآن.
وأشار إنجاي إلى ضرورة اختيار أفراد مؤهلين وكفؤين “قادرين على تطبيق رؤية الرئيس في إطار إدارة شفافة ونزيهة تستند إلى مبادئ العدالة الاجتماعية”.
وبحسب رأيه، فإن القرار الرئاسي يأتي ضمن سياق اهتمام متزايد بتعزيز الهوية الثقافية والدينية للمجتمع، ودعم دور اللغة العربية كوسيلة لتعزيز العلاقات بين السنغال والدول العربية.
ووصفها بخطوة إيجابية أخرى لتعزيز استخدام العربية وفهم قيمها وثقافتها لتفتح آفاق جديدة للفرص الوظيفية والحوار الثقافي داخل المجتمع.
البطالة
ابن عمر، الذي يدرس في كلية اللغة العربية بجامعة “شيخ أنت جوب”، يُفضّل أن يتم ربط القرار بتشجيع البحوث العلمية ودعم الإبداع والتميز، وتحسين جودة التعليم العربي وتوجيهها نحو احتياجات سوق العمل.
بخلافه، يُعبر المفتش التعليمي المتقاعد عبد الله سال عن رأي مُغاير حيث يُوجه رسالة إلى رئيس الجمهورية يشير فيها إلى أن السنغال “دولة ذات طابع علماني، ما يثير الدهشة والقلق إنشاء مديرية للشؤون الدينية ودمج خريجي اللغة العربية في مؤسسة تعمل تحت إشراف السلطة العليا في الدولة”.
ووفقًا للرسالة -التي تمت مُراجعتها من قِبل الجزيرة نت- يُعتبر القرار “منتهكًا لمبدأ المساواة والعدالة في مواجهة خريجي التخصصات اللغوية الأخرى مثل الروسية والألمانية والتركية والإسبانية والصينية”.
هناك عدد كبير جدًا من حملة الشهادات العربية في السنغال يُصنّفون ضمن قائمة البطالة بسبب الفجوة الكبيرة بين المؤهلات الأكاديمية واحتياجات سوق العمل. بينما يُعاني 20% من شباب السنغال من ارتفاع مُعدلات البطالة رغم أنهم يُعتبرون أحد ركائز الفعالة والمشاركة في العملية السياسية في البلاد.
ارتفعت مُعدلات البطالة بشكل مستمر بين الشباب، وهذا ما قد يكون أثرًا على السباق الرئاسي وأدى إلى حسم النتائج في الدورة الأولى من خلال فوز المعارضة في الانتخابات.
ينتقد الخبراء المحليون المناهج التعليمية الحالية ويدعون إلى تحسين أنظمة التعليم، بما في ذلك التدريب على المهارات والتعليم الفني والمهني، وربط الخرجيات التعليمية بسوق العمل.