فلسطين في السينما المصرية: حوار مع الدكتور وليد الخشاب

By العربية الآن


كمال الرياحي يحاور د وليد الخشاب

القضية الفلسطينية في السينما المصرية

تعتبر القضية الفلسطينية مركزية للعرب منذ احتلال فلسطين في الأربعينيات، حيث تحولت إلى واحدة من أقدم القضايا الإنسانية في العالم. لم تتأثر تلك القضية بأي صراعات أو كوارث أخرى، مما جعلها موضوعًا مهمًا للفكر والإبداع في مختلف المجالات، بما في ذلك السينما.

علاقة السينما المصرية بفلسطين

في حوار خاص مع الدكتور وليد الخشاب الناقد والباحث السينمائي وأستاذ الدراسات العربية في جامعة “يورك” بكندا، نتناول تأثير السينما المصرية في تعزيز القضية الفلسطينية. يحاول الخشاب من خلال كتاباته، مثل “مهندس البهجة” و”الاقتباس في السينما”، استكشاف الروابط التاريخية والسياسية بين السينما المصرية وفلسطين.

السينما المصرية والتاريخ الفلسطيني

يؤكد الخشاب على أن السينما المصرية كانت ترتبط بقضية فلسطين منذ البداية، مع الإشارة إلى قلة عدد الأفلام التي تناولت هذا الموضوع بشكل مباشر. فقد أُنتج 5 آلاف فيلم عربي خلال القرن الماضي، لكن الأفلام المصرية التي تناولت فلسطين تبقى قليلة.

أفلام بارزة ومحورية

من الأفلام المهمة في هذا السياق فيلم “فتاة من فلسطين” الذي أخرجه محمود ذو الفقار عام 1948، حيث يعتبر بداية لدخول القضية الفلسطينية بشكل صريح إلى السينما العربية. يعرض الفيلم قصة سلمى الفلسطينية التي تهاجر إلى القاهرة بعد احتلال مدينتها، ويتحدث أيضًا عن العلاقة العاطفية بينها وبين ابن خالتها المصري، ما يعكس علاقة ودية بين الشعبين.

ويلاحظ الخشاب أن الفيلم يحتوي على عناصر رمزية تعكس الهيمنة المصرية، حيث يظهر دور الطيران المصري بشكل مبالغ فيه مقارنة بدور الفلسطيينين، مما قد يشير إلى اهتمام مصر أكثر بصورة جيشها وقدرتها على التحديث.

التركيز على غزة

من الأفلام الأخرى التي تُظهر الاهتمام بالقضية الفلسطينية فيلم “أرض الأبطال” لنيازي مصطفى عام 1953، الذي يركز على أحداث تقع في غزة. يجسّد الفيلم المعاناة الفلسطينية ويدلل على الروابط التاريخية بين مصر وغزة. تشير الأحداث في الفيلم إلى نقل الجرحى المصريين إلى القاهرة انطلاقًا من رفح، مما يعكس الوحدة بين الشعبين في وقت الحرب.

إعلان

الاختتمات

إن دراسة العلاقة بين السينما المصرية وفلسطين تعكس تأثير الفن السينمائي على الوعي الجماهيري، وتسلط الضوء على أهمية تعزيز الفهم المشترك للقضايا الإنسانية. إن الفيلم المصري يعكس جانبًا من الواقع الفلسطيني، لكنه أيضًا يعبر عن الرؤية المصرية التي تؤكد على دورها القيادي في دعم القضية الفلسطينية.

رابط المصدر

أرض الأبطال لنيازي مصطفى من إنتاج (1953) وهو أول فيلم مصري يتوجه إلى غزة ويدور جزء من أحداثه هناك (الجزيرة)

السينما المصرية وفلسطين: رحلة عبر الزمن والمشاعر

تعتبر السينما المصرية من أكثر الفنون التي تناولت القضية الفلسطينية، حيث تعكس مختلف الأبعاد الاجتماعية والسياسية للحياة في فلسطين. فيلم “أرض الأبطال” الذي أخرجه نيازي مصطفى في عام 1953 يمثل أول تجربة سينمائية مصرية تتجه إلى غزة. تدور أحداث الفيلم حول ضابط صف مصري يقع في حب فتاة فلسطينية تُصور على أنها بدوية. وفي النهاية، يتزوج الحبيبان في القاهرة، مما يعكس فكرة أن الحلول ليست في القتال أو السياسات بل في استقبال الفلسطينيات كلاجئات، حيث تغيب أي إشارة للرجال الفلسطينيين إلا كآباء يُقتلون في الحرب.

تطور الشخصيات العسكرية في السينما

يتجاوز احتفاء السينما المصرية بفلسطين التعاطف التقليدي ليصل إلى تصوير الشخصية العسكرية. منذ الأربعينيات، تزايدت أفلام السينما المصرية التي تلقت الضوء على دور الضابط المصري كرمز للأمل. المثال الأبرز هو فيلم “الورشة” الذي أنتج عام 1940، حيث يظهر الضابط المصري كرمز لعلاج مشكلات البطلة وتحريرها من الاستغلال من قبل أخيها.

فيلم “الورشة” من إنتاج عام 1940 يبرز فكرة ظهور الضابط المصري الذي يمثل الأمل في مستقبل أفضل على الشاشة (الجزيرة)

السينما الحربية وأفلام القضية الفلسطينية

عند الحديث عن السينما الحربية الدرامية، يُعتبر فيلم “أرض السلام” الذي أخرجه كمال الشيخ عام 1957 علامة فارقة. يصور الفيلم معارك حقيقية صممت خصيصًا للفيلم، كما أنه أول إنتاج سينمائي مصري يتحدث بعد العدوان الثلاثي على مصر. يتناول الفيلم كيف تولت الجمهورية الشابة مسؤولية تحرير فلسطين.

فيلم “أرض السلام” لكمال الشيخ يعطي انطباعا طيبا للمشاهد بفضل نجاح العملية الفدائية ويعترف بوجود الاحتلال (الجزيرة)
يعرض فيلم “فتاة من فلسطين” تصورات مختلفة، حيث يمثل انتصارات الطيارين المصريين بينما يركز “أرض السلام” على تجارب ضابط مخابرات مصري يقود عمليات فدائية ضد الاحتلال.

حدود تصوير الواقع بعد اتفاقية السلام

بعد اتفاقية سلام السادات مع إسرائيل في أواخر السبعينات، شهدت السينما المصرية تراجعًا ملحوظًا في تصوير الاشتباكات بين القوات المصرية والإسرائيلية. هذا الأمر أثار نقاشات حول ما إذا كان هناك التزام رسمي بعدم إنتاج أفلام تتناول تلك المعارك.

تجاوزت السينما المصرية الاهتمام بمعارك مباشرة، لكنها ظلت تُظهر التأثير النفسي والأخلاقي للقتال في أفلام زادت فيها مواضيع التجسس.

تصوير الصراع المصري الإسرائيلي في السينما المصرية ظل حاضرا في أفلام جاسوسية أو أفلام تظهر التأثير النفسي والأخلاقي للقتال على المصريين مثل فيلم “الطريق إلى إيلات” المنتج عام 1993 (الجزيرة)

قصص الحب وتجسيد العلاقات الإنسانية

تتردد قصص الحب في السينما المصرية التي تتناول فلسطين، حيث غالباً ما تنتهي بتتويج العلاقة بين الفلسطيني والمصري. هذا المجاز يُظهر العلاقات الإنسانية كأداة لتحصيل الأمل والتفاهم بين الشعوب.

لقد تناولت دراستي للدكتوراة “الميلودراما في مصر” علاقة القوة بين الجنسين في أفلام مثل “أرض السلام”. يستمد هذا النوع من الأفلام قوته من التفاعل الإنساني، مما يعكس الأمل في تحقيق العدالة والسلام بين الثقافات المختلفة.### العلاقة بين السينما المصرية وفلسطين: قراءة نقدية

يشير النقاد إلى تصوير العلاقات بين المصريين والفلسطينيين في السينما المصرية، حيث يظهر الرجل المصري في دور المنقذ للفتاة الفلسطينية، مثلما في فيلم “أرض السلام”. زواج هذه الفتاة من الرجل المصري يمثل تحصينها واستقرارها، كما في أفلام أخرى مثل “فتاة من فلسطين”. تعكس هذه الأفلام صعود الفكرة القومية المصرية، حيث يتم تصوير فلسطين كأنثى ومصر كذكر يحميها.

النقد: تجاهل القضية الجوهرية

تتجلّى إشكالية هذا التصور في كونه ينطلق من مفهوم أبوي لعلاقة مصر بفلسطين، متجاهلاً القضايا الجوهرية مثل الاحتلال والأرض المسلوبة. الأفلام المصرية لا توفر رؤية لتحرير الأرض بل تكرس دور مصر كحامي للفلسطينيين، وليس كطرف فاعل في النضال من أجل التحرر. وهذا يشير إلى ازدواجية المعايير في معالجة القضية الفلسطينية في الثقافة المصرية.

في فيلم “أرض السلام” يظهر مجاز الرجل المصري الذي ينقذ الفتاة الفلسطينية (مواقع التواصل)

السينما المصرية: نمط البطل وحماية الشقيقات

يرتبط هذا المجاز بنمط أبطال السينما المصرية في الخمسينيات والستينيات، حيث البطل غالباً ما يكون شاباً مصرياً وسيمًا، يسحر فتاة من دول عربية أخرى، مثل اللبنانية أو السورية. هذا الترابط يرسخ صورة الرجل المصري كحامي وموفر للأمان، والتي تمتد عبر مجموعة من الأفلام تعكس عروبة مصر ودورها القيادي في المنطقة.

قراءة في فيلم “السفارة في العمارة”

يناقش الفيلم “السفارة في العمارة”، الذي يُعد من أفلام عادل إمام، المشاعر الشعبية المصرية تجاه الاحتلال، حيث يقدم حبكة تبرز رفض المجتمع لوجود السفارة. يتم تصوير شخصية عادل إمام كشخص عادي يتبنى موقفًا واضحًا ضد الاحتلال، في ظل رفض شعبي ينعكس في أحداث الفيلم.

فيلم عادل إمام “السفارة في العمارة” يعكس رفضاً شعبياً للاحتلال (الجزيرة)

المفارقة في شخصية عادل إمام

رغم شعبية عادل إمام ومعارضته الشكليّة للاحتلال، يظل ملتزماً بمبادئ السلام التي تبنتها الدولة المصرية. يطرح السؤال: كيف يمكن لممثل أن يعبر عن رفض لطيف للاحتلال دون تجاوز الخطوط الحمراء المقررة من النظام؟

عادل إمام يمزج بين الكوميديا والرفض الشعبي للاحتلال (مواقع التواصل)

تحليل فيلم “فيفا زلاطا”

فيلم “فيفا زلاطا”، الذي أُنتج عام 1976، قد يبدو موحياً بالناصرية. يجسد البطل صورة القائد الذي يقود الفقراء ضد القوى الاستعمارية. ومع ذلك، ينتهي الفيلم بالعودة إلى مصر، مما يعكس إحساساً بالتخلي عن القضية الفلسطينية.

فيلم “فيفا زلاطا” يُظهر ملامح ناصرية (الجزيرة)

ترسم هذه الأعمال السينمائية معالم الفهم الشعبي للقضية الفلسطينية من خلال فن الكوميديا والدراما، مما يتطلب تحليلاً دقيقًا للرسائل المتداولة فيها وكيفية تفاعلها مع الوضع الراهن.## السينما المصرية والقضية الفلسطينية: تحليل ودلالات

السياسة المصرية بعد حرب 1973

تُعتبر السياسة المصرية بعد حرب 1973 نقطة تحول مهمة، حيث نجحت مصر في استعادة أراضٍ من الاحتلال، وجاءت الرسالة في فيلم يعبر عن ترك الفلسطينيين ليحرروا أراضيهم بأنفسهم، ما يعكس تخلّي مصر المحتمل عن دورها الفاعل في دعم النضال الفلسطيني. رغم جاذبية الفكرة، إلا أنها تعكس تراجعاً في الجهود المصرية لضمان حقوق الفلسطينيين الأساسية.

فيلم “ناجي العلي”: تجسيد النضال الفلسطيني

فيلم “ناجي العلي” للمخرج عاطف الطيب، الذي يُعد واحداً من الأعمال السينمائية العربية القليلة التي تتناول القضية الفلسطينية، يحكي قصة حياة رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، وتعرض لأحداث النكبة والتهجير واغتيال الفنان.


فيلم “ناجي العلي” لعاطف الطيب تعرض الفيلم لحملة وخصوصا في مصر لأنه قد ظهر في بداية عام 1992 حيث كانت هناك حساسية رسمية شديدة من انتقاد السلام مع إسرائيل (الجزيرة)

الفيلم صُور عندما كانت العلاقة الرسمية المصرية مع إسرائيل تفترض عدم الانتقاد، مما أثار جدلاً حول قسوته وموضوعيته. بالإضافة إلى ذلك، انتقد الفيلم عدم تقديم أي جيش عربي لمجهود حربي لمقاومة الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982.

ومع مرور الزمن، بدأ النظام المصري في عهد مبارك يسمح بمساحة نقد أكبر تجاه إسرائيل، مدفوعاً برغبة الشعب في رفض التطبيع.

تراجع تناول القضية الفلسطينية في السينما

على الرغم من وجود عدد قليل من الأفلام التي تعرض لقضية فلسطين، فإن “ناجي العلي” يبقى مهماً لأنه يقدم تفاصيل واقعية، بعيدة عن السرد الفج للأحداث. وقد اتجهت السينما المصرية بعد ذلك لتصوير الصراع العربي الإسرائيلي من زوايا جديدة تستند أحياناً إلى البطولات العسكرية دون التعمق في الهم الفلسطيني.

فيلم “الناصر صلاح الدين”: التاريخ كمصدر إلهام

فيلم “الناصر صلاح الدين” للمخرج يوسف شاهين يُعد واحداً من أهم كلاسيكيات السينما العربية. حيث يحمل الفيلم دلالات قوية في سياق الصراع المصري الإسرائيلي، ويعكس الأحداث التاريخية بطريقة تهدف إلى تمجيد القومية العربية، رغم الانتقادات التي تهمت بتعديل الحقائق التاريخية.


فيلم الناصر صلاح الدين ليوسف شاهين يعد من أهم كلاسيكيات السينما العربية (الجزيرة)

عبر الفيلم، يتم تصوير صلاح الدين كرمز للقومية والدعوة إلى الوحدة، رغم الالتباسات التاريخية. كما يُظهر قدرته على استعادة الحقوق ورفض الاحتلال لدى الآخر، في إشارة رمزية للصراع مع إسرائيل.

خاتمة

تظل السينما المصرية عملاً فنياً معبراً عن السياقات السياسية في فترة معينة، حيث تنعكس الرغبات والخلافات الوطنية والعربية. ومع تزايد الوعي الشعبي بالقضية الفلسطينية، يبقى للفن دورٌ مهمٌ في توثيق هذه التجارب والآمال.### غياب الإشارة إلى إسرائيل في “الناصر صلاح الدين”

لا يتحدث فيلم “الناصر صلاح الدين” عن إسرائيل، وذلك لأن الدعاية الناصرية في تلك الفترة لم تكن ترغب في إثارة الجراح، أو تذكير الجماهير بالانتصار العسكري الذي حققه الجار الإسرائيلي، رغم حداثة عهده. كان عمر إسرائيل حينها 8 سنوات فقط، عندما شاركت في العدوان الثلاثي واجتاحت قواتها سيناء في زمن قياسي.

لا يشير فيلم “الناصر صلاح الدين” إلى إسرائيل لأن الأغلب أن الدعاية الناصرية لم تكن ترغب في نكء الجرح وتذكرة الجماهير بانتصار عسكري حققه الجار الإسرائيلي رغم حداثة عهده (مواقع التواصل)

تركيز على الاستعمار

كان التركيز في الفيلم على المواجهة بين مصر والقوتين العظميين اللتين تقاسمتا العالم حتى منتصف القرن الـ20، مما يعزز من مكانة البطولة المصرية في مقاومة الاستعمار.

مصر واليهود في عهد صلاح الدين

من الملاحظ أن الفيلم لا يتناول العلاقة التاريخية الوثيقة بين صلاح الدين واليهود في عهده، ربما لتجنب حدوث لبس بين المشاهدين المصريين في الستينيات، الذين اعتادوا على الخطاب القومي الذي يربط بين الصهاينة واليهود. ورغم أن صلاح الدين أظهر عطفًا كبيرًا تجاه اليهود الذين تعرضوا للقتل من قبل الصليبيين، إلا أن الدعاية في تلك الفترة كانت تميل إلى تعزيز مشاعر العداء تجاه اليهود.

التحديات في السينما العربية وانتاج الأفلام الفلسطينية

في ظل الانفاق الكبير على الأفلام السطحية بدعوى الكوميديا، تراجع الاهتمام بالأفلام التي تتناول القضايا الفكرية العميقة. منذ هجمات 2001 وحتى اليوم، لم تعد القضية الفلسطينية على خريطة أولويات الإنتاج السينمائي في العديد من الدول العربية.

ومع ذلك، لا تزال السينما الوثائقية تحتفي بفلسطين في الكثير من محطات التلفزيون العربية، رغم أن بعض المحطات لا تدعم القضية الفلسطينية بشكل فعّال. ومع انتهاء الحرب في غزة، قد تعود السينما الروائية العربية لتتناول القضية الفلسطينية، نظرًا للأثر النفسي العميق الذي خلفته هذه الحرب.

تزايد الإنتاج السينمائي الفلسطيني

لم تعد السينما العربية تنتج أفلامًا روائية حول فلسطين، لأسباب عدة، أبرزها تحول الإنتاج نحو المواضيع القطرية. ومع تقدم السينما الفلسطينية، بدأ المخرجون الفلسطينيون في سرد قصصهم، متجاوزين قصص الحرب إلى تصوير الحياة اليومية والنفسية الفلسطينية.

السينما الفلسطينية، على الرغم من كونها إنتاج مشترك مع فنانين وموارد غربية، إلا أنها استطاعت أن تقدم مساهمات مهمة تتجاوز ما قدمته السينما العربية الأخرى على مدار عقود.

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version