حوادث السرقة، واقتحام الملكيات الخاصّة، ونهب محتوياتها، أو العبث بها، أمر لا يثير الانتباه، فهو من طبيعة الحياة، طبيعتها القبيحة، خاصة حياة المدن، السرقات مرتبطة بصورة عضوية بالمدن الصاخبة، ولعلّ خبر حصول عاصمة العالم القديم، لندن، على «شرف» المدينة الأولى في العالم من حيث سرقة الهواتف المحمولة، يؤشر لـ«فضائل المدن الكبرى»!
غير أن هذا الخبر عن مهاجمة ملكية خاصة، وتحطيم ما فيها، ثم ما حصل بعد ذلك من اللصّ العنيف، يستحق التوقّف عنده والتأمل فيه.
المخرج المصري الشهير خالد يوسف هو ضحية هذه الحادثة، ففي مكتبه الواقع بميدان لبنان بحي المهندسين الشهير بالقاهرة، كانت الواقعة.
كشف المخرج خالد يوسف عن تفاصيل الواقعة في تصريحات خاصة لـ«العربية. نت» عن حكاية المقتحم الذي حطّم بعض محتويات المكتب، قبل أن يستدعي يوسف الجهات الأمنية المعنية والقبض على هذا المقتحم.
الظريف هنا، ما قاله يوسف، إن هذا الشخص مختّل عقلياً، فقد ترك رسالة خطّية يطالبه فيها بضرورة إخراجه فيلماً من تأليفه وتمثيله، ذاكراً في رسالته أن هذا الفيلم سيكون سبباً في تحرير فلسطين!
الشخص المقتحم طلب من يوسف في رسالته سرعة الجلوس معه وقراءة السيناريو الذي كتبه وسرعة إنجازه، لأنه سوف يكون له تأثير كبير في القضية الفلسطينية.
لا ندري عن مهارة وكفاءة السيناريست الحرامي، فربّما كان موهوباً، لكنه قرّر الكشف عن موهبته بهذه الطريقة البلطجية الفاقعة العارية.
ربَّما تعب من إهمال المنتجين لعبقريته، الممكنة، على أسلوب: «أضاعوني وأي فتى أضاعوا»! غير أن ثقة الرجل، السيناريست البلطجي، بنفسه تجاوزت كل الدول العربية والإسلامية والقوى العظمى العالمية، والأمم المتحدة، و«فتح» و«حماس» و«حزب الله» وإيران وتركيا، بخصوص فلسطين.
أتخيّله يقول للنيابة العامّة: «اعملوا السكريبت بتاعي بس، وخلاص الدنيا حتبقى تمام، وفلسطين حتبقى في سبات وتبات، وإسرائيل خلاص… بح مافيش إسرائيل». دعونا من هذا المبدع «الافتراضي» البلطجي، هل هو الوحيد الذي رأى في نفسه مبعوث العناية الإلهية، لتخليص فلسطين من مأساتها، وتحت هذا التكليف الإلهي، المُفترض، أجاز لنفسه استباحة أموال وحرمات الآخرين، والعبث ببديهيات الأمن ومصالح الناس؟
كم من نظام سياسي، أو حزب أصولي، أو جماعة آيديولوجية، أو ناشط يساري أو قومي أو أصولي، سنّي أو شيعي، أو صانع فقاعات على «السوشيال ميديا»، يفعل قريباً من سيناريست شقة المهندسين لخالد يوسف؟! يستبيح الشتم بأقذع الألفاظ للآخرين، وصولاً لاستباحة أمنه وأمن الدول، بحجة أنه «مناضل» أو «مجاهد» من أجل فلسطين.
قُل أنا أعمل لصالح القضية، وستصبح أنت صاحب الحق، والمبدع، والاستثنائي، الأعلى فوق الجميع.
رابط المصدر