فهم عقلية الأمين العام الجديد لحزب الله نعيم قاسم
من هو نعيم قاسم؟
وُلد نعيم قاسم عام 1953 في بيروت، ويُعد أكبر سناً من حسن نصر الله. درس الكيمياء في الجامعة اللبنانية وتخرج بشهادة ماجستير عام 1977. بدأ نشاطه في الحركة الطلابية رغم أن نصر الله كان له بداية عسكرية منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982. في الوقت نفسه، تعلم قاسم على يد عدد من رجال الدين الشيعة، ومنهم المرجع محمد حسين فضل الله.
في عام 1982، ومع تصاعد التوترات في لبنان، أسس نعيم قاسم مع مجموعة من الأعضاء داخل حركة “أمل” حزب الله بدعم إيراني، الذي تبنى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي كأحد أهدافه الرئيسية. ومنذ هذا الحين، شهد الحزب الكثير من التطورات بقيادة قاسم، الذي أصبح بمرور الوقت رمزًا بارزًا في تنظيم الحزب.
### نبذة عن نعيم قاسم وتاريخه في حزب الله
خلال فترة نشاطه في حزب الله، شغل نعيم قاسم عضوية مجلس شورى الحزب لثلاث دورات متتالية. يتكون هذا المجلس من 9 أعضاء يتم انتخابهم من قِبَل أعضاء الحزب الذين يتقلدون مناصب تبدأ من رؤساء الأقسام فما فوق، مما يضع قاسم في مركز قيادي بعد تأسيس الحزب.
نشأ خلاف حول مشاركة حزب الله في الحياة النيابية أدى إلى إقالة الأمين العام الأول للحزب صبحي الطفيلي، وتولي عباس الموسوي المنصب في عام 1991. بعد ذلك، تم تقليص عدد أعضاء مجلس الشورى إلى 7 وزيادة مدة العضوية إلى سنتين، بالإضافة إلى استحداث منصب نائب الأمين العام، الذي تولاه قاسم للمرة الأولى واستمر فيه خلال عهدي الموسوي وخليفته حسن نصر الله. ومنذ تولي نصر الله، تمت زيادة دورة عضوية مجلس الشورى إلى 3 سنوات، وظهرت 5 مجالات رئيسية ضمن البنية التنظيمية للحزب.
دور قاسم في القيادة والنشاطات التنظيمية
تقلد قاسم منصب نائب رئيس المجلس التنفيذي ثم ترأسه، وهو المجلس المسؤول عن الأنشطة والإجراءات داخل الحزب، بما في ذلك الوحدات الثقافية والاجتماعية. نظرًا لخبرته في العمل الثقافي والسياسي، تم تكليفه بقيادة ملفات سياسية متعددة مثل متابعة نشاط نواب الحزب في مجلس النواب والإشراف على أداء وزراء الحزب في الحكومات، فضلاً عن إدارة الانتخابات.
يُعتبر قاسم “أبرز منظري حزب الله”، حيث له نحو 26 مؤلفًا، ومن أبرز كتبه “حزب الله: المنهج والتجربة والمستقبل”، الذي يسلط الضوء على تاريخ الحزب وعلاقاته بالدولة اللبنانية.
التحديات القيادية في وقت صعب
يتولى نعيم قاسم الآن منصب الأمين العام في ظرف استثنائي يواجه فيه الحزب تحديات كبيرة، بما في ذلك الغارات الإسرائيلية المتكررة، والحرب التي تهدف إلى إضعاف نفوذ الحزب. يتوقع من قاسم أن يقود الحزب خلال هذه الأوقات الصعبة مع وجود تهديدات مباشرة من إسرائيل.
تظهر مقارنة قاسم بسلفه حسن نصر الله، الذي يتمتع بسمعة كاريزمية وحضور قوي في الساحة السياسية اللبنانية، تحديات يمكن أن تعرقل قيادة قاسم. فبينما برز نصر الله كقائد فعال في جميع الصراعات الكبرى، يبدو أن قاسم لن يكون قادرًا على تكرار النجاحات نفسها، مما يتطلب منه أن يكون أكثر مرونة في تفويض بعض المهام.
الفارق بين القيادة الحالية والسابقة
على عكس نصر الله، الذي جاء من خلفية عسكرية، تشير المصادر إلى أن قاسم ليس لديه خبرة كبيرة في الجوانب العسكرية، مما قد يجعله يعتمد على قيادات أخرى لتولي الأمور الميدانية. يؤدي ذلك إلى احتمال تغييرات جوهرية في الهيكل القيادي للحزب وعلاقاته مع إيران التي تشكل راعيًا له.
العلاقة مع إيران
العمل مع إيران سيكون محوريًا في قيادة قاسم، ومع التحديات المطلوبة منه، سيكون من الضروري عليه الحفاظ على هذه العلاقة لضمان دعم مستمر للحزب.### ولاية الفقيه ودور حزب الله
يعبر نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، عن تأييده للولاية للفقيه الإيراني، حيث يوضح في كتابه “حزب الله: المنهج والتجربة والمستقبل” ضرورة اتباع الحزب لولاية الفقيه. وفقًا لتفسيره، يعتبر الولي الفقيه هو ولي الأمر الذي يجب طاعته في الشؤون العامة، بينما تقتصر طاعة مراجع التقليد على الأمور الدينية. وفي حال وجود اختلاف بين اجتهادات الفقهاء وموقف الولي الفقيه، يكون رأي الأخير هو المعتمد.
اتخاذ القرارات داخل الحزب
يؤكد قاسم أن السلطة والشرعية داخل حزب الله تأتي من الولي الفقيه، في حين يعطي مجلس الشورى حرية إدارة الشؤون اليومية للحزب. لكنه يشير إلى أن القرارات المهمة، خاصة فيما يتعلق بالحرب والسلم، يجب استشارة الولي الفقيه بشأنها. وهذا يتسم بأهمية خاصة لفهم موقف حزب الله حيال الضغوط الإسرائيلية الحالية لفصل جبهتي لبنان وغزة، حيث يترتب على هذا النوع من القرارات أن يصدر من المرشد الإيراني.
مكانة الحزب في محور المقاومة
يعتبر قاسم أن حزب الله خلال فترة حسن نصر الله حقق مكانة رفيعة ضمن “محور المقاومة”، إذ تم تكليفه من قبل إيران بالتعامل مع عدة قضايا إقليمية، منها دعم الميليشيات العراقية وإدارة العلاقة مع جماعة الحوثي. وأثر الضغوط العسكرية على الحزب قد يدفع إيران لإعادة تقييم قدرة حزب الله على تنفيذ المهام الموكلة إليه.
الإستراتيجية تجاه الصراع مع إسرائيل
نعيم قاسم يدافع عن استراتيجية حركة حزب الله تجاه إسرائيل، حيث ينظر إلى الصراع كمعركة مستمرة لا تقتصر على تحرير الجنوب اللبناني. ويؤكد أن لبنان يقع بين خيارين، إما التحالف مع سوريا أو إسرائيل، وأن الاعتداءات على لبنان تبرز أهمية عدم تسليم الحزب لسلاحه أو مقاتليه.
التحديات الداخلية والاعتبارات الاستراتيجية
على الرغم من ضعف إمكانات حزب الله مقارنة بإسرائيل، يؤكد قاسم أن البراعة في التنفيذ والقدرة على إيلام الاحتلال يمكن أن تعوض هذا الضعف. ويشير إلى أن التحديات المحلية والسياسية يمكن أن تؤثر على أداء الحزب في مواجهة الاحتلال. ويعترف أن هناك حاجة ماسة إلى مراجعة داخلية للقرارات التي قادت الحزب إلى الوضع الراهن.
الحاجة إلى مراجعة الإستراتيجيات
يرى قاسم أن الوقت حان لإعادة تقييم الخطط التي يتبعها حزب الله، خاصة في ظل الأحداث الحالية وتدخلات الحزب في الصراعات الإقليمية. ويشير إلى أن الدراسة العميقة للحرب ونتائجها يجب أن تكون أساسًا للأفعال المستقبلية، حيث يتوجب على الحزب أن يوازن بين التأثيرات الخارجية والاعتبارات الداخلية.
تستمر القضايا الأساسية المتعلقة بفلسطين في كونها محور اهتمام، ويتطلب العمل من حزب الله توحيد الجهود لدعم القضية بعيدًا عن الاستقطابات الطائفية.