“فوبيا الأرقام”.. عندما تتحول العمليات الحسابية لكابوس يومي
ما فوبيا الأرقام؟
مثلما يوحي الاسم تماما، فوبيا الأرقام هي الخوف من الأرقام بشكل وسواسي عميق. إذ يشعر الناس المصابون بتلك الحالة بالخوف من جميع الأرقام، أو من أرقام محددة فقط، ويرجع ذلك عادة إلى الخبرات السلبية السابقة والتجارب المؤلمة التي لم يتم تجاوزها بشكل صحي.
ويعتقد الخبراء في علم النفس أنه على غرار أي أنواع أخرى من الرهاب المحدد، أي الفوبيا التي تحدث تجاه شيء مادي بعينه، مثل فوبيا طبيب الأسنان، قد تكون فوبيا الأرقام ناتجة عن أحداث صادمة سابقة.
على سبيل المثال، قد يكون الشخص الذي واجه صعوبات في درس الرياضيات عندما كان طفلا قد طور هذه المشكلة النفسية تجاه الأرقام بشكل عام. وبالمثل، قد يكون الشخص الذي لديه ذكريات صادمة مرتبطة بدراسة الرياضيات (مثل الوالد الذي عاقب طفله بشدة للحصول على درجات منخفضة في دروس الرياضيات) أكثر عرضة للإصابة.
المعتقدات الدينية والخرافات
في بعض الأحيان الأخرى، قد يرتبط الخوف من رقم معين بمعتقد ديني أو خرافة شائعة يتم تداولها أو توارثها أو حتى تناولها في الإعلام والسينما بشكل يفاقم من انتشارها.
مثلا، قد يخاف البعض في اليابان والصين وفيتنام من الرقم 4، لأنه يُعد رقما سيئ الحظ، وذلك لأن طريقة نطقه متجانسة مع كلمة “موت” في اللغة. لذلك في بعض الدول الآسيوية، لا يوجد الرقم 4 في المصاعد وأرقام غرف الفنادق وحتى الأرقام التسلسلية للمنتجات.
كذلك الحال بالنسبة لفوبيا الرقم 13، أو “تريسكايدكافوبيا”، والتي تنبع غالبا من المعتقدات المسيحية، لأن يهوذا، الخائن ليسوع والسبب في صلبه، كان الضيف الـ13 في العشاء الأخير.
أيضا الخوف من الرقم 666 المنتشر في بعض الثقافات الغربية، والذي يعود لذكر الرقم في “سِفر الرؤيا” باعتباره “رقم الوحش” أو الشيطان.
الأعراض الأكثر شيوعا
1- السلوك التجنُّبي: قد يبكي الطفل المصاب برهاب الأرقام أو يصرخ عند التفكير في الذهاب إلى المدرسة أو حضور حصة الحساب تحديدا. في حين قد يحاول البالغون المصابون برهاب الأرقام أيضا تجنب الأرقام مهما كلّف الأمر، ما قد يؤثر عليهم في حياتهم المهنية أو الشخصية.
علاوة على ذلك، غالبا ما يشعر المصابون بالحرج من مشكلتهم وتصيبهم بالقلق الاجتماعي. لذلك قد يكذبون أو يخفون عدم قدرتهم على التعامل مع المشكلة، وهذا يؤدي إلى تهديد علاقاتهم بمن حولهم.
2- نوبات الهلع: يميل البعض إلى الخوف من الأرقام كثيرا، وهذا يؤدي إلى إصابتهم بنوبة قلق وذعر حقيقي تشمل التعرُّق بغزارة، والشعور بالرغبة في الهروب أو الاختباء، وتسارع ضربات القلب، والتنفس بسرعة، والدوار.
وقد يشعر المصاب برهاب الأرقام أيضا بالانفصال عن الواقع وكأنه يحلم أو أنه على وشك فقدان الوعي، وقد يعاني من جفاف الفم، أو يشعر بالخدر أو الارتباك، أو يصبح غير قادر على التعبير عن أفكاره بوضوح.
3- المعاناة اليومية: غالبا ما تسبب الفوبيا من الأرقام في إصابة الشخص المصاب بالرهاب والهوس والمعاناة عند مواجهة الأرقام بمختلف الصور خلال اليوم، لذلك قد يعاني عند النظر في التقويم أو الهاتف ومع التواريخ المكتوبة. كما قد يكون التسوق في محلات البقالة، حيث يتعين على المرء جمع أسعار المشتريات، أو دفع الإكراميات في المطاعم؛ مهمة صعبة بالنسبة للشخص المصاب.
تأثير عميق قد يؤدي للموت!
ورغم أن البعض قد يعتقد هذا النوع من الخوف بسيط وربما لا يستوعبون تداعياته، إلا أن فوبيا الأرقام لها عواقب حقيقية خطيرة، حتى لو كان الخوف مبنيا على ما قد يبدو كأنه خرافة غير ضارة.
فقد وجدت دراسة في المجلة الطبية البريطانية أن الأميركيين الآسيويين في كاليفورنيا كانوا أكثر عرضة بنسبة 27% للوفاة بنوبة قلبية في اليوم الرابع من الشهر. وقد افترض الباحثون أن الضغوط النفسية الناجمة عن الاعتقاد الشديد أن يوما سيئ الحظ يمكن أن تدفع المؤمن بالخرافات إلى الموت فعلا.
أما إذا عانى الطفل من الخوف من الأرقام، فقد تصبح دراسة الرياضيات أمرا بالغ الصعوبة، وقد يتعرَّض في حياته لاحقا لمشكلات عديدة عند التعامل مع المال والفواتير وأية متطلبات تستلزم التعامل مع الأرقام.
طرق التعامل مع فوبيا الأرقام
إذا وجدت أنك تعاني الخوف من الأرقام بشكل عام أو من أرقام محددة، هناك أشياء يمكنك القيام بها للمساعدة في تقليل القلق لديك أو التغلب عليه، على رأسها العلاج النفسي.
حيث يمكن أن تساعدك استشارة طبيب العلاج النفسي المتخصص على تجاوز المشكلة من خلال العلاج السلوكي المعرفي والعلاج بالتعرض، حيث يتم تعريضك بعناية لمصدر الخوف في بيئة آمنة وخاضعة للرقابة لمساعدتك على فهم أن الشيء ليس ضارا.
بالإضافة إلى العلاج بالكلام، قد يصف الطبيب لك أيضا دواء مضادا للقلق إذا كنت تعاني بشدة من التداعيات النفسية نتيجة هذا النوع من الرهاب.