فيزياء جديدة مطلوبة.. ماذا اكتشف “جيمس ويب” حول النجوم الأولى في الكون؟

By العربية الآن



نحتاج إلى فيزياء جديدة.. ماذا كشف “جيمس ويب” عن نجوم الكون الأولى؟

اللحظات السابقة لانفجار أحد نجوم الجمهرة الثالثة (مؤسسة العلوم الوطنية)
اللحظات السابقة لانفجار أحد نجوم الجمهرة الثالثة (مؤسسة العلوم الوطنية)

مقدمة

نحن على أعتاب اكتشاف عظيم، حيث أفاد علماء الفلك بأن تلسكوب جيمس ويب الفضائي قد رصد بالفعل أدلة على وجود النجوم الأولى، من خلال توجيه تقنياته المتطورة إلى أطراف مجرة بعيدة. وقد تشير الإدلة إلى أن هذه النجوم قد تكون أقرب إلى الأرض مما كنا نعتقد سابقًا. فهل سنتمكن بالفعل من رصد هذه النجوم في وقت مبكر جدًا؟ وهل ستؤثر هذه الاكتشافات على النماذج الفيزيائية المعتمدة لفهم بداية الكون؟ هذا ما تكشفه المادة المترجمة من مجلة نيوساينتست.

ولادة النجوم الأولى

تُعتبر ولادة النجوم الأولى أحد أبرز التحولات في تاريخ الكون، حيث ظهرت بعد الانفجار العظيم بحوالي 200 إلى 400 مليون سنة، وبدأت تطلق طاقة هائلة أدت إلى تفكيك ذرات الغاز التي ساهمت في تبريد الكون وإعادة تسخينه عبر عملية تعرف بإعادة التأيين. ومع احتراق تلك النجوم، خلّفت وراءها عناصر كيميائية مهدت لتشكيل المجرات والكواكب وبالتالي الحياة كما نعرفها.

يُظهر العلماء اهتمامًا بالغًا في نظرهم إلى جيل النجوم الأول بغية فهم تفاصيلها، إذ بدت هذه النجوم في زمن يعتبر الفجر الكوني ضخمة وساطعة إلى حد بعيد. يُعتقد أن كتلتها قد تصل إلى 300 مرة ضعف كتلة الشمس، وسخونتها تفوق سخونة الشمس بعشر مرات. مراقبة هذه النجوم قد تكشف أيضًا عن تفاصيل مهمّة حول المرحلة المبكرة من حياة الكون، بما في ذلك كيفية تشكيل الثقوب السوداء العملاقة.

اكتشافات مبكرة من جيمس ويب

خلال العام الجاري، أبلغ علماء الفلك عن رصد تلسكوب جيمس ويب الفضائي لإشارات ربما تكون دليلًا على وجود هذه النجوم. وتقول هانا أوبلر، باحثة بجامعة كامبريدج، “إن البيانات الجديدة توسع أفق معرفتنا وفهمنا لما يحدث”. كما أن الأدلة تظهر أن النجوم الأولى قد تكون أقرب إلى الأرض مما كنا نتوقع.

تساهم النجوم بشكل كبير في التركيب الكيميائي للكون؛ فالانفجار العظيم لم يُنتج سوى الهيدروجين والهيليوم، بينما العناصر الثقيلة مثل الأكسجين والحديد نشأت في قلوب النجوم عبر عملية الاندماج النووي. وعندما تنفجر النجوم، تنتشر العناصر الثقيلة في الكون، مُكونةً عناصر جديدة.

هذه النجوم موغلة في الضخامة وشديدة السطوع، ويعتقد العلماء أن كتلتها قد تصل إلى ضعف كتلة شمسنا بنحو 300 مرة (مؤسسة العلوم الوطنية)

النجوم العملاقة

قسم علماء الفلك النجوم التي اكتشفناها إلى أنواع، حيث تُعتبر الجمهورية الأولى (Population I) الأحدث وتتضمن نسبة أكبر من العناصر الثقيلة، بينما الجمهورية الثانية (Population II) أكبر سنًا وتحتوي على عدد أقل من هذه العناصر. أما الجمهورية الثالثة (Population III) فهي الأقدم، وتتكون فقط من الهيدروجين والهيليوم.

تملك النجوم الحديثة حدًا أقصى للكتلة؛ فإذا نمت كتلة نجم إلى أكثر من 100 ضعف كتلة الشمس، سيؤدي الضغط الداخلي لدفع الطبقات الخارجية إلى الفضاء. ولكن بالنسبة للنجوم من الجمهورية الثالثة، فإن غياب العناصر الثقيلة يعني أنها قد تتجمع بكثافة وحرارة أكبر، مما يؤدي إلى تكوين نجوم عملاقة.

يعتبر غياب العناصر الثقيلة في النجوم الأولى شرطًا رئيسيًا لجعلها أكثر كثافة، وبالتالي يمكن أن تكون عمرها قصيرًا جدًا، حيث يُعتقد أن النجوم الأولى عاشت بحدود 5 ملايين سنة فقط. على الرغم من صعوبة رصد هذه النجوم، فلا يزال هناك احتمال لرؤية ضوءها.

مع تقدم العلم، يبقى العديد من العلماء مهتمين بكيفية تشكل الثقوب السوداء العملاقة، حيث يتفق الكثيرون على أنها قد تكون ناتجة عن انفجار النجوم الأولى التي أدت إلى مدّ طاقتها في الفضاء. فيبدو أن الثقوب السوداء كانت أصغر بكثير في بداياتها ثم نمت لتصبح عملاقة من خلال الانصهار معًا أو ابتلاع النجوم.

الألغاز الكوسمولوجية

تزداد الدهشة كلما عُمقنا في تاريخ الكون، خصوصاً عند رؤية مجرات وثقوب سوداء ضخمة بشكل يتجاوز التوقعات. تبدو هذه الاكتشافات مذهلة، حيث يعتقد العلماء أن الوقت لم يكن كافيًا لتشكل هذه الكيانات الضخمة بعد الانفجار العظيم، مما يُعد أحد أكبر ألغاز الكون.

يعتقد بعض العلماء، بما في ذلك سيمون غلوفر، أن الحل لهذه الألغاز قد يكمن في معرفة المزيد عن النجوم الأولى. استخدمت فرق البحث نماذج حاسوبية جديدة توضح أن درجات حرارة الغاز المرتفعة خلال فترة إعادة التأيين تسببت في انهيار السحب الغازية لتشكل نجومًا كتلتها هائلة.

يمكن لهذه النجوم العملاقة أن تكون طريقًا لتكوين الثقوب السوداء فائقة الضخامة في وقت مبكر من عمر الكون (مؤسسة العلوم الوطنية)

التقنيات الحديثة لرصد النجوم

يمكن استخدام التحليل الطيفي لاكتشاف النجوم الأولى، حيث يسمح بقياس شدة الضواء عبر أطوال موجية مختلفة. ومع ذلك، يواجه العلماء تحديًا في رصد النجوم من الجمهورية الثالثة مباشرة باستخدام تلسكوب جيمس ويب، ولكن الأمل يكمن في كشف إشعاعات وتأثيرات هذه النجوم عن طريق محيطها.

تعاونت أوبلر مع زملائها لدراسة مجرة “جي.أن زي11″، والتي تُعد من أقدم المجرات المُكتشفة بتسلسل زمني يصل إلى 13.4 مليار سنة، وقد تمكنوا من جمع أدلة تدعم وجود أيونات “الهيليوم 2” بالقرب من هذه المجرة.

المجرة المُسماة “جي.أن زي 11 كانت في 2016 أقدم مجرة رُصدت على الإطلاق (ناسا)

النجم القريب

رصد علماء الفلك في عام 2018 نجمًا يُسمى “SMSS J1605-1443″، والذي يحتوي على كميات ضئيلة جدًا من الحديد ويقع في هالة مجرتنا. قد يكون هذا النجم من نسل نجوم الجمهورية الثالثة على الرغم من عدم تصنيفه كواحد منها.

بالإضافة إلى ذلك، استخدمت دراسة حديثة بيانات مهمة “غايا” لرصد 200 ألف نجم في مجرة درب التبانة يبدو أنها تفتقر بشدة للعناصر الثقيلة، مما يوفر أهدافًا مثيرة للاهتمام للدراسة.

يمضي العلماء في بحثهم عن هذه النجوم، فهل سنتمكن من رؤية النجوم الأولى في الكون في وقت أبكر مما توقعنا؟

* إضافات من المترجم

هذه المادة مترجمة عن موقع نيوساينتست، ولا تعبر عن الجزيرة نت بالضرورة

المصدر : مواقع إلكترونية



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version