فيضانات المتوسط… تأثيرات تغير المناخ اليوم

By العربية الآن

### تغير المناخ وفيضانات البحر الأبيض المتوسط

تشهد منطقة البحر الأبيض المتوسط هطول أمطار غزيرة ولفترات قصيرة، وهو أمر تقليدي في هذه المنطقة. ومع ذلك، فقد أصبح هذا الأمر، مثل العديد من الظواهر المناخية المتطرفة في السنوات الأخيرة، شديد التغير نتيجة لتأثيرات تغير المناخ.

#### كارثة في الخريف

خلال فصل الخريف، أدت الفيضانات المدمرة إلى دمار شديد عبر منطقة تمتد من إسبانيا إلى البلقان ومن المغرب إلى ليبيا. فقد لقي أكثر من 200 شخص حتفهم في فالنسيا الإسبانية في أكتوبر (تشرين الأول)، بعد أمطار غزيرة دمرت المنطقة، حيث شهدت أوروبا هطول أمطار تفوق خمسة أضعاف المعدل الشهري العادي في أسبوع واحد.

ويشير العلماء إلى أن تغير المناخ لا يعزز فقط قوة العواصف في البحر الأبيض المتوسط، بل يزيد أيضاً من تكرارها. يتوقع الخبراء تفاقم هذه الظواهر مع مرور الوقت، بحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.

آثار السيول التي ضربت مدينة بنغازي الليبية نتيجة «إعصار دانيال» الذي ضرب البلاد في 11 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

#### الأوضاع الجديدة

تقليدياً، كانت المناطق الساحلية في حوض البحر الأبيض المتوسط عرضة لهطول أمطار غزيرة، إلا أن الوضع قد ازداد سوءًا. حيث أسفرت فترات الأمطار الغزيرة المتزايدة عن نتائج مدمرة عن تلك التي شهدتها العقود السابقة. تُظهر الأبحاث أن الكوارث الطبيعية أصبحت جزءًا من “الوضع الطبيعي الجديد” في المنطقة.

وأضاف ليوني كافيشيا، عالم في المركز الأوروبي المتوسطي لتغير المناخ، أن شدة هذه الظواهر المتطرفة مرشحة للزيادة في العقود القادمة، حيث ترتفع درجة حرارة البحر الأبيض المتوسط بمعدل أسرع من المتوسط العالمي.

وأشارت النماذج المناخية إلى أن أحداث هطول الأمطار الغزيرة ستزداد، ولكن مع انخفاض متوسط هطول الأمطار بشكل عام في المنطقة، مما يعني أن المناطق الجافة ستتحول إلى جفاف أشد.

#### الجغرافيا وتأثيرها

تسهم جغرافية البحر الأبيض المتوسط في تعرضه للفيضانات المفاجئة. فالجبال والبحر المغلق ومجاري الأنهار الجافة تجعل المنطقة عرضة لمثل هذه الفيضانات. حيث تظل معظم المجاري المائية جافة لفترات طويلة، وعندما تسقط الأمطار الغزيرة، يتجمع الماء بسرعة في المجاري شديدة الانحدار، مما يؤدي لارتفاع مستوياته بشكل سريع.

كما أن البحر الأبيض المتوسط يسخن بسرعة أكبر من المسطحات المائية الأخرى، مما يجعله مصدراً كبيراً للرطوبة التي تؤدي إلى هطول الأمطار في المناطق الساحلية.

تساعد التيارات الهوائية الحادة أيضاً في تشكيل الظروف المناخية للمنطقة. فعندما تتغير هذه التيارات، تتشكل موجات دافئة وباردة، مما يؤدي أحيانًا لتشكل منخفضات جوية تستمر لعدة أيام، كالعاصفة “بوريس” التي تسببت بمقتل 24 شخصًا.

واحد من المنخفضات الجوية الذي سبب الفيضانات في فالنسيا الإسبانية أسفر عن مئات الوفيات بعد ذلك بفترة قصيرة.

#### النمو السكاني وتأثيراته

أدى النمو السكاني في منطقة البحر المتوسط إلى تعرض المزيد من الأشخاص للخطر. فقد ازدادت التحضر في معظم المناطق الساحلية ومناطق السهول الفيضية، مما قلص المساحة المتاحة للممرات المائية وأحدث تأثيرات سلبية على الأمان العام.

أشخاص يسيرون في شوارع غمرتها المياه في فالنسيا بإسبانيا جراء الفيضانات التي ضربت المنطقة أكتوبر 2024 (أ.ب)

ورغم التحسينات في هياكل الحماية من الفيضانات، إلا أن الأضرار تزيد من خلال تنامي العمران والنمو السكاني. وقد تضاعف عدد سكان دول البحر الأبيض المتوسط منذ ستينات القرن الماضي، ويعيش اليوم حوالي 250 مليون شخص في مناطق الأنهار التي تطل على الفيضانات.

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version