“قوة جاذبية هائلة” تجذب مجرتنا للوراء بسرعة هائلة.. ما هي؟
ولقد تبين للعلماء أن هناك جاذبية خفية تؤثر على مجرتنا, وهذه الجاذبية ليست لظاهرة خارقة, بل لان صعوبة رصد مصدرها التي تم تسميتها القوة الجاذبية العظيمة باستخدام التلسكوبات الضوئية, بسبب وجود حاجز يفصل بين مجموعتنا الشمسية وبينها, وهذا الحاجز هو نواة مجرتنا درب التبانةالتي تضمّ جموعاَ هائلة من النجوم والغبار السحابي تعوقنا عن رصد ما يظهر وراءها، وفقًا لوكالة فضاء NASA.
المشهد مشابهٌ لوقوف أحدٍ بأمامك بمصباحٍ قوي جدًا مما يعيق رؤية ما يكمن وراءه. هذه الحالة ناتجةٌ عن نواة مجرتنا اللامعة والمكتظة.
لانياكيا .. جنّة الكواكب
قبل التعمق في اقتراحات الخبراء لحل هذه المشكلة الفلكية، ينبغي أولًا علينا فهم توزيع المجرات في هذا الكون.
الملاحظات من تلسكوبات مثل هابل تظهر أن المجرات عادةً ما تكون في مجتمعات صغيرة نسبيًا. وبالنسبة لدرب التبانة، فهو جزء من أكثر من 50 مجرة أخرى تجتمع كلها ضمن ما يُعرف بـ “التجمع المحلي”.
ومع ذلك، يُعَدّ هذا التجمع المحلي جزءًا من كتلة مجرية أكبر تحتوي على أزيد من 100 تجمع مشابه لذلك الذي يُضم مجرتنا؛ تُعرف باسم “عنقود مجرّات العذراء العظيمة”. والعنقود نفسه يندرج تحت عناقيد عظيمة أخرى تحمل العنوان ذاته، وهكذا بالتسلسل، وكل ذلك يتألف “لانياكيا”، الاسم الذي يأتي من تراث هاواي ويعني “الجنّة الهائلة”.
لتبسيط الفكرة، تخيل أن تلك المجتمعات المجرية تُشبه حبات العنب على الكروم وكل حبة عنب ترمز لمجرة، وهي مترابطة مع بعضها البعض بفعل قوى الجذب لا بأسياخ صغيرة.
ومثلما تظهر كل حبة عنب مع جيرانها في نفس العنقود، هناك فروع كثيرة تحمل العناقيد، فإنّ المجرات تقوم بنفس العملية؛ حيث تتجمع في تجمعات مثل التجمع المحلي، وبعد ذلك في فروع أكبر، وهكذا حتى بالنهاية تشكل الشجرة بأكملها، والشجرة الكاملة في هذا السياق هي لانياكيا.
اختراق درب التبانة
بالرغم من صعوبة رؤية الأمور خلف نواتج مجرتنا درب التبانة، إلّا أن العلماء يمتلكون بعض الإستراتيجيات التي قد تُحسّن إلى حد ما -ووارج التحسن تمامًا- مراقبة تلك الساحة، مثل المراقبة بالأشعة تحت الحمراء أو موجات الراديو على سبيل المثال، حيث فتحت لهم تلك الأدوات الأبواب لتقدير المسافة بيننا وبين الجاذب العظيم، التي تُقدّر بحوالي 200 مليون سنة ضوئية.
بالإضافة إلى ذلك، أظهر تأثير الجاذب العظيم قدرته على جذب جميع مجرات الجماعة المحلية -وهي مجموعة تضم نحو 50 مجرة من ضمنها درب التبانة.
ومن خلال دراسة العناقيد المجرية في منطقة الجاذب العظيم (تُعرف باسم “الشراع” و “نورما”)، أظهر العلماء بأنها تلعب دورًا في شد المجموعة المحلية، كجزء من أسبابه، ممّا يدفعهم لمزيد من الاستكشاف والبحث.
في عام 2005، تم إجراء دراسة بشعة الأشعة السينية لجزء من السماء يُعرف باسم **اسحب-اللون**.”مبادرة تجنب العناقيد الهنغارية”، وتم الكشف من خلالها أن مجرة درب التبانة والمجموعة المحلية لا تجذبان نحو الجاذب العظيم فحسب، بل تتوجهان أيضًا نحو مجموعة أكبر تُسمى عنقود شابلي الفائق، الذي يقع وراء الجاذب العظيم، وهو جار لعنقود لانياكيا.
هنا تكتمل أجزاء اللغز، إذ يظن العلماء حاليًا أن السبب وراء حركة مجرتنا درب التبانة ورفاقها الغريبة هو جزء من مجموعة صغيرة من العناقيد الهنغارية الموجودة في منطقة الجاذب العظيم، وفي الجزء الآخر هو تأثير شابلي جار لعنقود لانياكيا العملاق.
أسرار الكون
منذ مليارات السنين وتتعرض مجرتنا لهذا التأثير، ولكن لماذا لا ندرك ذلك؟
فعليًا، نحن هنا على الأرض تحت تأثيرات كثيرة؛ منها حركة دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس، وأيضًا حركة الشمس حول المجرة (يستغرق دورة حوالي 250 مليون سنة)، وحركة مجرتنا في الفضاء الواسع.
ولكننا لا نشعر بتلك التأثيرات لأن كل شيء يتحرك بسرعته النسبية، على سبيل المثال، عندما تكون داخل الطائرة، فأنت تتحرك بحرية بالرغم من سرعتها الكبيرة، وربما ترى داخل سيارتك حشرة تتحرك بسهولة من الأمام إلى الخلف بينما تسير بسرعة عالية على الطريق.