كيف سوغ الخطاب الإسرائيلي الإبادة الجماعية في غزة؟
### التلاعب بالخطاب
تستخدم النخب السياسية اللغة لتقليل أهمية معارضيهم، وهي خطوة تسبق عادةً لممارسة العنف والقمع. ونرى ذلك بوضوح في سياق الاستعمار؛ حيث استخدمت القوى الاستعمارية الأوروبية مصطلحات عنصرية ليتمكنوا من إخضاع الشعوب الأصلية.
واليوم، يتكرر هذا النمط في الخطاب الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، الذي يستخدم ألفاظًا مسيئة وحافلة بالعدائية، وهو نهج مستمر منذ سنوات، إلا أنه تزايد بشكل ملحوظ بعد الأحداث المؤلمة التي وقعت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي.
### تصريحات تحريضية
وصف سكان غزة بأنهم “حيوانات بشرية” والإعلان عن حصار شامل، يُظهر خطابًا عنصريًا يبرر الإبادة ويشجع على ارتكاب الفظائع.
إليكم ستة تصريحاته أدلى بها قادة إسرائيليون مؤخرًا، تتضمن دعوات مباشرة أو غير مباشرة للإبادة الجماعية في غزة:
1. قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بعد أيام من أحداث أكتوبر: “لا كهرباء ولا طعام ولا وقود للحيوانات البشرية” في غزة.
تجسد وصف سكان غزة بـ”الحيوانات البشرية” ليس فقط تبريرًا لإجراءاتهم، بل تُحرض على القتل الجماعي. تشبه هذه التصريحات ما فعله المستعمرون السابقون، حيث تم تبرير الإبادة بأساليب عنصرية.
2. في خطاب تلفزيوني، استشهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالكتاب المقدس ليبرر الهجوم على غزة بالقول: “تذكروا ما فعله العماليق بكم”.
يستند نتنياهو في تصريحه على فكرة تاريخية تعود لقرون، مقارناً الفلسطينيين بأعداء قدماء يتوجب القضاء عليهم. هذا التصريح يعد تخفيضًا لكرامة الإنسان الفلسطيني، مما يدل على استخدام الدين لتأجيج الدعم بين الجماعات القومية المتعصبة.
3. وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو أثار جدلاً عندما اقترح إمكانية استخدام قنبلة نووية ضد غزة، مما يستدعي اهتمام العالم كدعوة للإبادة.
4. في 9 مارس/آذار، دعا حاخام إسرائيلي إلى قتل الأطفال في غزة مستندًا إلى الشريعة، وهو خطاب ينم عن عقلية شمولية قائمة على العنف.
### التأثيرات المروعة
بحسب الإحصائيات، يستشهد 15 شخصًا في غزة كل ساعة، بينهم أطفال، بينما تهبط 42 قنبلة وتدمر 12 مبنى.
تصريحات القادة الإسرائيليين تعكس نهجًا متعمدًا ومحفزًا للعنف، حيث تسعى الأنظمة لتبرير الأعمال التي تشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان. الوضع في غزة يتفاقم حيث تُكسر الأرواح وتُعرّض المعايير الإنسانية للإهمال.
وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، حتى نهاية يونيو، دُمر أكثر من نصف منازل غزة و80% من المرافق التجارية و88% من المدارس. الأوضاع الإنسانية تتدهور بشكل مأساوي.
يصف المعتقلون في السجون الإسرائيلية أوضاعهم بالـ “إذلال” والإذلال مستمر، حيث يُحرمون من حقوقهم الأساسية في العلاج والغذاء.
### محاولات القانون الدولي
في مواجهة هذه المآسي، قدمت جنوب أفريقيا دعوى قضائية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في ديسمبر 2023، والتي طالبت باتخاذ إجراءات لحماية الفلسطينيين. لكن إسرائيل تجاهلت هذه الأوامر واستمرت في سياستها الإجرامية الممنهجة.
يعتبر كثيرون أن إسرائيل تواصل الإبادة العصرية ضد الفلسطينيين، ساعية لنزع صفة الإنسانية عنهم، وهي سياسية واضحة الأهداف والأفعال.
نسأل: لماذا يجب أن تلتزم إسرائيل بالقوانين الدولية، وهي تمرّ دون عقاب من العالم على جرائمها؟
رابط المصدر