كيف يؤثر الإعلام في صياغة المعارك والتحكم بسردياتها؟


### الإعلام كفاعل رئيسي في الصراعات

في سياق الحروب والصراعات المستمرة، سواء في الحرب الروسية – الأوكرانية، أو النزاعات الحالية في الشرق الأوسط، تبرز أهمية دور الإعلام بشكل واضح. إذ يواجه الإعلام اتهامات بتوجيه الصراعات وإنتاج سرديات مضللة.

تُظهر الدراسات، مثل تلك التي أجرتها جامعة كولومبيا الأمريكية في العام 2000، أن الإعلام دائماً ما يكون له علاقة وثيقة بالحروب، بسبب ما تتمتع به هذه الأحداث من قيمة إخبارية وتأثير على الجمهور. حيث يعتبر الصراع “أدرينالين” للصحافيين الذين يتلقون تدريباً خاصاً باكتشاف الحروب والاجتذاب لتغطيتها، ما يزيد من حماسهم.

### تأثير الإعلام في مجريات الأحداث

لكن الأمر يتخطى مجرد نقل الأحداث، حيث يقوم الإعلام بترويج روايات قد تكون مضلِّلة، مما يؤثر على مسارات الحروب وصناع القرار والجمهور. وفقاً لخبراء، يقوم الإعلام أحياناً بالدفاع عن جهات معينة، وخلق رموز والاستعانة بانتصارات وهمية.

بحسب يوشنا إكو، الباحث الإعلامي ورئيس “مركز الإعلام ومبادرات السلام”، يُعتبر الإعلام أداة قوية يمكن أن تحدد نتائج الحروب. واستشهد إكو باستخدام الإدارة الأمريكية لوسائل الإعلام في تسويق غزو العراق، كما أشار إلى كيفية تلاعب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسردية الحرب ضد أوكرانيا.

### النقاشات حول تغطية الحروب

تطرقت حلقة دراسية دولية، عُقدت في بداية نوفمبر في جنيف، إلى تأثير الإعلام في تغطية الصراعات في الشرق الأوسط، حيث قوبل الإعلام الإسرائيلي بانتقادات لتصويره الصراع وكأنه حرب بين الخير والشر. كما رصدت المناقشات التأثير السلبي للعناوين الرئيسية التي تفتقر للسياق.

تحدث ستيفن يونغبلود، مدير “مركز صحافة السلام العالمية”، عن الضغوط التي يواجهها الصحافيون أثناء الحروب، موضحاً أهمية انعكاس هذه الظروف على التغطيات الإعلامية واستخدام ألفاظ معينة بما يخدم طرفاً على حساب الآخر.

### قيود الإعلام وتأثيرها

تشير تقارير مثل تلك الصادرة عن “مراسلون بلا حدود” إلى أن القيود التي تفرضها السلطات يمكن أن تحد من حرية الإعلام، كما هو الحال مع الإجراءات الإسرائيلية ضد الصحافيين في غزة.

يؤكد الصحافي الأردني خالد القضاة أن عادة ما تبدأ الحروب بالإعلام، حيث تُستخدم لتبرير الأفعال القادمة من خلال سرديات مشوَّهة. ويشير إلى أن هذه السرديات غالبًا ما تهدف إلى تشويه سمعة الطرف الآخر ودفع الجمهور لتبني آراء معينة، مما يؤدي إلى إرباك المشهد العام.

### تأثير السرديات المتباينة

في ختام النقاش، يتضح أن وسائل الإعلام تتلاعب إلى حد كبير بالسرديات في زمن الحرب، ويعتبر القضاة أن هذا التأطير يساهم في تعزيز الرواية الإسرائيلية في تغطية الحرب على غزة. كما يعبر عن رؤية تتعلق بتوجه الإعلام نحو صناعة رموز ونقل انتصارات قد لا تعكس الواقع الفعلي للصراع.


### التقرير حول تأثير الإعلام في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي

أشار “مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية” في تقريره الذي صدر في ديسمبر 2023، إلى أن استخدام اللغة التحريضية في تغطية وسائل الإعلام الأميركية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يؤثر على كيفية تصور المجتمعات لبعضها، وقد يسهم في انتشار الكراهية. وأضاف التقرير أنه يوجد تحيز في الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي يهدف إلى إثارة ردود فعل عاطفية بدلاً من تقديم رؤية موضوعية للأحداث.

### دور الإعلام في الصراعات

يعتقد الدكتور حسن عماد مكاوي، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، أن توظيف الدول وأجهزة الاستخبارات لوسائل الإعلام هو أمرٌ متعارف عليه، وخاصة في أوقات الحروب. وذكر أن إحدى وظائف الإعلام هي نقل المعلومات التي تؤثر على اتجاهات الجماهير لتلبية أهداف الأمن القومي والسياسة العليا. وأشار إلى أن وسائل الإعلام تؤدي هذا الدور بطرق متنوعة في مختلف دول العالم، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تلعب دوراً مماثلاً من خلال استخدام شخصيات تبدو مستقلة لنقل رسائل الحكومة.

### التشويش الإعلامي والشائعات

أضاف مكاوي أن هذه العملية غالباً ما تشمل نشر الشائعات والأخبار الكاذبة، مع التركيز على بعض القضايا وإغفال أخرى، وفقاً لأهداف محددة مسبقاً. وضرب مثالاً بحرب غزة، التي تشهد تعتيما إعلامياً من الجانب الإسرائيلي يهدف إلى إيصال رسائل رسمية فقط لإطار الأحداث في سياق معين.