للمرة الأولى.. اصطفاف مجرتين بشكل مثالي يكشف جمال الكون العميق
21/11/2024
–
|
آخر تحديث: 21/11/202405:35 م (بتوقيت مكة المكرمة)
في اكتشاف فلكي نادر وفريد، رصد علماء الفلك مجرتين تترتبان على استقامة واحدة عند مراقبتهما من الأرض، حيث تقف إحداهما خلف الأخرى وكأنهما تشكلان عدسة مزدوجة.
تسبب تأثير الجاذبية القوي في انحناء الضوء الصادر من خلف المجرتين، مما ساهم في إظهار تفاصيل لم تكن مرئية من قبل. وأظهرت الأبحاث أن المصدر الضوئي البعيد خلف المجرتين ينتمي إلى ثقب أسود ضخم يُعرف بالكويزار، يصدر ضوءًا يسير في مسار متعرج حول المجرتين.
تعتبر الكويزارات مجرات بعيدة تحتوي على مناطق غازية ساخنة ونشطة حول ثقوب سوداء هائلة، تصل درجات حرارتها إلى مئات الآلاف من الدرجات المئوية، مما يجعلها لامعة بشكل كبير، وهو ما ينتبه له العلماء في تلك المجرتين البعيدتين.
وبالإضافة إلى ما سبق، تعمل العدسة المزدوجة على كسر الأشعة وضخامة الأجسام الفلكية خلفها، مما يتيح للعلماء إجراء قياسات دقيقة لمعدل التوسع الكوني المعروف بثابت هابل. وقد أدرج الفريق البحثي من المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا هذه النتائج في ورقة بحثية لم يتم مراجعتها بعد.
عدسات آينشتاين
يعرف علماء الفلك حوالي 1000 حالة تظهر فيها تأثير الجاذبية من الأجرام السماوية الكبيرة، مثل المجرات والعناقيد المجرية، حيث تنحني أشعة الضوء القادمة من مصادر ساطعة خلفها، وفقًا لما تنبأت به نظرية النسبية العامة لألبرت آينشتاين.
تُعرف هذه الظاهرة بـ”عدسة الجاذبية”، حيث يتم تشويه صورة الأجرام التي تقع خلف الكائنات الكبيرة كما لو كنت تشاهد من خلال كوب ماء. لكن الجاذبية للمجرات هي سبب هذا التشويه عندما نقوم بالتقاط الصور.
غالبًا ما تكون عناقيد المجرات عدسات غير مثالية، مما يؤدي إلى إنتاج صور مشوهة. ومع ذلك، فإن المجرات الإهليلجية ذات الأشكال المنتظمة ولبها الكثيف تعمل كعدسات بسيطة، مشابهة للعدسات المستخدمة في النظارات العادية.
سنوات من الرصد والتحليل
في عام 2017، اكتشف الباحثون نظامًا غير عادي في مجرة J1721+8842، وهي مجرة إهليلجية تصنع عدسة جاذبية حيث تنحني أشعة الضوء القادمة من كويزار خلفها، مما ينتج عنه 4 صور مكررة للمصدر الضوئي ذاته. تعتبر هذه الأنظمة ذات أهمية علمية كبيرة نظرًا لتغير سطوع الكويزارات مع الزمن.
على مدى عامين، استخدم الفريق تلسكوب نورديك البصري لدراسة المجرة ومراقبة التغيرات في الصور الأربع للكويزار. وأثناء المسوح، ظهرت ضوءان باهتان آخران، مما جعل الفريق يعتقد أنهما صور مكررة لكويزار قريب من الأول.
لكن عند الدراسة الدقيقة، وجدوا أن خصائص الضوء من الضوءين الجدد تتطابق تمامًا مع الصور الأربع الأصلية، مما يدل على أن الضوء صادر من كويزار واحد تكرر 6 مرات، بسبب العدسة المزدوجة للمجرتين.
باستخدام نموذج حاسوبي لتتبع مسارات الضوء القادمة من الكويزار، استنتج الفريق أن صورتين نتجتا عن انحناء الضوء حول المجرتين.
من خلال دراسة الفروق الزمنية بين الصور الست ومسارات الضوء المختلفة، يأمل الفريق في حساب قيمة دقيقة لثابت هابل، وهو إنجاز يعتبر مهمًا نظرًا للجدل حول قيمة ثابت هابل بين الفرق العلمية المختلفة، والمعروف بمسألة “توتر هابل”.