الصراع في غزة: السلطات الإسرائيلية تطالب بالسيطرة على ممرات استراتيجية
تُهدد المطالب الإسرائيلية بالسيطرة الدائمة على ممرين استراتيجيين في غزة، والتي ترفضها حركة حماس منذ فترة طويلة، بإفشال المحادثات المتعلقة بوقف إطلاق النار الرامية إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، وتحرير عدد من الرهائن، ومنع تصاعد النزاع بشكل أكبر.
مطالب إسرائيل بوجود عسكري
قال مسؤولون مقربون من المفاوضات إن إسرائيل ترغب في الحفاظ على وجود عسكري في منطقة عازلة ضيقة على طول حدود غزة مع مصر، والتي تُعرف باسم ممر "فيلادلفيا"، وفي منطقة أخرى تفصل شمال غزة عن جنوبها، والمعروفة باسم ممر "نتساريم".
تفاصيل المقترحات الأمريكية
لا يزال غير واضح ما إذا كانت السيطرة الإسرائيلية على هذه الممرات جزءًا من اقتراح مدعوم من الولايات المتحدة، الذي دعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن حماس لقبوله لكسر الجمود في محادثات وقف إطلاق النار. وأوضح بلينكن، الذي عاد إلى المنطقة هذا الأسبوع، أن إسرائيل وافقت على الاقتراح دون أن يكشف عن تفاصيله.
سياق أمني
يشير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن السيطرة على المنطقة الحدودية مع مصر ضرورية لمنع حركة حماس من إعادة تسليح نفسها عبر أنفاق التهريب، وأن إسرائيل بحاجة إلى "آلية" لمنع عودة المسلحين إلى الشمال، الذي ظل معزولًا إلى حد كبير منذ أكتوبر.
الرفض الحماسي للمطالب الإسرائيلية
رفضت حركة حماس هذه المطالب، التي تم الإعلان عنها مؤخرًا، حيث لم يكن هناك أي ذكر لسيطرة إسرائيل على الممرات في مسودات سابقة من الاقتراحات الخاصة بوقف إطلاق النار. واعتبرت حماس أن أي وجود إسرائيلي دائم في غزة سيكون بمثابة احتلال عسكري. كما أن مصر، التي تلعب دور الوسيط الرئيسي في المفاوضات، تعارض بشدة وجود إسرائيلي على الجانب الآخر من حدودها مع غزة.
ماهية الممرات وأهميتها
يمتد ممر "فيلادلفيا" كشرائط ضيقة بطول 14 كيلومترًا بمحاذاة الحدود مع مصر، ويشمل معبر رفح الذي كان حتى مايو الطريق الوحيد لخروج غزة إلى العالم الخارجي غير المتحكم فيه من قبل إسرائيل.
تدعي إسرائيل أن حماس استخدمت شبكة واسعة من الأنفاق تحت الحدود لاستيراد الأسلحة، مما سمح لها ببناء الآلة العسكرية التي استخدمتها في الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر وأدى إلى تفجر الحرب. وتقول القوات العسكرية الإسرائيلية إنها عثرت على ودمرت العشرات من الأنفاق منذ أن سيطرت على الممر في مايو.
المخاوف من السيطرة الإسرائيلية
سيتمادى التحكم الإسرائيلي في أي من الممرات، وخاصة في ممر "نتساريم"، إلى إغلاق الطرق وإقامة أسوار وأبراج حراسة وغيرها من المنشآت العسكرية. تعتبر الحواجز من أكثر مظاهر السيطرة العسكرية الإسرائيلية وضوحًا في الضفة الغربية، وفي غزة قبل انسحابها في عام 2005.
تقول إسرائيل إن مثل هذه الحواجز ضرورية لأسباب أمنية، لكن الفلسطينيين يعتبرونها تعدياً مهيناً على حياتهم اليومية، ويرونها مقدمة للاحتلال العسكري المستمر وعودة المستوطنات اليهودية، وهو ما يطالب به شركاء نتنياهو من اليمين المتطرف.
متطلبات جديدة أم توضيحات؟
تصر إسرائيل على أن مطالبها الحالية ليست جديدة، بل هي "توضيحات" لمقترح سابق أيده الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطاب 31 مايو، وأكد عليه مجلس الأمن الدولي في قرار نادر بشأن وقف إطلاق النار. كما تتهم إسرائيل حماس بتقديم مطالب جديدة منذ ذلك الحين، وهو الأمر الذي لا يمكنها قبوله.
لكن لا الخطاب ولا قرار مجلس الأمن أشار إلى مطالب إسرائيل المتعلقة بالممرات، والتي تم الإعلان عنها فقط في الأسابيع الأخيرة، وكلاهما أشار إلى انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية. كما أكدت الولايات المتحدة معارضتها لأي إعادة احتلال لغزة أو تقليص سيادتها.
العواقب المحتملة لفشل المحادثات
لن يُتوقع تحقيق اتفاق لوقف إطلاق النار فإنه سيطيل أمد الحرب التي أسفرت عن مقتل أكثر من 40,000 فلسطيني حسب مسؤولي صحة غزة، ونزوح الغالبية العظمى من 2.3 مليون ساكن في غزة، وتدمير أجزاء كبيرة من الأراضي الفقيرة.
لا يزال المسلحون الفلسطينيون يحتجزون حوالي 110 رهائن، بعد الهجوم الذي بدأ الحرب والذي أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص. وقد تمكنت إسرائيل من إنقاذ سبعة رهائن فقط من خلال العمليات العسكرية، وتُشير التقارير إلى أن نحو ثلث هؤلاء الرهائن لاقوا حتفهم بالفعل، مما يزيد من خطر موت الباقين مع استمرار الحرب.
تشكل اتفاقية وقف إطلاق النار أيضاً أفضل فرصة لتجنب – أو على الأقل تأخير – هجوم إيراني أو من حزب الله ضد إسرائيل رداً على اغتيال قائد من حزب الله في بيروت وأحد قادة حماس في طهران الشهر الماضي.
المحررون
شارك في كتابة التقرير كل من الصحفيين آبي سويل من بيروت وسامي مجدي من القاهرة.