أسباب توقيف عشرات من حركة النهضة بتونس
تونس- اعتبر قياديون في حركة النهضة التونسية أن الحملة الأخيرة لتوقيف عدد كبير من أعضائها تمثل مظلمة تستهدف الحركة وأبنائها، كما تدل على تصعيد التضييق على نشاطها بالتوازي مع استمرار إغلاق مقراتها وسجن قياداتها.
وكشفت الحركة عن اعتقال حوالي 80 من أعضائها منذ بداية الأسبوع الماضي في سلسلة مداهمات وصفت بأنها “غير مسبوقة”، مشيرة إلى أن معظم الموقوفين هم من كبار السن، وقد مُنعوا من التواصل مع محاميهم والحصول على أدويتهم رغم معاناتهم من أمراض مزمنة.
من بين المعتقلين، يبرز اسم محمد القلوي، عضو المكتب التنفيذي للحركة، الذي تعرض للاعتقال سابقًا خلال الثمانينات والتسعينات بسبب نشاطه المعارض، وأُطلق سراحه بعد الثورة التونسية بموجب عفو تشريعي عام.
تجريم العمل السياسي
قال المتحدث الرسمي باسم الحركة، عماد الخميري، إن معظم الاعتقالات استهدفت قواعد الحركة من مختلف مناطق البلاد، مشيرًا إلى أن هؤلاء كانوا ضحايا للاستبداد والتعذيب خلال فترة حكم الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، وأنهم يُعتبرون مدافعين عن العدالة الانتقالية.
انتقد أيضًا المداهمات التي روعت أسر المعتقلين، مؤكدًا أنها جزء من حملة لتجريم العمل السياسي والمدني وتضييق الخناق على حرية التنظيم، رغم استعداد البلاد لانتخابات رئاسية.
طالب الخميري بالإفراج عن المعتقلين، الذين قال إنهم يسعون للدفاع عن مسار العدالة الانتقالية وكشف المظالم التي وقعت في الأنظمة السابقة. كما دعا أنصار الحركة إلى تحقيق العدالة لهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم.
بعد الثورة، أدلى عدد من أعضاء الحركة بشهاداتهم حول تعرضهم للتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان بسبب انتمائهم إلى حركة “الاتجاه الإسلامي”، التي تحولت لاحقًا إلى حركة النهضة.
استهداف الحركة
بدوره، اعتبر بلقاسم حسن، عضو المكتب التنفيذي للحركة، أن الحملات الأخيرة تمثل مظلمة جديدة واستهدافًا للحركة وللعملية الديمقراطية في تونس، مشيرًا إلى أن التوقيفات شملت أعضاء من جمعية الكرامة، على خلفية اجتماع لهم عبر الإنترنت يهدف لإعادة تفعيل العدالة الانتقالية.
قال حسن إن نشاطهم قانوني ولا يستدعي التوقيف، وشدد على أن الوضع لم يتحسن، بل زاد التضييق على الحركة، خاصة بعد استمرار اعتقال الكوادر البارزة مثل زعيم الحركة راشد الغنوشي.
تجدر الإشارة إلى أن العديد من قادة النهضة، مثل رئيس الحكومة السابق علي العريض ووزير العدل السابق نور الدين البحيري، يعانون من التهم المتعلقة بـ “التآمر على أمن الدولة”، وهو ما تنفيه الحركة.
كما رفضت هيئة الانتخابات ملف القيادي المستقيل عبد اللطيف المكي، بدعوى عدم استيفاء الشروط، رغم حكم المحكمة الإدارية بإعادته للتنافس في الانتخابات المقررة في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
السياق الانتخابي
في هذا السياق، اعتبر هشام العجبوني، القيادي في حزب التيار الديمقراطي، أن الاعتقالات تأتي ضمن “تصفية حسابات سياسية وتغطية على الفشل في إنجاز الأمور”، خاصةً مع اقتراب الحملة الانتخابية للرئيس الحالي قيس سعيد.
أضاف العجبوني أن هذه التوقيفات تأتي في ظل مناخ عام من التخويف يهدف للحد من أي تعبئة للفعاليات الاحتجاجية، وبالتالي تقليل نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة، مما يسهل الطريق أمام سعيد لتجديد ولايته.
يعتمد سعيد على دعم شعبي متنوع، وسيتنافس في الانتخابات المقبلة ضد شخصيات مثل زهير المغزاوي من “حركة الشعب” والعياشي زمال، الموقوف بتهمة “تزوير تزكيات ناخبين”، وهي تهمة ينفيها حزبه ويعتبرها محاولة لإقصائه من الانتخابات.
خلال الأيام الماضية، شهدت تونس مظاهرات منظمة ضد الرئيس سعيد، حيث ندد المتظاهرون بتضييقات على المرشحين للمناصب العامة وبتلكؤ الإفراج عن المعتقلين السياسيين.
رابط المصدر