لماذا يجد البعض المتعة في الرعب والإثارة؟ وهل الخوف مفيد حقاً؟

By العربية الآن


لماذا يستمتع البعض بالرعب والإثارة؟ هل الشعور بالخوف مفيد فعلاً؟

مشاهدة فيلم رعب
يمكن أن يعمل الخوف المصطنع كوسيلة فعّالة لتخفيف التوتر وتحفيز الشعور بالراحة بعد انتهاء التجربة (شترستوك)

بالنسبة للبعض، فإن مجرد التفكير في مشاهدة فيلم رعب أو خوض تجربة مثيرة في مدينة الملاهي يبدو أمراً مزعجاً وبعيداً عن المتعة. فالبعض لا يستطيع متابعة مشهد مخيف على الشاشة دون الاختباء خلف وسادة.

بينما هناك من يجدون متعة حقيقية في إثارة الخوف داخلهم، حيث تشكل هذه اللحظات ذروة الإثارة والتشويق بالنسبة لهم، وكأنهم يستمتعون بتعمد تخويف أنفسهم!

من المهم أن ندرك أن الخوف شعور إنساني طبيعي يلعب دوراً حيوياً في حماية البشر من المخاطر المحيطة. رغم أنه غالباً ما يرتبط بمشاعر سلبية كالتوتر والقلق، يسعى العديد من الناس إلى تجربة الخوف طواعية عبر وسائل متنوعة كأفلام الرعب والألعاب الخطرة.

ما الذي يدفع البعض للبحث عن الخوف بإرادتهم؟ وكيف يؤثر ذلك على حالتهم النفسية والعقلية؟ للإجابة على هذه الأسئلة، يجب فهم علاقة البشر بهذا الشعور البدائي وتأثيراته المختلفة.

ماذا يحدث عندما نشعر بالخوف؟

عندما يواجه الإنسان موقفاً مخيفاً، يستجيب الجسم سريعاً من خلال آلية “القتال أو الهروب”، وهي استجابة تطورية يطلقها الدماغ عبر هرمونات كالأدرينالين والكورتيزول.

تؤدي هذه الاستجابة إلى تسارع ضربات القلب ورفع مستويات الطاقة وزيادة التركيز. وفقاً للدراسات، كانت هذه الاستجابة حاسمة لبقاء الإنسان حيث مكّنته من الهروب من الحيوانات المفترسة أو التعامل مع المخاطر الطبيعية.

يكمن الفارق الأساسي بين الخوف المفيد والخوف الضار في إدراك الفرد لوجود تهديد حقيقي أو وهمي (شترستوك)

هل يعيدنا الخوف إلى جذورنا؟

يسمح الخوف المصطنع، كما في أفلام الرعب أو الألعاب الخطرة، بتفعيل استجاباتنا الدفاعية الفطرية في بيئة آمنة، فتجارب كهذه تمكّننا من إعادة اكتشاف آليات الإنذار القديمة التي كانت تحذر أسلافنا من المخاطر.

إلى جانب ذلك، تُحيي هذه التجارب روح المغامرة والاستكشاف التي كانت جزءاً من حياة الإنسان القديم، مما يعزز فهمنا العاطفي والجسدي لأنفسنا.

لماذا نبحث عن المواقف المثيرة للخوف؟

تتيح الأنشطة التي تثير مشاعر الخوف، مثل زيارة بيوت الأشباح أو القفز بالمظلات، تجربة مستويات عالية من التشويق في بيئة مسيطر عليها. فعندما يدرك الدماغ أن الخطر ليس حقيقياً، يطلق هرمونات مثل الدوبامين التي تعزز الشعور بالسعادة.

علاوة على ذلك، توفر هذه الأنشطة فرصاً لتعزيز التواصل الاجتماعي، إذ تقوي الروابط بين الأفراد من خلال مشاركة التجارب المخيفة. هذا فضلاً عن دورها في اكتشاف حدود قدراتنا الشخصية وزيادة الثقة بالنفس.

يجد البعض متعة حقيقية في تعمد إثارة مشاعر الخوف في أنفسهم للوصول إلى ذروة الإثارة (شترستوك)

هل للشعور بالخوف فوائد نفسية؟### الخوف المصطنع كوسيلة لتخفيف التوتر

تشير دراسة علمية نشرتها مجلة “ساينتفيك أميركان” إلى أن الخوف المصطنع يمكن أن يكون وسيلة فعالة لتخفيف التوتر وتعزيز الشعور بالراحة بعد انتهاء التجربة. إدراك أن التهديد الذي واجهناه لم يكن حقيقياً يعزز المزاج الإيجابي ويشجع على التفكير الإيجابي.

### تعزيز المرونة النفسية

هذه التجارب تساعد الأفراد على اكتساب مرونة نفسية وقدرة على التعامل مع المواقف الصعبة في حياتهم اليومية. لكن هناك فئة من الناس لا تستمتع بهذا النوع من الإثارة. يعود ذلك لعدة أسباب، منها الفروق في استجابة الدماغ؛ فالبعض يفرز كميات أقل من الدوبامين أثناء الشعور بالخوف، مما يقلل إحساسهم بالإثارة.

### القلق والتجارب السلبية

الأشخاص الذين يعانون من القلق أو لديهم تجارب سلبية سابقة قد يتجنبون هذه الأنشطة تماماً. الفارق الرئيسي بين الخوف المفيد والخوف الضار يكمن في إدراك الفرد لوجود تهديد حقيقي أو وهمي. في حين يستمتع البالغون بإثارة تجارب الرعب في بيئة آمنة، يجب توخي الحذر عند تقديم محتوى مخيف للأطفال الذين قد يجدون صعوبة في التمييز بين الخيال والواقع.

### دور الخوف في التجربة الإنسانية

في النهاية، يظل الخوف جزءاً أساسياً من التجربة الإنسانية. فهو شعور يمكن استخدامه لاكتشاف الذات وتعزيز الروابط الاجتماعية وتخفيف التوتر، شريطة أن يُختبر ضمن سياقات آمنة ومدروسة. سواء كنت من محبي الرعب أو من الذين يفضلون البقاء بعيداً عنه، فإن لهذا الشعور أثراً عميقاً في فهمنا للعالم ولأنفسنا.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version