لوموند: نشوة النصر لم تلملم جراح 13 عاما من القمع في غوطة دمشق
تعتبر معضمية الشام في ريف دمشق شاهدا على وحشية نظام بشار الأسد، حيث عانت من اعتقالات تعسفية، تعذيب، مجاعة، تفجيرات، وقصف بالأسلحة الكيميائية. اليوم، يطالب العائدون من المنفى والناجون من تلك المآسي بتحقيق العدالة.
وكتبت صحيفة لوموند في تقرير لمراسلتها إليوت براشيه، عن joyous returns من خلال تبادل إطلاق النار بالأسلحة الآلية، وهي لحظة فرحة عودة السكان بعد سنين من الحرب. الناس يعودون إلى أراضيهم وسط احتفالاتهم بالأهل والأصدقاء وأصوات الطبول والمزامير.
قال محمود الشلبي، أحد مقاتلي الجيش الوطني السوري: “لم أتعرف على منزلي” بينما عاد إلى معضمية الشام بعد فترة طويلة من النفي.
عمر الشلبي، الذي كان يعمل جزارًا في بداية الثورة، تغيرت حياته تمامًا بعد تسع سنوات من النزاع، وقد أصبح يواجه عالمًا مختلفًا بعدما انفصل عن حياته السابقة.
تحدث الشلبي عن عودته فقال: “كانت العودة إلى معضمية الشام أسهل من المغادرة”. فبعد أن دافع عن منطقته بالحجارة، قرر أن يحمل السلاح مع الثوار لتشكيل فرع للجيش السوري الحر.
هذا ليس انتصارا
على الرغم من الأجواء الاحتفالية، يشعر بعض السكان أن النهاية ليست مرضية بما يكفي. راتب رجب قال: “لا أستطيع أن أقول إنني سعيد. هذا ليس انتصارا. فرحتي برؤية سقوط بشار لم تكتمل. أين أسرانا؟” يعكس هذا الكلام مرارة السنوات الماضية.
كان راتب رجب من سائقي الأجرة قبل أن يُعتقل عام 2012، حيث تعرض للتعذيب على يد النظام. وقد عانى سكان معضمية الشام من الحصار والقصف العشوائي، ما أدى إلى فقدان الكثير من الأرواح.
تقع معضمية الشام على بعد 4 كيلومترات من دمشق، وقد فقد سكانها حوالي 80% من عدد السكان بسبب الظروف القاسية. راتب رجب، الذي أصبح اليوم حفار قبور، دفن 4867 جثة، بما في ذلك جثث أفراد عائلته.
يشير رجب إلى فظاعة الأحداث قائلاً: “في ذلك اليوم قُتل 17 شخصًا في المقبرة، حيث تطايرت الجثث بفعل الصاروخ، فجمعت اللحم من أغصان الزيتون”.
جثث متناثرة
لا يزال واقع المعاناة وظلالها تحيط بأهل الغوطة الشرقية، فرغم احتفالاتهم الا أن الذكريات هي ما يبقى في الذاكرة.
أثر الصراع على قاطني المعضمية
منذ عام 2011، شهدت المعضمية مآسي جراء القتل المتكرر بين السكان، حيث يعمل رجا حفار قبور المدينة على دفن الموتى، ليصل عدد المدفونين إلى 4867 جثة، منهم 79 من عائلته. في عام 2013، أصيب رجا بشظية في جفنه الأيسر، ويتذكر قائلاً: “في ذلك اليوم، قُتل 17 شخصًا في المقبرة. تطايرت الجثث بفعل الصاروخ، وجمعت اللحم من أغصان الزيتون”.
حواجز عسكرية وحدود خطرة
على أطراف المعضمية، انتشرت قوات الدفاع الوطني، وهي وحدات شبه عسكرية تتكون من عدة فصائل سورية ذات أغلبية علوية، بالإضافة إلى رجال مليشيات شيعية من إيران والعراق ولبنان. هؤلاء الجنود ينفذون أعمال النظام، حيث يفحصون وثائق الهوية لكل مركبة. يقول راتب رجب: “كان يكفي أن تكون سنياً ليتم إنزالك أو اعتقالك أو القضاء عليك على قارعة الطريق”.
قصف بالسلاح الكيميائي
بيمين بين شهري مارس/آذار ونوفمبر/تشرين الثاني 2013، تعرضت المعضمية للحصار، حيث منع دخول الغذاء إليها، قبل أن يقصفها جيش النظام بخمس صواريخ محملة بغاز السارين. يقول محمد قزاع، عضو الخوذ البيضاء في الغوطة الغربية: “سمعنا صوت صفير غريب. وعندما وصلنا، كان الناس ملقون على الأرض في حالة اختناق، دون إصابات أو صدمات. كانت الرغوة البيضاء تتدفق من زوايا شفاههم”، مما أدى إلى سقوط أكثر من 1400 ضحية.
اتفاق مؤقت وتداعياته
في عام 2016، وبسبب الظروف الصعبة، اضطر سكان المعضمية إلى أكل العشب للبقاء على قيد الحياة. تم التوصل إلى اتفاق مع ممثلي المدينة، حيث توقفت هجمات الجيش فيما أطلق سراح السجناء، شريطة أن يتخلى المتمردون عن أسلحتهم ويرحلوا إلى إدلب. وتم إجلاء 620 مقاتلاً وعائلاتهم، لكن لم يُطلق سراح أسرى معضمية الشام أبداً.
أحمد: عندما شاهدنا مقاطع الفيديو من سجن صيدنايا، وغرف الحمض، أدركنا أننا لن نجد أحداً بعد الآن.
الكثير من الأسرى كانوا في سجون المخابرات الجوية بأقبية مطار المزة. هرع أحمد حامد إلى هناك، بعد إعلان سقوط بشار الأسد، ليجد أن بعض الزنزانات قد فتحت، لكنه لم يتكمن من التعرف على أي من السجناء المفرج عنهم.
بحث عن الأمل وسط الألم
منذ الثامن من ديسمبر/كانون الأول، يتجمع العديد من الأشخاص يومياً أمام مدخل المطار، بحثاً عن أسماء أحبائهم في قوائم لا نهاية لها. لكن أحمد، الذي يدرك أنه فرصهم هزيلة، يقول: “عندما شاهدنا الفيديوهات، أدركنا أننا لن نجد أحدًا بعد الآن”.
تخلصت الصحيفة من أن نشوة النصر في الغوطة الغربية لم تشفِ جراح 13 عاماً من القمع. فقد اعتبر السكان إرهابيين وسجلت الأدلة ضدهم بدقة. ومع ذلك، يؤكدون الآن عزمهم على تحقيق العدالة.