ماذا تترقب سوريا عام 2025؟
### التحديات الاقتصادية والخدمية
يواجه النظام الجديد في سوريا تحديات جسيمة após سقوط نظام الأسد، حيث تعاني البلاد من أزمة اقتصادية خانقة وخدمات أساسية متدهورة حتى في المدن الكبرى مثل حلب. يحتاج الوضع إلى جهود عاجلة لوضع أسس مرحلة انتقالية تؤدي إلى استقرار سياسي دائم. هناك توافق بين مختلف القوى السورية على أهمية وضع الأسس اللازمة لتلك العملية في أقرب وقت، لضمان استقرار البلاد.
### مؤتمر الحوار الوطني ومراحل الانتقال
أفادت الإدارة السورية الجديدة بأنها ستعقد مؤتمراً للحوار الوطني بهدف وضع أسس للمرحلة الانتقالية. وقد تم الإعلان عن نية دعوة نحو 1200 شخص للمشاركة في المؤتمر في مطلع يناير/كانون الثاني، إلا أنه علم أن المؤتمر أجل بسبب تباين الآراء مع بعض المكونات السياسية، مثل الائتلاف الوطني السوري الذي يطالب بتمثيل موحد وليس بصفتهم غير الرسمية.
من جهة أخرى، أكد أحمد الشرع، قائد الإدارة الجديدة، على إمكانية امتداد المرحلة الانتقالية على مدار أربع سنوات يكتب خلالها دستور جديد، بينما اعتبر هادي البحرة، رئيس الائتلاف الوطني، أن صياغة الدستور قد تستغرق يوماً واحداً فقط وضرورة تضمين جميع المكونات السورية في الحكومة الانتقالية بشكل غير طائفي. كما طالبت المكونات الأخرى بالاعتراف بخصوصياتها، مثل الأكراد والدروز.
### إعادة هيكلة وزارة الدفاع والمؤسسة الأمنية
عقب فرار بشار الأسد، انهار النظام الأمني والعسكري بشكل كامل. استغل هذا الفراغ الإداري وبدأت الإدارة الجديدة في تعيين قيادات جديدة. حيث تم تعيين مرهف أبو قصرة وزيراً للدفاع وأنس خطاب رئيساً للاستخبارات، وكلاهما من قياديي هيئة تحرير الشام. أعلن الخطاب عن عزم الإدارة الجديدة دمج الأفرع الأمنية السابقة البالغ عددها 17 فرعاً ضمن مؤسسة أمنية واحدة.
وقد أجرى الشرع وأبو قصرة لقاءات مع الفصائل العسكرية من أجل دمجها في الجيش الجديد، وذلك منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول 2024 في إطار التأكيد على إعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية في البلاد.
اعتراض فصائل الجيش الوطني السوري
أكدت مصادر خاصة من فصائل الجيش الوطني السوري لموقع الجزيرة نت أن هناك اعتراضات من بعض الفصائل حول الطريقة التي تحاول بها الإدارة الجديدة دمجها تحت قيادة شخصيات تنتمي لفصيل واحد.
في المقابل، لا تزال قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تضم غالبية مقاتليها من المكون الكردي، تحتفظ بهيكليتها. وأكد قائدها مظلوم عبدي مرارًا استعدادهم للدخول في تشكيل وزارة الدفاع ولكن بعد الاتفاق على آلية تأسيسها.
تحديات تشكيل الجيش والأمن في 2025
من المتوقع أن يشهد عام 2025، خاصةً في الأشهر الأولى منه، نقاشات موسعة حول تشكيل مؤسستي الجيش والأمن. وتحديات هذا المجال كبيرة، خصوصًا مع وجود مكونات غير راضية عن طريقة إعلان وزير الدفاع، خاصة من جانب قوات قسد، بالإضافة إلى الفصائل الدرزية في محافظة السويداء، التي أكدت حركة رجال الكرامة، أكبر فصيل فيها، رفضها تسليم السلاح لأي جهة.
مصير مناطق شمال شرق سوريا
تسيطر قوات “قسد” على مناطق استراتيجية في شمال شرق سوريا تحتوي على حقول نفط مثل حقل رميلان في الحسكة وحقلي العمر والجفرة. وتستخدم قسد ورقة النفط للضغط على حكام دمشق لتحقيق مكاسب سياسية، وقد لجأت إلى هذه الورقة خلال مفاوضاتها مع نظام الأسد السابق.
تدرك الإدارة الجديدة أهمية حسم ملف النفط، لأن الاتفاق على إدارة المنطقة سيكون له أثر إيجابي على الخدمات العامة وعلى توفير احتياجات السكان من المحروقات لتشغيل الكهرباء والماء.
تسعى القوات الأميركية لعدم حدوث أي حسم عسكري في هذا الملف، حيث استقدمت تعزيزات عسكرية من قاعدة عين الأسد بالعراق إلى قاعدة خراب الجير بريف الحسكة السورية، وأقامت دوريات على خطوط الاشتباك بين قوات قسد والقوات التابعة للإدارة الجديدة.
وفقا لمصادر في الإدارة الجديدة، فإنها ليست ضد التفاوض بشأن مستقبل قوات قسد، ولكن وفق آلية لا تترك هذه القوات في كتلة واحدة ونظام إداري مستقل.
عودة اللاجئين السوريين
يترقب ملايين اللاجئين السوريين، خاصة في دول مثل تركيا والأردن ولبنان، مسارات الأوضاع في سوريا. يأملون في أن تُضبط الإدارة الحالية الأمن وتُحسن الخدمات حتى يتمكنوا من العودة إلى بلادهم مع حلول صيف 2025، بعد انتهاء العام الدراسي وتحسن الأحوال الجوية.
وقد أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا عودة حوالي 35 ألف لاجئ سوري من تركيا إلى بلادهم منذ سقوط الأسد، ومع ذلك، من المتوقع أن تتزايد أعداد العائدين في الصيف القادم.
لكن هناك عقبات قد تعيق العودة الكاملة للاجئين، أبرزها عدم توفر سكن كاف نظرًا للدمار الواسع في المدن السورية. ومن غير المؤكد حدوث تحسينات في الأمن والتعليم، إذ تعاني المحافظات السورية من نقص في الكهرباء.
في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، دعا الشرع الحكومات الغربية لرفع العقوبات عن سوريا، مشيرًا إلى أن هذه العقوبات كانت موجودة في عهد الأسد، ويتوجب رفعها لتسهيل عودة اللاجئين والمساعدة في إعادة إعمار البلاد.
إذا استمرت العقوبات، فإنه سيكون من الصعب توقع توسع عمليات إعادة الإعمار والاستثمارات الخارجية اللازمة لتطوير الحياة الاقتصادية، مما يدفع العديد من السوريين، وخاصة أصحاب الأعمال، للبقاء في الدول التي يتواجدون بها.