ما هي موارد سوريا وكيف سيطرت عائلة الأسد عليها؟

By العربية الآن


ماذا تعرف عن موارد سوريا؟ وكيف استولت عائلة الأسد عليها؟

<

div class=”wysiwyg wysiwyg–all-content” aria-live=”polite” aria-atomic=”true”>
دمشق – تمثل سوريا نقطة استراتيجية هامة في شبكة التجارة الدولية بين الشرق والغرب، وتُعَد محطة لنقل مشاريع النفط والغاز نحو أوروبا عبر تركيا، التي تحدها حدود تمتد نحو 800 كيلومتر.

تتجاوز أهمية سوريا الجغرافية كونها محط أنظار القوى الغربية منذ انهيار الدولة العثمانية، حيث أصبحت بلاد الشام مناطق نفوذ لبريطانيا وفرنسا في أوائل القرن العشرين. تملك سوريا أيضًا موارد طبيعية متنوعة، مثل النفط والغاز والفوسفات، بالإضافة إلى الآثار والمدن القديمة.

تعتبر سوريا مهد الحضارة الإنسانية، حيث ساهمت أراضيها في نشوء الأبجدية الأولى والحضارات العظيمة مثل ماري، وأوغاريت، وإيبلا، وتدمر. وبعد دخول الإسلام، شهدت البلاد تطورًا حضاريًا امتد من أواسط آسيا إلى الأندلس تحت حكم إمبراطورية دمشق.

في التاريخ الحديث، استعاد السوريون استقلالهم من الاحتلال الفرنسي عام 1946، لكن البلاد عانت من انقلاب حزب البعث عام 1963، الذي أنهى الحياة السياسية وأسس نظاماً سلطويًا قاد البلاد إلى خسارة الجولان في عام 1967 خلال حرب الأيام الستة مع إسرائيل.

سيطر حافظ الأسد على الحكم في انقلاب عام 1970، عُرف بالحركة التصحيحية، إلا أنه سرعان ما أسس مملكة عائلية، ليستمر الحكم من بعده ابنه بشار الأسد، الذي اتبع نهجًا أمنيًا صارمًا.

منذ عام 1970 وحتى 2024، شهدت سوريا فقداناً مضطرداً لمواردها، حيث هيمنت مجموعة من رجال السلطة على الاقتصاد في نظام كليبتوقراطي، ما سمح لبعض الأقرباء والأصدقاء بتعزيز ثرواتهم بعد عام 2011، وذلك في مقابل دعم الأسد وسحق الاحتجاجات الشعبية بالعنف.

<blockquote>في الفترة بين عامي 1970 و2024، خسرت البلاد أكثر مواردها ومقدراتها، وسيطر رجال السلطة على أصول الاقتصاد.</blockquote>

أهم موارد سوريا

تعتبر سوريا، بحسب خبراء الاقتصاد، من أغنى دول المنطقة بسبب ثرواتها الطبيعية، التي تشمل النفط والغاز والفوسفات. تمتاز البلاد أيضاً بإنتاج وافر من القمح والقطن والزيوت واللحوم، ويعكس تنوعها الاقتصادي مزايا قوية وموارد مواد وبشرية.
  • النفط
يحتل النفط مركز الصدارة بين ثروات البلاد، ويشكل جزءًا أساسيًا من الاقتصاد، حيث يحتل احتياطي النفط المرتبة 31 عالميًا. تتركز آباره في محافظات الحسكة، ودير الزور، والرقة شمال وشرق البلاد. 
وفقًا لموقع "أويل برايسز" الأميركي، فإن احتياطي النفط في سوريا يُقدّر بحوالي 2.5 مليار برميل، يمثل حوالي 0.2% من الاحتياطي العالمي. 

رابط المصدر

# تراجع الإنتاج النفطي والموارد الطبيعية في سوريا

انهيار قطاع النفط

تقدر الاحتياطيات العالمية من النفط بحوالي 1.6 تريليون برميل، بينما يبلغ احتياطي النفط في المملكة المتحدة نحو 2.8 مليار برميل. ومع ذلك، يواجه إنتاج النفط في سوريا تراجعًا منذ عام 2009، حيث انخفض الإنتاج من حوالي 406 آلاف برميل يوميًا في عام 2008، إلى نحو 4 آلاف برميل يوميًا في الوقت الحالي. واستمر هذا التراجع ليصل الإنتاج إلى 385 ألف برميل يوميًا في عام 2010، ثم 353 ألف برميل يوميًا في 2011، وهو العام الذي شهد بداية الاحتجاجات ضد نظام بشار الأسد، ليستمر الانخفاض إلى 24 ألف برميل يوميًا في عام 2018.

ووفقًا لوزير النفط في حكومة حسين عرنوس السابقة، فراس قدور، فقد بلغ إنتاج النفط في سوريا لعام 2021 نحو 31.4 مليون برميل، بمتوسط يومي بلغ 85.9 ألف برميل. لكنه أشار في مؤتمر الطاقة العربي في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى أن الإنتاج سيستمر في الانخفاض ليصل إلى 15 ألف برميل يوميًا في عام 2023، وهو أدنى مستوى للإنتاج منذ عقدين من الزمن.

توضح المصادر الحكومية أن عائدات قطاع النفط كانت تشكل 50% من الإيرادات العامة بين عامي 1990 و2010، وكان يسهم بنحو 25% من الناتج المحلي الإجمالي.

وضع الغاز الطبيعي

بالنسبة للغاز، فإن الاحتياطيات المؤكدة من الغاز الطبيعي في سوريا حوالي 9 تريليونات قدم مكعبة حتى نهاية عام 2010، وهي تمثل 0.1% من الاحتياطيات العالمية. تتوقع الهيئة الجيولوجية الأميركية وجود احتياطيات غير مكتشفة في البحر تُقدر بحوالي 700 مليار متر مكعب.

يتركز إنتاج الغاز في منطقتي الحسكة ودير الزور شمال شرقي البلاد. وبحسب بيانات شركة “بي بي”، بلغ إنتاج الغاز في عام 2010 حوالي 800 مليون قدم مكعبة يوميًا، بينما كان الإنتاج يتراوح بين 500 مليون قدم مكعبة يوميًا في عامي 2008 و2009 بفضل استثمار حقول جديدة. ومع تشغيل مشروع الغاز في المنطقة الوسطى الذي أنشأته شركة سترويترانس غاز الروسية، زاد إنتاج الغاز في سوريا بنحو 40%. لكن إجمالي إنتاج الغاز تراجع من 30 مليون متر مكعب يوميًا في عام 2011 إلى 10 ملايين متر مكعب يوميًا في عام 2023.

الفوسفات كمصدر اقتصادي

تُقدر المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية حجم احتياطي الفوسفات في البلاد بحوالي ملياري طن، إذ تنتج سوريا سنويًا نحو 2.5 مليون طن، وتصدر مليوني طن، بينما يُستهلك الباقي محليًا. تأتي مكامن الفوسفات في خنيفيس بمنطقة تدمر وفي منطقة الحفة قرب اللاذقية، ويعتبر الفوسفات السوري من بين أفضل الأنواع عالمياً.

السياحة والآثار الاقتصادية

فيما يخص السياحة، تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد الزوار في عام 2010 بلغ 8.5 ملايين سائح، بعائدات قدرت بـ30.8 مليار ليرة سورية (8.4 مليارات دولار) والتي تمثل 14% من الاقتصاد. لكن منذ عام 2011، ونتيجة للأحداث، انخفضت عائدات القطاع إلى 1.82 مليار دولار، وهي الأقل خلال العقد الأول من حكم الرئيس المخلوع.

وفقدت سوريا بين عامي 2011 و2019 حوالي 50 مليار دولار من عائدات السياحة، مما أثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني.

استنزاف الموارد واستفادة النظام

وفقًا للخبير الاقتصادي أحمد سلامة، فإن إنتاج القطاعات الثلاثة، النفط والغاز والفوسفات، شهد انكماشًا كبيرًا حتى قبل الحرب. حيث اعتمد النظام السابق سياسة الغموض فيما يتعلق بالإحصاءات الاقتصادية ومصادر الطاقة. وأوضح سلامة أن إيرادات هذه الموارد لم تُستخدم لتحسين مستوى المعيشة، بل تم تجاهل تطوير قطاعات إنتاجية أخرى مثل الزراعة، مما أدى إلى تحول المجتمع إلى حالة من الجوع.

فقد أظهرت دراسة لمركز جسور للبحوث أن النظام السوري عمد إلى إخفاء الثروات الطبيعية لصالح عائلة الأسد، حيث حصر الأسد الأب ثروات النفط لصالح القصر الجمهوري وكان الإنفاق العسكري مبررًا لعدم إدراج إيرادات النفط في الميزانية.

الزراعة ودورها في الاقتصاد

يُعتبر قطاع الزراعة، إلى جانب النفط، عمودًا أساسيًا في الاقتصاد السوري، إلا أن انحدار الإنتاج الزراعي بسبب الأزمات المتكررة جعل العديد من الفلاحين يتحولون للمدن بحثًا عن وظائف في القطاع الأمني، مما أثر سلبًا على الإنتاج الغذائي وأمن الشعب.



رابط المصدر ### تدهور القطاع الزراعي في سوريا

تُظهر دراسات البنك الدولي أن سوريا تمتلك نسبة 32% من أراضيها صالحة للزراعة، بينما يُساهم القطاع الزراعي بحوالي 28% من الناتج المحلي الإجمالي.

تراجع قوة العمل الزراعية

قبل حكم عائلة الأسد، كان القطاع الزراعي يوظف أكثر من 40% من السكان، لكن هذه النسبة تراجعت إلى 26% خلال العقد الذي سبق الثورة، وفقاً لبيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو).

إهمال القطاع الزراعي

تشير تقارير شبه رسمية إلى أن الزراعة التي كانت تُعتبر عموداً أساسياً للتنمية تعرضت لإهمال كبير، مما أثر سلبًا على تطويرها. وقد شهد القطاع صدمة كبيرة منذ عام 2005 بعد أن انتقل العديد من العاملين فيه إلى القطاع الحكومي، نتيجة لموجة الجفاف التي أصابت مناطق زراعية متعددة.

تاريخ زراعة القمح والقطن

تُعرف سوريا بأنها واحدة من أقدم مناطق زراعة القمح، حيث كانت تعتمد على إنتاجه بشكل ذاتي لسنوات طويلة. قبل تولي بشار الأسد الحكم، بلغ إنتاج القمح حوالي 5 ملايين طن سنويًا، لكنه تراجع في عام 2021 إلى نحو مليون طن.

كما تميزت سوريا بزراعة القطن، الذي يُعتبر من بين أجود الأصناف عالميًا، ويعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر، حيث بدأ زراعته في عام 1820 بالتعاون مع مصر. في نهاية القرن الماضي، احتلت زراعة القطن حوالي 22% من أراضي الري في سوريا، وزاد إنتاجه من 1625 كيلوغرامًا للهكتار إلى 4000 كيلوغرام. وفقًا لوزارة الزراعة، بلغ إنتاج سوريا من القطن في عام 2006 نحو 8 آلاف طن، وارتفع لاحقًا إلى 25 ألف طن، حيث تم تصدير معظم الكميات إلى سويسرا وألمانيا والصين. ومن المتوقع أن يزيد الإنتاج في عام 2024 بحوالي 10 آلاف طن مقارنة بموسم عام 2023.

خسارة الموارد في سوريا

وفي إطار التدهور الاقتصادي، يشير الخبير الاقتصادي مسعف الخوالدة إلى أن الاقتصاد السوري، الذي كان يعتمد في السابق على موارد طبيعية ونشاطات إنتاجية، قد جفت موارده ودُمرت قاعدته الإنتاجية نتيجة الحرب. كما ساهمت سياسة النظام في تعزيز امتيازات مجموعة من المستفيدين الماليين الذين استغلوا الثروات الرئيسية، واحتكروا الاستثمار في قطاعات حيوية مثل النفط والاتصالات.

ولفت الخوالدة إلى أن الأسد فرط في قطاعات إنتاجية غنية، وقدمتها لجهات أجنبية مثل روسيا وإيران، مما ساهم في تغطية تكاليف الإنفاق على السلاح خلال الحرب التي استمرت 13 عامًا.

رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version