متلازمة “الطفل المتعجل”.. لماذا يبدو بعض الأطفال أكبر من سنهم؟
هل سبق لك أن رأيت طفلاً يبدو أكبر مما هو عليه؟ قد يكون هذا الطفل مصاباً بما يعرف بمتلازمة “الطفل المتعجل”، وهي ظاهرة تحدث عندما يُعامل الأطفال كالبالغين في سن مبكرة، مما يدفعهم للنمو بسرعة وينعكس سلباً على تجارب طفولتهم.
ما هي متلازمة “الطفل المتعجل”؟
تم تقديم هذا المفهوم من قبل عالم النفس الدكتور ديفيد إلكيند في عام 1981، حيث أشار إلى مجموعة من السلوكيات والضغوط التي يمارسها الآباء على أطفالهم لتحقيق إنجازات تفوق قدراتهم العقلية والاجتماعية. ويعتمد ذلك على الجدولة المفرطة لحياتهم والتوقعات غير الواقعية بالنجاح في جميع المجالات.
متى تظهر متلازمة الطفل المتعجل؟
تقول المتخصصة في علم النفس إيلين سانتا أنه يمكن ملاحظة تأثير الأسر على الطفل منذ الحمل، حيث يتسوق الآباء لمنتجات تهدف إلى تطوير “عبقرية” أطفالهم. وتضيف أن الآباء يميلون لزيادة تحفيز أطفالهم للوصول لمراحل نمو مبكرة، مما قد يكون خطيرًا كما لو أنهم يشجعون طفلًا صغيرًا جدًا على المشي قبل استعداده لذلك.
الدكتورة سنام حفيظ، تحدثت عن هذه الظاهرة، معتبرةً إياها “وباء”، حيث تلاحق الطفل في جميع مجالات حياته، بما في ذلك المدرسة والأنشطة الاجتماعية.
تستشهد حفيظ بالعديد من الأوقات في التاريخ التي أُجبر فيها الأطفال على التصرف بشكل يتجاوز نضجهم، مثل الحروب والأزمات. لكنها ترى أن النسخة المعاصرة من المتلازمة تتسم بمزيد من الهيكلة والضغط بسبب الأنظمة التعليمية التي تفضل الإنجازات على التعلم نفسه. كما أن التكنولوجيا قد زادت من دخول الأطفال في حياة الكبار.
الدكتور توماس بريولو يلقي الضوء على سلوكيات تعزز ظاهرة الطفل المتعجل، مثل إجبار الأطفال على الانخراط في دروس أكاديمية غير متناسبة مع أعمارهم. ويضيف أن هناك تركيزاً مفرطاً على الأداء والمنافسة مما يزيد من ضغوط الحياة على الطفل.
علامات تحذيرية
يرى بريولو أن الآباء قد تكون لديهم نوايا حسنة، لكن الضغوط المفروضة على الأطفال قد تؤثر سلباً على تطورهم ونموهم.
دراسة جديدة: متلازمة الطفل المتعجل وأثرها على صحة الأطفال النفسية
أظهرت دراسة نشرتها دورية العمل المجتمعي القائم على الأدلة عام 2024، أن تربية الأطفال في بيئات يتعجل فيها الآباء نموهم يمكن أن تتسبب في نتائج سلبية خطيرة. من بين هذه النتائج، يعاني الأطفال من القلق وضعف الأداء الأكاديمي، بالإضافة إلى الشعور بعدم الجدارة عندما يفشلون في تلبية توقعات آبائهم.
علامات تدل على ضغط الأطفال للنمو بشكل أسرع
نشر موقع “هيلث آند مي” تفاصيل حول بعض العلامات التي قد تشير إلى أن الطفل يعاني من ضغوط مفرطة لكي ينمو بسرعة أكبر، ومنها:
- الإفراط في جدولة اليوم: تشير الاختصاصية النفسية، الدكتورة لورين كوك، إلى أن الأطفال يُحرمون من حرية اختيار الأنشطة التي تهمهم، مما يمنعهم من تعلم كيفية الاسترخاء.
- مشكلات صحية جسدية ونفسية: الأطفال المعرضون للضغط قد يواجهون تحديات في الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق، وكذلك مشكلات جسدية كالألم المزمن، واضطرابات النوم.
- الافتقار إلى العفوية: الاعتماد على الجدول الزمني الصارم يمنع الأطفال من استكشاف العالم بشكل طبيعي.
- فقدان الاهتمام بالهوايات: الضغوط تؤدي إلى تراجع الأطفال عن الأنشطة التي كانوا يستمتعون بها.
- التركيز الأكاديمي المفرط: الضغط على الأطفال لتحقيق درجات عالية قد يؤدي بهم إلى مجهود غير صحي من أجل النجاح، مما يؤثر سلباً على تقديرهم لذاتهم.
نصائح لحماية الأطفال من متلازمة الطفل المتعجل
في مقال على موقع “فسيولوجي توداي”، يوصي عالم النفس الأمريكي الدكتور مارك ترافرز بعدة استراتيجيات تساعد الأطفال على النمو بالوتيرة التي تناسبهم:
- التوازن بين الأنشطة المنظمة واللعب الحر: اللعب يعد من الأنشطة الضرورية لدعم النمو المعرفي والاجتماعي للأطفال.
- أهداف قابلة للتحقيق: وضع أهداف تتماشى مع قدرات الطفل واهتماماته يساعد في تعزيز الثقة بالنفس.
- تجنب المعايير غير الواقعية: ذلك يساعد في تقليل مستويات التوتر والقلق عند الأطفال.
- الاحتفال بالإنجازات الصغيرة: يعزز أداء الأطفال ويغرس فيهم شعوراً بالإيجابية.
- التركيز على الجهد وليس النتيجة: يؤكد على أهمية الجهد المبذول بدلاً من التركيز على النتائج فقط.
- جدول يومي متوازن: يجب إعداد جدول مرن يتناسب مع احتياجات واهتمامات الطفل، مع التأكيد على أهمية النوم الكافي.