محاكمة “عصابة حديثي الولادة” تثير اهتمام الجميع في تركيا

By العربية الآن

محاكمة “عصابة حديثي الولادة” تثير اهتماما كبيرا في تركيا

عائلات ضحايا عصابة الأطفال حديثي الولادة أمام المحكمة
عائلات ضحايا عصابة الأطفال حديثي الولادة تجمعوا أمام المحكمة في إسطنبول (الصحافة التركية)

أنقرة – بدأت المحكمة الجنائية العليا في منطقة بكركوي بإسطنبول، يوم الاثنين الماضي، أولى جلسات محاكمة “عصابة المواليد الجدد”، والتي كشفت عن ممارسات غير أخلاقية في نظام الرعاية الصحية التركي، مما أثار ردود فعل غاضبة من الجمهور.

ستستمر الجلسات لمدة أسبوع كامل، بينما تتابع وسائل الإعلام والرأي العام التركي هذه القضية عن كثب.

تشمل القضية 47 متهما، من بينهم 22 رهن الاحتجاز، وكلهم من العاملين في مجال الرعاية الصحية، ومن بينهم أطباء وممرضات، بالإضافة إلى اتهامات بالتسبب في وفاة 12 طفلا حديثي الولادة وإصابة آخرين بإعاقات دائمة، فضلًا عن الاحتيال على نظام الضمان الاجتماعي لتحقيق أرباح غير مشروعة.

شددت عائلات الضحايا على ضرورة تحقيق العدالة، حيث تجمعوا أمام المحكمة طالبين بأشد العقوبات للمتهمين، وشارك نواب المعارضة ونقابات المحامين في دعمهم. وقد شهدت أروقة المحكمة ازدحامًا ملحوظًا مما أدى لتشديد الإجراءات الأمنية.

لحظة القبض على أحد المتهمين في قضية عصابة الأطفال حديثي الولادة (الأناضول)

شبكة فساد

بدأت الجلسة بقراءة لائحة اتهامات تتألف من 1399 صفحة، وشهدت القاعة مشادات بين المحامين بسبب ضيق المساحة، مما يعكس مستوى التوتر المحيط بهذه القضية التي وُصفت بأنها “أكبر فضيحة صحية” في تركيا.

التحقيقات كشفت أن مجموعة من المتهمين عملت مع موظفين في مراكز طبية بإسطنبول، حيث قاموا بتحويل الأطفال حديثي الولادة إلى مستشفيات خاصة بناءً على اتفاقيات سرية، وهو ما أدى لإبقائهم في وحدات العناية المركزة لفترات غير ضرورية باستخدام أدوية وتقارير طبية مزورة.

استغلت العصابة نظام الضمان الاجتماعي لتحقيق مكاسب غير قانونية، حيث زوّروا تقارير طبية تشير إلى أن الأطفال المتوفين على قيد الحياة للحصول على تعويضات مالية. وقد تم تحديد أن كل حالة كانت فرصة لتقاسم ما يصل إلى 8000 ليرة تركية (حوالي 230 دولار) يوميًا.

القضية شملت 19 مستشفى ومنشأة صحية، وقررت السلطات إغلاق 10 منها، بينما طالب المدعي العام بفرض عقوبات قد تصل إلى 17 ألف سنة سجن على المتهمين، مشيرًا إلى الأضرار الكبيرة التي لحقت بصحة الأطفال والنظام الصحي ككل.

كما أُدرج في الطلب محاكمة زعيم العصابة، الطبيب فرات ساري، بالسجن لمدة تصل إلى 582 عامًا، بالإضافة إلى مجموعة من الأطباء والعاملين الآخرين الذين يواجهون أحكامًا تتراوح بين 10 و437 عامًا بتهم القتل العمد بالإهمال.

تضمنت التحقيقات تهديد العصابة للمدعي العام بالقتل، محاولة منهم لاغتياله بعرض 100 ألف دولار لأحد المشتبه بهم.

من جهتهم، أنكر المتهمون جميع التهم، مؤكدين أنهم اتخذوا قرارات طبية بناءً على أفضل المعايير المتاحة وأن النتائج السلبية كانت خارجة عن إرادتهم.

مطالب بإقالة المسؤولين

مع استمرار المحاكمة، تزايدت الضغوط في المجتمع التركي للمطالبة بإقالة المسؤولين في القطاع الصحي المتورطين في هذه القضية.

اهتمام رسمي واسع بقضية حديثي الولادة

استقطبت قضية حديثي الولادة اهتماماً رسمياً عالياً، حيث التقى الرئيس رجب طيب أردوغان بوزيري الصحة والعدل للاطلاع على التفاصيل المتعلقة بالقضية. وقد صرح أردوغان بمسؤوليته الشخصية في متابعة هذه القضية، محذراً من تحميل القطاع الصحي بأكمله عواقب تلك الجريمة. وشدد على ضرورة الحفاظ على سمعة النظام الصحي في البلاد قائلاً: “لن نسمح بأن يتضرر القطاع الصحي لدينا بسبب فساد قلة قليلة”.

إجراءات صارمة لمحاسبة المتورطين

أعلن وزير العمل والضمان الاجتماعي، فيدات إيشيخان، عن حزمة من الإجراءات الصارمة، متضمنة إيقاف المدفوعات للمستشفيات التي تم الإبلاغ عن تورطها في القضية، بالإضافة إلى إلغاء عقودها مع مؤسسة الضمان الاجتماعي. وتأتي هذه الخطوة ضمن الجهود الرامية لمحاسبة المسؤولين وضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات.

دعوات لإقالة وزير الصحة

دعت المعارضة التركية إلى إقالة وزير الصحة الحالي كمال مميش أوغلو ومحاسبة كافة المسؤولين المرتبطين بهذه الجرائم. في 22 أكتوبر/تشرين الأول، تقدم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، بشكوى ضد وزراء صحة سابقين بينهم الوزير الحالي، متهمين إياهم بإساءة استخدام المنصب خلال فترة وقوع الجرائم. من بين المتهمين الوزير السابق محمد مؤذن أوغلو، الذي يمتلك مستشفى خاصاً ضمن المستشفيات التي تم إغلاقها لاحقاً.

رفض البرلمان فتح نقاش حول القضية

على الرغم من الضغوط المتزايدة، رفض البرلمان التركي اقتراحاً بفتح نقاش عام حول القضية، وهو ما أثار انتقادات من جانب المعارضة التي اعتبرت القرار محاولة لطمس الحقائق وحماية المتورطين.

وزير الصحة التركي كشف أن التحقيقات بدأت بعد شكوى سيدة تركية في مايو/أيار 2023 (الأناضول)

تحقيقات واسعة لكشف ملابسات القضية

أكد وزير الصحة التركي كمال مميش أوغلو أن وزارته اتخذت جميع الإجراءات القانونية اللازمة لكشف ملابسات “قضية شبكة حديثي الولادة”. وذكر أن التحقيقات بدأت بعد تلقي شكوى من سيدة تركية في مايو/أيار 2023، حيث انتقلت الوزارة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية لفتح تحقيق سري في الأمر.

وأوضح مميش أوغلو أنه بعد دراسة الشكاوى، تم إدراك عدم كفاية الأساليب الرقابية التقليدية، مما دفعهم إلى التواصل مع مديرية أمن إسطنبول لفتح تحقيق قضائي رسمي.

ونفى أي تقصير من قبل الوزارة في الرقابة على المنشآت الصحية، موضحاً أن الفرق التفتيشية التابعة لها أجرت أكثر من 54 ألف عملية تفتيش خلال عام 2024، والتي أسفرت عن إغلاق بعض المنشآت وفرض غرامات قانونية.

وأكد الوزير أيضاً أن المنشآت الصحية تخضع للتفتيش الدوري مرة على الأقل سنوياً، مشيراً إلى أن التنسيق بين الوزارة والأجهزة الأمنية حقق نتائج ملموسة في تفكيك الشبكة وكشف ممارساتها غير القانونية.

المصدر: الجزيرة

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version