محب الدين الخطيب: رمز العقل الشرعي المؤسسي الفريد

By العربية الآن



محب الدين الخطيب.. العقل الشرعي المؤسسي الفذ

محب الدين الخطيب أرشيفية - aswatonline.com
محب الدين الخطيب (1886-1969) أديب وكاتب وصحفي ومحقق وناشر وداعية سوري (أرشيفية، مواقع التواصل)

يمثل محب الدين الخطيب أحد الشخصيات الهامة في التاريخ الإسلامي العصري، فقد نشأ في حي القيمرية بدمشق، وينتمي لعائلة “الخطيب” المشهورة بخطابة جامع بني أمية. وهو ابن الشيخ “أبو الفتح الخطيب” الذي كان أميناً لمكتبة دار الكتب الظاهرية، حيث يعتبر مركزاً للباحثين في التراث الإسلامي بشام.

ينتمي محب الدين إلى المدرسة السلفية الدمشقية التي تعد امتداداً للسلفية الإصلاحية التي أسسها الشيخ محمد عبده، وكان الشيخ محمد رشيد رضا من أبرز روادها. كما كان محب الدين يعتبر الابن الروحي للشيخ طاهر الجزائري الذي يلقب بالأب الفعلي لهذا التيار، وقد اتبع توجيهاته واستفاد من فكره، حيث قال محب الدين: “من هذا الشيخ الحكيم عرفت عروبتي وإسلامي”.

فكرته المؤسسية

حديثنا عن محب الدين الخطيب يمتد لمجالات عدة، لكنني سأركز في هذه المقالة على نقطة تميزه عن باقي العلماء في عصره، وهي عقليته المؤسسية التي كانت حاضرة في جميع الأماكن التي زارها، بعكس الغالبية العظمى من العلماء والدعاة الذين كانوا محورهم شخصي. لقد أظهر محب الدين فكراً سبق عصره، حيث حرص على الإعلام وتأثيره، مما جعله شخصية مؤثرة في فترة عصيبة من تاريخ الأمة الإسلامية.

جمعية النهضة العربية

عند انتقال محب الدين الخطيب إلى الأستانة عاصمة الدولة العثمانية للدراسة في كليتي الآداب والحقوق، تفاجأ بحال الطلاب العرب، الذين تأثروا بالثقافة التركية وأهملوا العربية. فقرر وهو في بداية تعليمه تأسيس “جمعية النهضة العربية”، حيث اختار أحد المقاهي في إسطنبول ليكون مقرا للاجتماعات الدورية لأبناء الجالية العربية، مما أدى لضغط من السلطات التركية عليه، فاضطر للعودة إلى دمشق، وتحذيره بضرورة عدم العودة للأستانة.

جمعية الشورى العثمانية

بعد عودته إلى دمشق، حصل على فرصة عمل في ميناء الحديدة باليمن، حيث مر بالقاهرة للقاء الشيخ رشيد رضا الذي نصحه بتأسيس “جمعية الشورى العثمانية” للدعوة إلى تفعيل الحياة النيابية. وبالفعل، أسس محب الدين فرعاً لها في اليمن، بالإضافة إلى “جمعية النهضة العربية”.

وقد ميز محب الدين الخطيب بين نوعين من الأعضاء، حيث انضم العرب الساعين للنهضة إلى جمعية النهضة العربية، بينما انضم الموظفون والضباط المهتمون بالحرية إلى جمعية الشورى العثمانية. ومع مرور الوقت، وقع محب الدين في شَرَك “جمعية الاتحاد والترقي”، مما أدى إلى مواجهة بينه وبين الشيخ رشيد رضا، الذي كان معارضاً لفكرة الانضمام، وأدى ذلك لتوتر علاقاته مع الاتحاد بعد اكتشافه دورهم في هدم الدولة العثمانية.

جمعيات وأحزاب معارضة للسلطة العثمانية

ساهم محب الدين مع عدد من الشباب السوريين في إنشاء “الحزب العثماني للامركزية الإدارية”، وقد تم اختياره مساعداً للسكرتير العام. لكن طموحاته كانت أكبر، فانضم إلى “جمعية العربية الفتاة” وتم اختياره كمعتمد فيها. وفي رحلة له إلى الكويت، اعتقلته السلطات البريطانية بسبب ميوله الإسلامية، لكنه أطلق سراحه وغادر إلى القاهرة، متجاوزاً عقوبة الإعدام التي صدرت بحقه.

من المهم أن نوضح أن محب الدين لم يكن يسعى للانفصال عن الدولة العثمانية، كما أوضح بقوله: “إنني أقر بكل صدق بأني وجميع من تعاونت معهم لم يخطر على بالنا الانفصال عن الدولة العثمانية”.

جمعية الشبان المسلمين

تأسست “جمعية الشبان المسلمين” عام 1927، وكانت فكرة محب الدين الخطيب، حيث تولى منصب أمين السر فيها حين تأسست. كان حريصاً على تأسيس المؤسسات والعمل على تعزيزها في كل مدينه ينطلق إليها، وقد وصفه العلامة القرضاوي كمن يسير في مقدمة الصفوف في الكفاح الإسلامي.

كما أن له مبادرات ريادية في مجال الإعلام، والتي سيتم تناولها بإذن الله في مقال قادم.

المصدر : الجزيرة



رابط المصدر

أضف تعليق

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Exit mobile version