محكمة يابانية تأمر ببراءة ملاكم سابق بعد 58 عامًا من الإدانة
طوكيو (AP) – أصدرت محكمة يابانية يوم الخميس حكمًا ببراءة الملاكم السابق إواو هاكامادا (88 عامًا) في قضية قتل رباعية تعود إلى عام 1966، مما عكس قرارًا سابقًا جعله أطول سجين محكوم عليه بالإعدام في العالم.
قرارات توضح فشل الأدلة
صنفته محكمة شيزوكا الجزئية كمدان غير مذنب، ليصبح الخامس في عدد المحكومين بالإعدام الذين تم العثور على براءتهم في محاكمات إعادة. الأمر الذي قد يثير الجدل مجددًا حول إلغاء عقوبة الإعدام في اليابان.
وصرحت القاضية كوشي كوني، أن المحكمة أقرت بوجود العديد من التلاعبات في الأدلة وأن هاكامادا لم يكن هو الجاني، بحسب ما أفاد محاميه.
فرحة العائلة بعد صراع دام 58 عامًا
بعد إلقاء القاضي لشرح مفصل لمدة ساعتين حول الحكم، خرجت شقيقة هاكامادا، هيديكا (91 عامًا)، من قاعة المحكمة مبتسمة، وسط تشجيعات كبيرة ومجموعتين من الزهور احتفالاً ببراءة شقيقها بعد صراع قانوني استمر لأكثر من 58 عامًا.
وقالت هيديكا: “شكرًا لكم جميعًا، (النصر) هو بفضل دعمكم. أشكركم جزيلًا على دعمكم لنا طوال هذه الفترة الطويلة”.
إدانته السابقة
حُكم على هاكامادا بالإعدام عام 1968 بتهمة قتل مدير شركة وثلاثة من أفراد عائلته وإضرام النيران في منزلهم الواقع في وسط اليابان. ورغم الحكم، لم يتم تنفيذ العقوبة بسبب الاستئنافات المطولة وإجراءات إعادة المحاكمة في نظام العدالة الجنائية الياباني المعروف ببطئه، حيث تصل نسبة الإدانات إلى 99%.
سجين يُسجل اسمه في التاريخ
قضى هاكامادا 48 عامًا خلف القضبان، بما في ذلك أكثر من 45 عامًا كرجل محكوم عليه بالإعدام، مما يجعله السجين الأطول بقاءً في العالم، وفقًا لمنظمة العفو الدولية.# حكم جديد في قضية هاكامادا: هل تقترب البراءة بعد عقود من المعاناة؟
استغرق الأمر 27 عاماً حتى ترفض المحكمة العليا في اليابان أول طلب استئناف لإعادة المحاكمة. قدمت شقيقة هاكامادا طلباً ثانياً لإعادة المحاكمة في عام 2008. تم الإفراج عن هاكامادا من السجن في عام 2014 عندما أمرت المحكمة بإعادة المحاكمة استناداً إلى أدلة تشير إلى أن إدانته كانت قائمة على اتهامات مزيفة من قبل المحققين، لكنه لم يُبرّأ بعد من التهمة. سُمح له بالانتظار في منزله بسبب صحته الهشة وعمره المتقدم الذي يجعله شخصاً ذا خطر منخفض للهروب. ثم، في عام 2023، حكمت المحكمة أخيراً لصالحه، مما مهد الطريق لبدء إعادة المحاكمة في أكتوبر.
رسالة من قلب المحنة
كتب هاكامادا في رسالة إلى والدته أثناء محاكمته في عام 1967: “ليس لي أي علاقة بالقضية … أنا بريء”. وأعرب عن أسفه لإزعاج الأسرة والأقارب، لكنه أكد ثقته في إثبات براءته. بعد صدور حكم الإعدام، عبر عن خوفه من الموت واعتزازه بالاتهامات الكاذبة.
وفي إحدى رسائله، قال: “عندما أذهب للنوم كل ليلة في زنزانتي الانفرادية، أحياناً لا أستطيع إلا أن ألعن الله. لم أرتكب أي شيء خاطئ. يا له من عمل بارد القلب أن يُعطى لي هكذا قسوة. نحن لا نحتاج إلى مثل هذا الإله”.
آثار الاحتجاز الطويل على الصحة النفسية
تأثر تأييد هاكامادا بوجوده في السجن لمدة تقارب نصف قرن على صحته العقلية. تقول شقيقته إنه في أول شهرين بعد إطلاق سراحه، ظل يتجول داخل الشقة دون محاولة الخروج. قضى هاكامادا معظم 48 عاماً في العزل خوفًا من الإعدام.
في إحدى الأيام، طلبت شقيقته منه مساعدتها في شراء المستلزمات مما جعله يوافق على الخروج من المنزل. أصبح الخروج للمشي جزءاً من روتينه اليومي، ومع مرور الوقت، أصبح الآن أقل قدرة على الحركة ويخرج برفقة داعميه باستخدام السيارة.
المطالبات بالعقوبة القصوى تثير الجدل
في جلسة الاستماع النهائية في محكمة شيزوكوا في مايو قبل قرار الخميس، طالب المدعي العام مرة أخرى بعقوبة الإعدام، مما أدى إلى انتقادات من جماعات حقوق الإنسان التي اعتبرت أن المدعين يحاولون إطالة أمد المحاكمة.
كما دعا خبراء القانون إلى مراجعة نظام إعادة المحاكمات، مشيرين إلى العقبات العالية جداً التي تواجهها.
تناقضات في الأدلة المقدمة
خلال التحقيق بعد اعتقاله، أنكر هاكامادا في البداية الاتهامات، ثم اعترف. وأكد في وقت لاحق أنه تعرض للضغط للاعتراف تحت استجواب عنيف من الشرطة. كانت قضية محورية تتعلق بخمسة ملابس ملطخة بالدماء زعم المحققون أن هاكامادا ارتداها أثناء الجريمة.
اكتشفت الملابس بعد أكثر من عام على اعتقاله. في عام 2023، اعترفت محكمة طوكيو العليا بالتجارب العلمية التي أثبتت أن الملابس المنقوعة في ميسو لأكثر من عام تتحول للون داكن بحيث لا يمكن اكتشاف بقع الدم، مما يشير إلى إمكانية وجود تلاعب من قبل المحققين.
كما أشار محامو الدفاع إلى أن عينات الدم لم تتطابق مع الحمض النووي لهاكامادا، وأن السراويل التي قدمها المدعي كدليل كانت صغيرة جداً ولم تناسبه.
قرار المحكمة ودعوات لإغلاق القضية
ختاماً، توصل قاضي محكمة شيزوكوا يوم الخميس إلى أن الملابس المنقوعة في ميسو لأكثر من عام لن تظهر بقع دم حمراء، حيث أيد التجارب التي قدمها محامو الدفاع واصفاً ذلك بأنه “تحقيق غير إنساني” أدى إلى اعترافات قسرية.
أشاد أوغاوا، محامي هاكامادا، بالحكم بوصفه “سابقة”، مؤكداً أنه يُظهر بوضوح أن الادعاء قام بتزوير أدلة أساسية في البداية. وأضاف: “أعتقد أن هذا الحكم يضع حداً لهذه القضية. الآن يجب علينا منع المدعين من الاستئناف بأي ثمن”.
مخطط المحامي هو تقديم طلب للمدعين العامين لعدم استئناف القضية، رغم أنها تظل بشكل تقني ممكنة.
تحتفظ اليابان والولايات المتحدة بوجود عقوبة الإعدام بين دول مجموعة السبع. أظهرت دراسة حكومية أن الغالبية العظمى من الجمهور في اليابان تؤيد تنفيذ الإعدامات. تُنفذ الإعدامات في سرية في اليابان ولا يُبلغ السجناء بمصيرهم إلا في صباح اليوم المحدد لإعدامهم.
كرست هيديكو هاكامادا حوالي نصف حياتها لكسب براءة شقيقها. قبل حكم يوم الخميس، قالت إنها في صراع لا نهاية له: “من الصعب جداً بدء إعادة المحاكمة. ليس فقط إواو، بل أنا متأكدة من أن هناك أشخاص آخرين تم اتهامهم بشكل خاطئ.”